تسريبات الاختيار٣.. فضحت الوجه الاجرامي للجماعة الارهابية

تسريبات الاختيار ٣
تسريبات الاختيار ٣

 كتبت: عمرو فاروق

كشفت التسريبات التي تضمنتها حلقات الجزء الثالث من  مسلسل «الاختيار»، الكثير من الحقائق التي لم تكن معلومة للرأي العام، وأسقطت النقاب عن الوجه الحقيقي لجماعة الإخوان ومشروعها في السيطرة على الدولة المصرية، وتحويلها لكيان تابع للتنظيم الدولي  في إطار تطبيق استراتيجية «استاذية العالم»، التي وضعها حسن البنا، وبناء دولة الخلافة الكبرى.


كان النموذج الإيراني الأقرب لجماعة الإخوان في تطبيق مفاهيم وآليات الدولة الدينية، ومساعيها في السيطرة على القوى السياسية ومؤسسات الدولة، وتفكيك مقومات الدولة الوطنية لصالح الأممية الأصولية، وإحكام قبضتها على الشارع المصري تحت لافتة تطبيق الشريعة، لم تقترب جماعة الإخوان الإرهابية من النموذج التركي، باعتبار أن مبادئها التي صاغها حسن البنا وسيد قطب، لاتتفق مع مفاهيم الإسلام الليبرالي، لا سيما نظريات الحاكمية وجاهلية المجتمع وتوظيف القوة لبناء الدولة، ومن ثم استعانت بشكل مباشر بالحرس الثوري الإيراني في تمرير أجندتها في الداخل المصري.

 


اعترفت وكالة «تسنيم» التابعة للحرس الإيراني، عن تفاصيل مخطط توسعي تحدث عنه قاسم سليماني عام 2011، حول التحالف مع جماعة قيادات الإخوان بهدف التوغل الإيراني في مصر، مؤكدًا أن طهران دعمت وصول الإخوان للسلطة، وأن ثورة 25 يناير 2011، مهدت الطريق بشكل كامل للوجود الإيراني في مصر، عبر جماعة الإخوان الحليف الاستراتيجى للنظام الإيران.

 

كان قاسم سليماني زار مصر سرًا عام 2013، منتحلا صفة سائح إيراني وبجواز سفر مزور، والتقى بقيادات الإخوان في عدة أماكن، وأجرى مباحثات مع عصام الحداد، مستشار المعزول محمد مرسي للشؤون الخارجية ومسؤولين من جماعة الإخوان الإرهابية، منهم خيرت الشاطر، وأن اللقاءات تمت في مدينة نصر ومنطقة التجمع شرق القاهرة، والأقصر بصعيد مصر، بغية تكوين جهازَيْن أمني واستخباري خاصَّيْن بالإخوان، يكونان منفصلَيْن عن أجهزة الدولة في مصر، وفقًا لما كشفته صحيفة «التايمز» البريطانية.

اعترافات وكالة «تسنيم» التابعة للحرس الإيراني، من دعم طهران لجماعة الإخوان، لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبقها، تصريحات رسمية كشفها أمير حسين عبد اللهيان، المساعد الخاص لرئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية، في فبراير 2020، خلال مؤتمر تحت عنوان «دور سليماني في أمن واستقرار المنطقة والعالم»:- عن لقاءات أجراها مع وفد أرسله الرئيس الإخواني المعزول، محمد مرسي، إلى طهران، لفتح العلاقات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية، فضلًا عن الاستعانة بالحرس الثوري في تشكيل كيان أمني إخواني يدين بالولاء للتنظيم لتعزيز قبضته على السلطة.

 

حالة التطبيع الديني والسياسي مع طهران كانت واضحة خلال تصدر الإخوان للمشهد السياسي في مصر، فقد كشف الدكتور عبد الله النفيسي، القيادي السابق بجماعة الإخوان؛ أن وزير خارجية إيران على أكبر صالحي، عرض صفقة على قيادات مكتب الإرشاد، تضمنت دفع إيران 30 مليار دولار، في حال فتح سفارة للقاهرة في طهران، مقابل فتح سفارة لإيران في القاهرة، إضافة لـ 5 ملايين سائح إيراني بهدف انعاش السياحة المصرية، إضافة لتطوير المصانع المصرية المتوقفة بيد خبراء فنيين مُتخصصين تابعين للحرس الثوري، وإعادة تشغيلها مرة أخرى حتى تعبُر مصر أزمتها الاقتصادية.


وأوضح النفيسي؛ أن الصفقة تضمنت شرطًا آخر تمثل في تسليم جميع المساجد التي بناها الفاطميون في مصر في العهد الفاطمي، للدولة الإيرانية، لترميمها وإدارتها بشكل مستقل، والموافقة على إصدار صحيفتين، يتم تمويلهما ليُصبِحا ناطقتين باسم النظام الملالي في القاهرة، والموافقة على إلحاق 200 ألف طالب مصري للدراسة في طهران سنويًا وبصفة دورية.

