فى الصميم

لعبة التفاوض..ومأساة أوكرانيا!

جلال عارف
جلال عارف

عاد الرئيس الأوكرانى "زيلنسكي" ليؤكد أن بلاده لا تزال مستعدة للتفاوض مع روسيا لإنهاء الحرب. وكانت المحادثات بين الطرفين قد توقفت بعد ما قيل عن اكتشاف مقابر جماعية تبادل الطرفان "الروسى والأوكراني" تحميل المسئولية عنها للطرف الآخر. وقالت موسكو إن الهدف هو التغطية على تراجع أوكرانيا عما سبق أن تعهدت به كتابة فى مقترحات قدمتها فى الجولة الأخيرة للمحادثات وتضمنت قبولها بحياد أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف "الناتو" أو إقامة قواعد أجنبية على أرضها أو حيازة أسلحة نووية. وهو ما رحبت به روسيا لانه يلبى جزءا مهما من مطالبها ويفتح الباب لوقف الحرب. ومن هنا كانت خطوة الانسحاب الجزئى ووقف الهجوم على العاصمة "كييف".. لتعود الأوضاع لأجواء التصعيد وتتراجع فى تحقيق اختراق حقيقى فى التفاوض لإنهاء الحرب!


المؤسف أن هذه ليست المرة الأولى التى تواجه فيها المفاوضات مثل هذا المأزق. ففى كل مرة يحدث فيها تقدم حقيقى كانت العقبات تظهر فجأة. وفى كل مرة يتحدث فيها "زيلنسكي"  عن "حياد بلاده" كان التراجع يتم بسرعة بصورة أو بأخرى وهو ما جعل التفاوض يبدو كأنه إضاعة للوقت أكثر منه بحثا عن الحل!!


والحقيقة التى يعرفها الجميع منذ البداية هى أن التفاوض الحقيقى يجري- بكل الوسائل- بين الطرفين الأساسيين فى هذا الصراع "روسيا وأمريكا" وأن كل الشواهد تقول إن أمريكا مازالت ترى فى استمرار الحرب الأوكرانية مصلحة لها فى استنزاف روسيا وإضعافها.. ولكن إلى متى؟! الثمن القليل الذى تدفعه أمريكا فى هذه الحرب قد يدفعها للمضى فيها حتى آخر مدي، لكنها لابد أن تعى جيدا ما قاله الرئيس الفرنسى ماكرون لها: أنتم على بعد آلاف الأميال، لكن روسيا هنا على حدودنا!!
وأن تعى جيدا أن هناك- فى كل الأحوال- حدودا ينبغى أن تضعها لتحركها الساعى لحرب طويلة وممتدة "كما يقول الرئيس بايدن".. فالخصم هنا هو أكبر قوة نووية فى العالم.. وقد يكون هذا هو وقت التفاوض الحقيقى بدلا من الحرب حتى آخر أوكرانى!!