المفتي: الاحتكار «محرّم» ويشمل كل ما يحتاج إليه الناس

د.شوقى علام
د.شوقى علام

يقوم بعض التُّجار بالاحتكار فى الكثير من السلع بدعوى أنَّ الاحتكار المُحَرّم إنما يكون فى طعام الناس فقط؛ فما حكم الشرع فى ذلك؟
يجيب عليه الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية:
يحرم شرعًا الاحتكار فى كل ما يحتاج إليه الناس فى معايشهم من غير الاقتصار على الطعام فقط؛ لأنَّ علة التحريم هى الإضرار بالناس، وهى مُتَحَقِّقَةٌ فى كل ما يحتاجون إليه ويعتمدون عليه فى معيشتهم.

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً، يُرِيدُ أَنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ خَاطِئٌ» أخرجه أحمد، والحاكم، والبيهقي.
وعن معقل بن يسار رضى الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ دَخَلَ فِى شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه أحمد، والحاكم، والبيهقي، والطبراني.

اقرأ أيضاً | «الداخلية»: مداهمة مخازن الاحتكار.. وضبط 800 طن سلع «مخفية» لرفع الأسعار

وقد حمل جمهور الفقهاء هذه الأحاديث وغيرها على الحرمة، لكن هذا التحريم لا يثبت إلا بشروط، يكاد أن يتفق الفقهاء على ثلاثة منها، وهي: الشراء وقت الغلاء، والمراد بالشراء شراء السلعة الموجودة فى البلد، والحبس مع تربص الغلاء، وإحداث ضرر بالناس جراء الحبس.

وهذا النهى السابق عن الاحتكار يشمل سائر ما يحتاج إليه الناس فى معايشهم من غير قَصْرٍ له على القوت؛ لأنَّ علة التحريم هنا هى الإضرار بالناس وهى مُتَحَقِّقَةٌ فى كلِّ ما يحتاجون إليه ولا تقوم معيشتهم إلَّا به، وهذا مُلَاحَظٌ فى تعريفات الفقهاء للاحتكار، والحاصل من أقوالهم: أَنَّ العلة فى مَنْع الاحتكار ليست ذات الاحتكار، بل الإضرار بالناس.

والإضرار معنى مشتركٌ بين مرتبة الضرورة والحاجة، فإذا أَلجأ الاحتكارُ الناسَ إلى مرتبة الضرورة أو الحاجة فهذا هو الاحتكار المحرَّم، والذى يتحقَّق باحتكار أى شيء ولا يَخُصُّ الطعام دون غيره؛ ذلك أنَّ اختلاف الفقهاء فيما يكون فيه الاحتكار إنما هو خلاف فى الصورة فقط.
وبناءً على ذلك وفى واقعة السؤال: فإنَّ الاحتكارَ المُحَرّم شرعًا لا يقتصر على الطعام، بل يشمل كل ما يُلْحِقُ الضرر بالناس فى كل معاشهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.