«العيد جه..عاوزين العيدية».. لمة رمضان وفرحة العيد بريشة فنانى الكاريكاتير

للفنانة مروة إبراهيم
للفنانة مروة إبراهيم

كتبت: منى عبد الكريم

مع حلول الأعياد، وتلك البهجة المصاحبة لها بشراء الحلوى والبالونات الملونة والملابس الجديدة، تنطلق صيحات الأطفال والزوجات مطالبين الأب بالعيدية، الذى يجد نفسه فى موقف لا يحسد عليه أمام ازدياد متطلبات الحياة ورغبته فى إسعاد صغاره من جهة .

 

ذلك المشهد المتكرر الذى يخلق العديد من المواقف الطريفة داخل البيوت المصرية، كان أحد الموضوعات التى تناولتها الفنانة أمانى هاشم فى أكثر من عمل من أعمالها الكاريكاتيرية، لاسيما حين تصور الأب وهو يختبئ فوق الدولاب هربا من جيش من الصغار مطالبين بالعيدية، أو حين تجلس الأم حاملة صف من الأبناء فوق رقبتها بينما تجلس فوق بطن الأب الذى يبدو جاحظ العينين لا يجد لنفسه مهربا.

 

 


كثير من تلك الرسومات تم عرضها بمعرض «ألوان مرحة» الذى استضافته قاعة إيزيس بمركز محمود مختار الثقافى منذ فترة غير بعيدة، ومن لقطة لأخرى، وموقف طريف لآخر تنوعت الأعمال التى تناولها المعرض الذى أقيم بمشاركة أربعة من فنانى الكاريكاتير وهم فوزى مرسى، وخالد المرصفى، ومروة إبراهيم، وأمانى هاشم، وضم  ما يقرب من 80 عملا كاريكاتيريا . 


وبخلاف تلك الأعمال التى تناولت فكرة العيدية، سجلت هاشم عددا من اللقطات الطريفة التى لها علاقة بالعيد ولكن تلك المرة باستخدام أبطال من الحيوانات المرحة، ففى أحد أعمالها تصور الفنانة فيلة ترتدى فستان لطيف لونه بمبى ترفض أن تتناول كحك العيد الذى يقدمه لها الفيل على صينية لتقول له «بلاش كحك علشان الريجيم» ، وفى لقطة أخرى يرقص الخروف مبتهجا وهو يقول لصديقه «طلع عيد الكحك مش عيد اللحمة».


وعلى الرغم من طرافة الأعمال المقدمة وخفة دمها، وكذلك تلك البهجة التى ساهم فيها  توظيف الألوان الزاهية  التى تميزت بها كثير من الأعمال الفنية ، فإن عددا كبيرا منها قد ناقش مجموعة من  القضايا المهمة بذكاء لافت، ففى عمل للفنانة الشابة مروة إبراهيم يبدو وأن التاب يقدم التفاحة للكتاب الورقى الذى صورته على شكل سنوايت، فى لقطة ربطت فيها بين قصة الأطفال الشهيرة سنوايت وزوجة أبيها الشريرة التى أرادت التخلص منها فدست لها السم بالتفاحة، وبين طغيان التكنولوجيا وتراجع معدلات القراءة، وفى لوحة أخرى صورت الفنانة محمد صلاح وهو يمتطى المقشة  السحرية الطائرة ويحمل فى يده العصا السحرية التى جعل من خلالها الكرة تطير ولها أجنحة.. وغير ذلك من الأعمال التى احتفت من خلالها بشخصيات محبوبة مثل تشارلى تشابلن وفطوطة أو مناسبات ومواسم ومنها عيد الفطر ورمضان والمولد النبوى وغير ذلك.


كذلك ناقش الفنان خالد المرصفى من خلال أعماله قضايا مهمة مثل تأثير عدم تحديد النسل على الأسرة، وكذلك انتشار السيلفى بصورة كبيرة وسيطرة التكنولوجيا على حياة الأفراد، وهو فى ذلك دائما ما يوظف أبطالا من الحيوانات ليقول من خلالهم رأيه فى كثير من تلك القضايا.


