حاتم نعام يكتب: اشتقنا يا شهر الصيام

الكاتب الصحفي حاتم نعام
الكاتب الصحفي حاتم نعام

يذكر التاريخ أن سائر المدن المصرية قد احتفلت بقدوم شهر رمضان الكريم واحتفلت بلياليه وسهراته الطويلة مع روحانياته العطرة وكان الناس في المدن والريف وعلى اختلاف طبقاتهم الاجتماعية يعتبرون هذا الشهر شهر التسامح والحب فيلتقي المتخاصمون ويقوم القضاة وأولاد الحلال بإذابة ما بينهم من مشاكل  وخلافات كما انتهزوا فرصة هذا الشهر أيضا لتهنئة بعضهم بعضا لتدعيم اواصر المودة  والألفة بينهم جميعا في جو ديني روحاني خالص لم ترهقهم ظروف إقتصاية  ومعيشية صعبة .
  كانت هذه هي صورة رمضان في القاهرة والمدن المصرية خلال العصور المختلفة كذلك كانت صورة رمضان في غيرها من البلاد العربية والاسلامية ففي مكة المكرمة مثلا عندما تثبت رؤية الهلال يتوافد المسلمون على الحرم النبوي الشريف يطوفون بالكعبة سبعا ويتوجهون إلى زمزم فيشربون أما الآئمة فقد غدوا جماعات كل جماعة لها مقامها وفي كل مساء يذهب الناس إلى المسجد الحرام ليصلوا التراويح ويقضوا معظم الليل في الحرم او في السهرات الخاصة في دورهم المفتوحة للإطعام واظهار الكرم العربي حتى إذا جاء موعد السحور نادى مؤذن الحرم من الصومعة التي بالركن الشرقي  من المسجد ورفع قنديلين مضاءين فيراهما من   لا يسمع حيث لم تكن مكبرات الصوت قد وجدت بعد فإذا قرب آذان الفجر أنزلهما فيعلم الناس أن وقت السحور قد أنقضى .
كذلك الحال في دمشق حيث كان يتوافد الناس إلى المسجد الأموي ويجتمعون حول الائمة  كما كانت مآذن المساجد تضاء وكذلك ثرياته والاستماع إلى المواعظ الدينية وتلاوة القرآن والتواشيح الدينية حتى صلاة الفجر كما انتشرت في دمشق خلال العصور المختلفة مائدة الافطار الجماعي حيث يجتمع  الناس في المساجد فيفطرون  أو على موائد كبار التجار .
 كذلك الحال في بغداد  والمغرب وغيرها من سائر الدول الأسلامية الجميع يحتفل برمضان وتقدم لونا خاصا من الاحتفال به فكانت أيامه اعيادا دينية كبيرة في مختلف البلاد العربية والاسلامية .
وهاهي ساعات قليلة تفصلنا عن حلول الشهر الكريم شهر القرآن والصيام والعبادة والتسامح شهر الزينة والمسحراتي شهر الخير والمحبة  ورائحته تقترب من بيوت المسلمين ومعها الفرح والفرج فلا تجعلوا الظروف التي يمر بها العالم أن تترك أثرا في النفوس والمعنويات مهما اعتاد الناس على كثير من العادات ارتبطت بشهر رمضان وتفائلوا أن شهر الصيام يفرح فيه الصائمون بفضل الله عليهم . واغتنموا الفرصة  فشهر رمضان هو المناسبة الوحيدة الان التي يكون فيها الألتقاء فيه جسدا وروحا بعد ما اكتفينا في كل المناسبات الاخرى والأعياد بالمكالمات الهاتفية أو رسائل التواصل الإجتماعي .