صباح الجمعة

أرمنيوس المنياوي يكتب: ممنوع دخول الحريم 

أرمنيوس المنياوي
أرمنيوس المنياوي

رواية حقيقية حدثت من ثمانين سنة تقريبا وهي أن محكمة جنح الأزبكية كانت قد نظرت قضية أتهم فيها سائق سيارة كانت اسمها في ذلك الوقت لمن هم يعرفوا في ماركات السيارات ( أمينبوس) وليس أرمنيوس لئلا البعض تختلط عليه الأمور ويتصور أن الكاتب يعمل دعاية لنفسه، المهم أن السائق المتهم كان أسمه محمد محمد عبد العال والتهمة أنه صدم تلميذة في الثامنة من عمرها أثناء لعبها مع زميلة لها في شارع أبن الرشيد.
حضرت مع المتهم المحامية الشهيرة في ذلك الوقت ولعلها كانت أول إمرأة تسلك هذه المهنة وهي الأستاذة مفيدة عبد الرحمن وطلبت النيابة التأجيل لإعلان شهود الإثبات ولكن هذا الكلام لم يعجب الأستاذة مفيدة والتي طلبت الإكتفاء بما جاء في محضر التحقيق إذ ثبت من معاينة الظابط المحقق للحادث أن السيارة كانت تسير ببطء لاقترابها من محطتها وان التلميذة الضحية صدمت بالعجلة الخلفية أى أن السائق لم يرها وقت وقوع الحادث وبعد مناقشة بين المحكمة والنيابة والدفاع تقرر تأجيل القضية لجلسة أخرى لإعلان شهود الإثبات .
وكان الشيئ الظريف واللطيف أنه عندما حاولت الاستاذه مفيدة عبد الرحمن دخول قاعة المحكمة أثناء نظر القضية والجلوس في مقاعد المحامين منعها الحاجب قائلا : ممنوع دخول الحريم.
تذكرت تلك الواقعة القديمة عندما وجدت مقطع  لفيديو منتشر  على مواقع التواصل الإجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية وربما يكون موجود حتى الآن  لسيدة في الخمسينات من عمرها تحاول الاعتداء على فتاة في عمر الزهور  داخل إحدى عربات المترو - خط حلوان - بحجة أن هذه الفتاة المفترض ممنوع عليها ركوب المترو طالما ترتدي فستان نص كم وليست رأسها مغطاة ..ولولا الركاب الذين دافعوا عن الفتاة الصغيرة لكن حدث ما لم يحمد عقباه.
ومن قبل كانت تعرضت فتاة أخرى إلى أن قامت إحدى السيدات بحلق شعرها عنوة.
والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا بعد تكرار تلك الحوادث ؟ ونحن في دولة قانون وجمهورية جديدة فيها القانون هو السيد وهو الفيصل بين الناس ..وهل ما فعلته تلك السيدة على طريقة واقعة  حاجب المحكمة  منذ أكثر من ثمانية عقود يمكن أن نرى معه ممنوع وجود الحريم عديمي غطاء الرأس ؟ حقيقي نحن أمام مشهد لاينبغي أن يمر علينا مرور الكرام وينبغي أن مثل تلك الاسفاطات تعالج أول بأول قبل أن نرى لافتات الممنوعات قد طالت الجميع دون أن ندري ..ليس في المترو فقط ولكن في الطرقات والشوارع والمصالح الحكومية لابد من الضرب بيد من حديد على كل من يسيئ إلى سمعة الدولة المصرية .. الرئيس كرم المرأة وأزال الكثير من العراقيل من أمامها وصارت الحكومة المصرية بها العديد من الوزيرات الذين نفتخر بها ولعل تفعيل دور المجلس القومي صار أمرا حتميا لمطاردة هذه النماذج التي تريد العودة بالمرأة مجددا إلى عصور الظلام والاضمحلال ولا أرى فارقا كبيرة بين تلك النماذج والسيدة التي أسقت مأمور كرداسة الراحل مياه النار ..بل كلتاهن يتساوين في رد الفعل على المجتمع قاطبة