لكن جانب آخر مما لفت الانتباه فى هذا المعرض كونه خرج ليقدم الدعوة لجمهور جديد بخلاف النخبة المعتادة لزيارة معارض الفن التشكيلى وكذلك معارض الكاريكاتير، إذ خرج المعرض بدعوة موجهة تحديدا للأطفال، حيث يقول فوزى مرسى منسق المعرض وأحد الفنانين المشاركين بالمعرض: كثير من الأعمال التى تم اختيارها تصور مجموعة من الحيوانات تجمعهم مواقف طريفة، وهو ما يثير خيال الطفل ويخاطب وجدانه وعقله ويساهم فى توصيل رسائل غير مباشرة إليه بطريقة لطيفة، ومن خلال طرح بصرى يجعله يشعر بالسعادة لا سيما حين يرى الحيوانات التى يحبها وهى تتحدث معا، وهو ما يساهم فى خلق جسور تواصل بينه وبين الفن ، مضيفا أن كثيرا من تلك الأعمال سبق وأن تم نشرها فى مجلات مخصصة للأطفال ومن بينها «قطر الندى» و«العربى الصغير» وغيرها من الصحف والمجلات .

 

 


وربما لم تكن تلك هى المرة الأولى التى يخاطب فيها فوزى الأطفال من خلال أحد معارضه فقد سبق وأن قدم تجربة مشابهة من خلال معرضه الفردى «عالم الحيوانات المرحة» الذى استضافه مركز طلعت حرب الثقافى بالسيدة نفيسة فى 2019، وذلك فى إطار احتفال مراكز الإبداع بوزارة الثقافة بيوم اليتيم. 


إذ يقول فوزى: شجعتنى نجاح الفكرة على تكرارها بمشاركة فنانين متميزين فى مجال الكاريكاتير لاسيما باختيار تلك الأعمال التى يمكن مخاطبة الأطفال من خلالها،  وأنا أتمنى أن تستمر الفكرة بوجود سلسلة من المعارض للطفل، وبدعوة عدد أكبر من الفنانين الذين رسموا للأطفال، على أن يصاحبها كذلك ورش رسم وغيرها من الفاعليات الموجهة للطفل، وربما نفكر فى تنظيم معرض بشكل أكبر خلال أعياد الطفولة القادمة.


لم يكن معرض «ألوان مرحة» هو معرض الكاريكاتير الوحيد الذى أقيم مؤخراً وتناول من خلاله الفنانون بهجة العيد وليالى رمضان وقدموا التحية لكثير من الشخصيات التى تركت بصمة فى مختلف المجالات التى ارتبطت بالشهر الكريم ، فخلال شهر رمضان  نظمت الجمعية المصرية للكاريكاتير، معرض «لمة رمضان»، الذى استضافه  أتيليه القاهرة وضم 60 عملاً كاريكاتيرياً، بمشاركة 38 فناناً، والجميل فى المعرض أنه جمع بين أعمال جيل الرواد والأساتذة وبين أعمال الشباب من فنانى الكاريكاتير، إذ حرص المنظمون على عرض عدد من أعمال الفنانين  صلاح جاهين، و جواد حجازى ومحمد عفت ومحمد حاكم وغيرهم من أساتذة هذا الفن .


يقول فوزى مرسى الذى قام كذلك بالتنسيق لهذا المعرض: تتناول الأعمال الكاريكاتيرية المبهجة التى تم انتقائها المواقف الساخرة المرتبطة بشهر رمضان المبارك، لنرى رمضان بعيون فنانين من أجيال الكاريكاتير المختلفة، بحيث نتعرف على كيف صور كل جيل شكل الحياة فى مصر وعلاقة الناس برمضان وطقوسه ونجومه، كما تضمن المعرض مجموعة من البورتريهات الكاريكاتيرية لشخصيات بارزة شاركوا بأعمال فنية ودينية للاحتفال برمضان لسنوات طويلة، ومن بينهم سيد مكاوى «المسحراتى» ، وعمار الشريعى، وفؤاد المهندس وغيرهم.