 

كانت إيران الملاذ الأول لجماعة الإخوان في تأسيس كيان أمني يحمي مشروعها، ويدين لها بالولاء، ليكون بديلًا عن الأجهزة الأمنية التي فشلت في تطويعها لأهدافها الخاصة التي لا تعترف بضروريات الأمن القومي المصري، إذ أكد المستشار عزت خميس، رئيس لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان، في 24 يناير من العام 2016 ، أن إيران وبموافقة الإخوان حاولت التقارب مع مصر عن طريق ضخ نحو 10 مليارات دولار إلى البنك المركزي المصري كوديعة، وإمداد القاهرة بالمواد البترولية، كما عثر على مستندات بمقر جماعة الإخوان تفيد بإنشاء جهاز أمني إخواني غير معلن هويته الحقيقية تابع لرئاسة الجمهورية وبمساعدة إيرانية.


لم تكن تهديدات المعزول مرسي التي وجهت إلى المشير محمد حسين طنطاوي، وتمت إذاعتها عبر الجزء الثالث من مسلسل «الاختيار»، سوى رسالة رسمية من قبل قيادات مكتب الإرشاد، التي أعدت مشروعًا جاهزًا لتحزيم القاهرة بقواعد تنظيمية مسلحة تنتظر الضوء الأخضر لإحراق القاهرة، في حال عدم تمكنهم من الوصول إلى رأس الدولة المصرية، تهديدات الإخوان للقيادة العسكرية في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ الدولة المصرية، جاءت بناء على تشابكاتهم ودعمهم من قبل  إدارة أوباما التي مهددت لسيناريوهات الربيع العربي، وتصعيد الجماعة إلى قمة المشهد السياسي في المنقطة العربية، وبناء الشرق الأوسط الجديد.

 

شهد الشارع المصري، في يونيو 2012، حالة من الاستقطاب على المستوى السياسي والديني، بين جماعة الإخوان وقواعدها التي تغلغلت في مفاصل مؤسسات الدولة ووظفت الدين من أجل الوصول للسلطة، وبين قطاع عريض من رجال الأعمال المواليين للحزب الوطني، الذين امتلكوا من الخبرة الطويلة ما يمكنهم من حسم المعركة لصالح الفريق أحمد شفيق.

 

مارس الإخوان ضغوطًا على قيادات المجلس العسكري حينها، تلويحًا بإشعال وتيرة الاقتتال الداخلي والدفع بالدولة المصربة تجاه الحرب الأهلية، مالم يتم حسم نتيجة الانتخابات لصالحهم، لا سيما في ظل تيقنهم من رفص المصريين لدخولهم تحت عباءتهم وتمرير تحويل مصر إلى دولة دينية، لا شك أن التسجيلات المسربة وثقت دور القوات المسلحة في الحفاظ على الدولة المصرية ومقدراتها، وحماية من مخطط الانجراف ناحية الاقتتال الداخلي، على يد جماعة الإخوان في حال عدم تمكينهم من سلطة الدولة المصرية.

 

في ظل حالة السيولة الأمنية والسياسة عقب سقوط نظام مبارك، تمكن الإخوان من إدخال كميات كبيرة من الأسلحة الإيرانية، بناء على تفاهمات قوية بين الطرفين، في ظل الاتفاق على تفكيك المنظومة الأمنية والعسكرية وإعادة صياغتها بما يضمن بقاء واستمرار الجماعة في الحكم، على غرار وحدات الحرس الثوري الإيراني.
تسريبات الإخوان من خلال أعمال فنية بين الجانب الروائي والجانب الوثائقي، قطع الطريق على الإخوان في تزييف الحقائق وتزويرها لتصدير حالة «المظلومية التاريخية»، في إطار صراعهم من الأنظمة السياسية الحاكمة.

 

جماعة الإخوان في إطار مرحلة التمكين طبقت المنهجية العملية لأدبيات وأفكار سيد قطب وحسن البنا، فيما عرف بضرورة استخدام القوة لبناء الدولة  التي طرحها سيد قطب في كتابه «معالم في الطريق»، أو القوة المؤجلة التي صاغها في رسالة المؤتمر الخامس، حاولت جماعة الإخوان الإرهابية وضع المؤسسة الأمنية في مواجهة مباشرة مع الشارع المصري، تكريسًا لأهدافهم في تفكيكها واستبدالها، بعناصر إخوانية وتطويعها لخدمة مشروع التنظيم الدولي.

