حازم الزميلي يكتب: من العالم.. هنا شيرين 

 حازم الزميلي
حازم الزميلي

كنا صغاراً،، فكبرنا معها يصارعنا الحلم الذي نحتفظ به في قلوبنا، سرنا في درب الألم الطويل بلا تردد نهجاً وقناعة، فالهدف كبيرٌ والوسيلة كل ما نملك حتى أرواحنا من أجل الحقيقة التي لا جدال فيها، مهما تعالت أصوات القصف ووقائع المعارك وجبهات خطوط النار، كانت شيرين بمهنيتها وهدوئها ورصانتها، مقنعةً في روايتها، صادقة في مشاعرها تصل من القلب إلى القلب دون حاجز يمنع الكلمة من التفاعل في عقل ووجدان كل من كان يتابعها.. فكانت قِبلةً يقصدُها من أراد أن يكون صحفيًّا/ إنسانًا..

هل وئدت الحقيقة بالاغتيال أوالتغييب تحت القوة القاهرة؟!، ،وهل يمكن تغييبُ صوت الحق بقتل صاحبه؟ تساولاتٌ تسقط أمام هذا الجرم الملطخ بالدم، بل يقف خجولًا بخزيٍ وذلٍّ كلّ ما دون الحق! 
بأمانة ونزاهة وتفاني حملت شيرين الكلمة رغم ثقلها متحديةً  المحتل، متسلحةً بإيمانها المطلق بصدق رواية شعبها، مجارية الحياة بروحها الطليقة متنقلة من مدينة محاصرة إلى أخرى هجرها أصحابها قهرا قبل ٧٤ عاما، لتروي حكايات أهلها المضمخة بشتى أنواع العذاب، لتفتح شيرين أبواب أنفتها بكل إباءٍ وقوة .. لتقول للعالم أجمع أنا هنا لأصيب كبد الحقيقة بروحي. 

النهاية لم تكتب فصولها بمواراة جثمان الزميلة المقدامة الثرى وحملها على الأكتاف،، مروراً بطريق الآلام في القدس، ومحاولة المحتل إسقاط نعشها الشامخ فوق أكتاف الغاضبين العزّل،، لا يملكون سوى حبّهم لشيرين القضية،، وقد اختلطت حناجرهم بحزنهم لتدوي هتافاتُ التحدي وزغاريدُ الشهادة في زفاف عروس القدس والدنيا، وانتصارها الصموديّ الأسطوريّ أمام جبروتِ محتلٍ يهزه علم فلسطين والحقيقة. 

شيرين يا وجه القضية،، ربع قرن من رسالتك السامية لم تكن كافية يا شهيدتنا، سنفتقدك ونلعن الرصاصة الغادرة التي قتلتك ما حيينا، ستبقين في قلوبنا، ومدرستك الاستثنائية ستظل حاضرة في ذاكرة جيلٍ بأكمله نشأ على أيقونتك، عزاؤنا أن الدنيا كلها ودعتك، وداعا يليق بمنازل الشهداء الأبطال.

كتب:  حازم الزميلي  - إعلامي فلسطيني