100 رسمة  كاريكاتير فى حب الجزويت 

الحقيقة أن معارض الكاريكاتير أصبحت فى الآونة الأخيرة من المعارض المتكررة على خريطة العروض التشكيلية لاسيما مع وجود نشاط مكثف لفنانى الجمعية المصرية للكاريكاتير، وكذلك من الفنانين المحبين لهذا الفن الذى يعبر بشكل كبير عن قضايا المجتمع المختلفة، ولذا كان واحدا من أهم المعارض التى أقيمت مؤخرا معرض «100 رسمة كاريكاتير فى حب الجزويت» الذى استضافته جمعية النهضة العلمية والثقافية جزويت القاهرة خلال شهر مارس الماضى،  والذى جاء بمبادرة فنية أطلقها الفنان عمرو سليم وبمشاركة الفنانين مخلوف، وعبد الله، ودعاء العدل ، ومحمد أنور، لصالح إعادة بناء مسرح الجزويت المحترق، حيث  أهدى كل فنان عشرين رسمة كاركاتير  من أعماله  ليخصص عائد بيع الأعمال لإعادة بناء المسرح.


يقول الفنان عمرو سليم : شعرت أن لابد أن يكون هناك دور للفنانين والمثقفين فى إعادة بناء مسرح الجزويت وأرى أننا جميعا معنيين بذلك، وأتمنى أن تصبح هذه المبادرة بمثابة الحجر الذى يحرك المياه الراكدة ، ويدفع الفنانين والمثقفين لمزيد من المبادرات والأنشطة لاستعادة المسرح سريعا  خوفا من أن ينسى ويظل على حالته تلك لفترة طويلة، ولذا قررنا أن يقام المعرض على أرض مسرح الجزويت نفسه.


وخلال ليلة الافتتاح قام الرسامون العارضون بتقديم اسكتشات حية أمام الجمهور ، بل تم تخصص اسكتشات بيضاء للرسامين وأخرى للجمهور للرسم معا، حيث يعلق سليم على ذلك قائلا : كانت تلك الفكرة بتشجيع الناس للرسم معنا لبث الروح والحياة فى المكان بتفاعل الجمهور ، وقد رسمت نفسى فى الرسمة الأولى رسمت كى أقول أننى ساهمت فى إعادة بناء مسرح الجزويت. 


وحول الأعمال المقدمة تقول الفنانة دعاء العدل: الأعمال المعروضة هى رسومات نشرت من قبل فى مناسبات مختلفة وتعبر عن موضوعات متنوعة، وقد اخترت مجموعة من أفضل رسوماتى من وجهة نظرى من حيث جودة الطباعة والتلوين  حتى يمكن لمقتنيها تعليقها فى البيوت، وربما كانت واحدة من الأعمال التى تم اختيارها للعرض كذلك تلك الرسمة التى أبدعتها العدل عندما احترق المسرح، وقد تم اختيار تلك الرسمة أيضا للطباعة على مجموعة من المجات التى تم بيعها فى المعرض كذلك، ومن الجدير بالذكر أن الفنانة دعاء العدل كثيرا ما تقوم أيضا بتصميم غلاف مجلة «الفيلم» التى تصدر عن جمعية النهضة العلمية والثقافية «جيزويت».


وحول مشاركة الفنانة دعاء العدل فى مبادرات شبيهة من خلال فن الكاريكاتير، تقول : شاركت من خلال الكاريكاتير فى العديد من الحملات المعنية بقضايا مختلفة لاسيما قضايا المرأة ومن بينها مبادرة «الولاية حقى»  التى تعمل عليها  المؤسسة المرأة والذاكرة، وهناك قضايا مثل الختان والتحرش وزواج القاصرات، وتعليم الإناث فى القرى، وأزمة الميراث فى الصعيد، وغير ذلك من القضايا التى يتم تبنيها من خلال حملات تنظمها جمعيات المجتمع المدنى،أما بالنسبة لمبادرة «100 رسمة فى حب الجزويت» فقد تحمسنا جميعا لمبادرة الفنان عمرو سليم ونتمنى أن يعود مسرح الجزويت  لسابق عهده فى أسرع وقت .

اقرأ ايضا | أصل العيدية واستقبال العيد.. تعرف على طقوسهما في العصور الإسلامية