 

عملت جماعة الإخوان على تهميش الدوائر القبطية المصرية على اعتبار أنهم مواطنين من الدرجة الثانية في ظل الدولة الدينية الجديدة التي يتم التخطيط لها، ومن ثم تجاهل تنصيب البابا تواضروس، فضلا عن محاولة تحييد بعضهم تجاه مشروع الجماعة في إطار مرحلة التمكين ومغازلة الغرب عن طريق حقوق الأقباط واحتوائهم.
منذ سقوط نظام الرئيس مبارك، وتصدر الإخوان للمشهد السياسي، وضعت الجماعة أجندة من الأهداف التي اتفقت كلية من وثيقة «فتح مصر»، أو مشروع «التمكين»، الذي تم ضبطه في إحدى الشركات المملوكة لخيرت الشاطر، وكان على رأس هذه الأهداف السيطرة على المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية، وتفكيكها لصالح كيانات جديدة تدين بالولاء التنظيمي للجماعة، والهيمنة على المؤسسات الدينية مثل الأوقاف المصرية ودار الافتاء، والأزهر الشريف الذي يتمتع بثقل في أوساط النخب الإسلامية عربيًا ودوليًا، وتحويله لمنبر ترويجي لفكر وأدبيات حسن البنا وسيد قطب.

 

لم تغفل جماعة الإخوان التعامل مع القوى الإسلامية الأخرى من الجماعة الإسلامية وبقايا تنظيمات الجهاد، والتيارات السلفية، التي عملت على احتوائهم في تجمعات وكيانات خاضعة لسيطرتها مثل «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح»، و»مجلس شورى علماء المسلمين»، كماوضعت جماعة الإخوان في قائمة أولوياتها التغلغل في الجهاز الإداري للدولة، في إطار تنفيذ مرحلة «التمكين»، أو ما عرف بـ»أخونة الدولة»، من خلال تعيين عناصرها في المؤسسات الحيوية والهامة سعيًا في تطويعها وتحويلها لكيانات تابعة بشكل مباشر لهيمنة وقرارت مكتب الإرشاد.

 

قيادات جماعة الإخوان في تعاملهم مع مختلف الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لم يكونوا «رجال دولة»، ومن ثم فشلوا في الانتقال من «فقه التنظيم» إلى «فقه الدولة»،  وبالتالي كان الفشل حتمي منذ وصولهم لسدة الحكم في مصر، منذ وصول سقوط نظام الرئيس مبارك، أخذت فكرة السيطرة على القوى السياسية، وإخضاعها حيزًا كبيرًا من اهتمام وتفكير قيادات الإخوان، وفي مقدمتهم خيرت الشاطر، باعتباره العقل المدبر والمهيمن على مقاليد وسلطة التنظيم، سعيًا في تحويل مكتب الإرشاد إلى قبلة للحج ومقصدًا للتودد والتقارب من الجماعة وقياداتها.


كانت البداية بتحويل الدور الأخير لمكتب الإرشاد بالمقطم إلى غرفة مجهزة بأحدث أجهزة التنصت، التي دخلت إلى البلاد عن طريق إحدى شركات الاستيراد والتصدير المملوكة لنائب المرشد خيرت الشاطر، بهدف مراقبة هواتف رموز النخبة السياسية المصرية وابتزازهم، والتحكم في سلوك منافسيهم وخصومهم، بما يضمن عدم تعثر أهداف الجماعة ومشروعها.

 

صناعة كيان للتنصت على خصوم الإخوان، كانت مبرراته تكمن في ضرورة إيجاد مؤسسات تتبع وتعمل على حماية مصالحها وأمنها الداخلي، في ظل حالة السيولة المتزايدة في تلك المرحلة، مع التيقن التام من صعوبة استجابة مؤسسات الأجهزة الأمنية التنفيذية للقيام بهذا الدور من أجل الجماعة ومشروعها، لا يمكن تجاهل التصريحات التي أطلقتها قيادات إخوانية خلال تولي المعزول مرسي الرئاسة المصرية، مثل خيرت الشاطر وعصام العريان، عن تهديدهما للقوى السياسية بامتلاك الجماعة تسجيلات صوتية وفيديوهات ضدهم، ما يمثل اعترافًا ضمنيًا بتجسسهم  على معارضيهم.

 

عملية التنصت تأتي في إطار تنفيذ إجرامهم، الذي انقسم آلية عمله إلى قسم «المعلومات الخارجية»، ويستهدف متابعة مختلف المؤسسات العاملة في النطاق المصري، سواء الحكومية أو الخاصة، أو التابعة لمكوّنات الإسلام الحركي والجماعات الإسلامية، بما فيها الجماعة الإسلامية وتنظيمات الجهاد، وجمعية أنصار السنّة والجمعية الشرعية، وجماعة التبليغ والدعوة، وتيارات السلفية الحركية التي تزعمها الشيخ فوز السعيد والشيخ سيد العربي، فضلاً عن مدرسة إسكندرية التي يمثلها الشيخ إسماعيل المقدم، وياسر برهامي، وذراعها السياسية «حزب النور».