لماذا يُطلق على عيد الحب.. يوم الحداد الوطني في المكسيك؟

يوم الحداد الوطني في المكسيك
يوم الحداد الوطني في المكسيك

كتب: محمد كمال

طرحت منصة “نيتفلكس” أحدث تجربة عربية على شاشتها، وكانت من خلال العمل الدرامي “Love, Life & Everything in Between”، وهو عبارة عن 8 أفلام قصيرة منفصلة لـ9 مخرجين، فيلمان من مصر ومثلهما من السعودية وفيلم واحد من كل دولة تونس والمغرب ولبنان، والعمل فكرته للكاتبة المصرية عزة شلبي تشترك جميعها في أن الأحداث تدور ومرتبطة بالاحتفال بيوم عيد الحب 14 فبراير، لكن كل فيلم تجربة مستقلة منفصلة بذاتها، وبشكل عام كان هناك تباين في مستوى الأفلام ما بين الجيد والمتوسط، لكن في المجمل تجربة تستحق المشاهدة.


أهم ما يميز تلك التجربة الفيلم المصرييوم الحداد الوطني في المكسيك”، والذي يمثل عودة للمخرج الكبير خيري بشارة إلى معشوقته السينما بعد غياب دام لـ14 عاما، منذ آخر أفلامه الروائية “ليلة في القمر” عام 2008، وفيلم بشارة القصير الجديد من تأليف نورا الشيخ وشارك في بطولته آسر ياسين وبسمة وندى الشاذلي ومحمد لطفي ونورا شعيشع وهديل حسن ونانسي منير، ومدته 36 دقيقة.


خارج حدود المكان والزمان، حيث أن الفيلم لم يحدد الزمن وعبر عن الدولة بمدينة “الظاهرة” - وهي بالفعل ظاهرة – والأحداث مستوحاة كما كتب مما حدث عام 1999 في مدينة “باظ الجديدة”، عاصمة جمهورية “جنوب آسيا”، حين أصدرت المحكمة العليا قرار بمنع عيد الحب”، حيث  تدور الأحداث يوم 14 فبراير الذي من المفترض أنه يوافق الاحتفال بعيد الحب، وفي المدينة الإفتراضية تمنع الحكومة المتمثلة في “هيئة منع الحب”، الاحتفال بالحب، أو تواجد أي أثنين تجمع بينهما مشاعر الحب، وعلى الزوجين تواجد “قسيمة” الزواج معهما وأن يتواجدا معا دون التصرف بأي طريقة تدل على الحب، كما أن الأغنيات الرومانسية ممنوعة، ولا وجود للهدايا، خاصة “الدبادبيب”، ومن يقوم بشرائها يتم القبض عليه، ويحظر استخدام اللون الأحمر نهائيا، ويلعب الإعلام دورا كبيرا في ترسيخ تلك الأفكار في عقول المواطنين من خلال “حسن مفتاح” مذيع الراديو الشهير، والذي تبدأ مع صوته في البرنامج أحداث الفيلم من خلال بداية ساخرة من طرق بطش “هيئة منع الحب” مع الخارجين عن القانون واستبدال الدولة الاحتفال بـ”عيد الحب” بأنه يوم “الحداد الوطني في المكسيك”.


تفرض الدولة سيطرتها على تطبيق القانون الجديد بكل الطرق حتى عن طريق قياس سرعة وشكل نبضات القلب هل هو في حالة حب أم لا حيث أن كمائن وأفراد الشرطة في كل الشوارع وصوت صفارات سيارات الشرطة تظهر بوضوح وفي البداية يعلم حسن وزملائه عن القبض على زميلهم خالد “أرصاد” لأن الشرطة اكتشفت أنه وقع في الحب.


بعد فترات الحراك السياسي وإصدار القوانين الجديدة يحدث تحول في الأفكار والمبادئ الخاصة لمعظم الأفكار فالجميع يتغيرون مع وجود استثناءات قليلة، وهذا ما أظهره بدقة بشارة والمؤلفة نورا الشيخ في عرض الشخصيات، حيث ظهور التباين الشديد في توجهاتهم، فنجد 3 أنواع “عزة” وزوجها “علي”، وهما اللذان أنصاعا للقرارات الجديدة وموالين للحكومة بشكل كبير، خاصة “عزة”، أما “علي” فهذا الموقف ظاهري فقط، فهو في الخفاء يحب على زوجته.


النوع الثاني هما “ليلى” وصديقتها “نورا”، اللتان تمثلن الغضب والثورة على الأوضاع، ومحاولة إقناع “حسن” بضرورة العمل على عودة الحب مرة أخرى.


النوع الثالث يمثله “أمينة” و”حسن”.. ويستعرض بشارة خلال الأحداث، ومن خلال “ليلى” حبيبة “حسن”، تاريخه السابق، فهو إنسان محب وشاعر ثوري، لكن يبدو أنه اختار الإنصياع وراء بطش الدولة الجديدة للحفاظ على مصدر رزقه وعمله الإذاعي، وقرر “المشي داخل الحيط”، لكن تحاول “ليلى” بشتى الطرق إقناعه بإستخدام برنامجه لإحداث التغيير على المستوى الشعبي، وعودة الحب مرة أخرى.


مازال خيري بشارة شابا في أفكاره وفي طزاجة أطروحاته، ومازال لديه القدرة على الإبداع والإبهار، ومازال لديه أسلوبه الخاص في تقديم الواقع مغلفا بحبكة فانتازية شديدة العمق، وعرض الكوميديا السوداء في كل صورها وأشكالها الهزلية، ومازال يطرح الأسئلة، “لماذا يمنعون الحب؟”، “هل الحب جريمة؟”، “لماذا ترتبك المشاعر بين الحب والحياة؟”.. مازال المواطن المصري وأسلوب حياته هو مصدر إلهام بشارة، ومازالت هواجسه ومشاعره الدفينة أهم ما يشغله، والعلاقة المرتبكة بين المواطن والحكومة.. كم أفتقدنا رؤية الشوارع المصرية في أفلام خيري بشارة حيث العاصمة التي أصبحت أكثر قسوة على سكانها.


أداء مميز من جميع أبطال الفيلم وتأتي في مقدمتهم ندى الشاذلي التي تؤكد على موهبتها وحضورها بعد ظهورها في فيلم “عنها”، فقد كان أدائها مع بشارة هو الأفضل بين أبطال الفيلم، ونفس الحال ينطبق على آسر ياسين وهديل حسن ونورا شعيشع.

 

اقرأ ايضا | «انترناشيونال فلانتين»| الهدايا للرجال في كوريا والمطاعم التراثية مقر احتفالات الأردن