قريباً من السياسة

حرب بالوكالة!

محمد الشماع
محمد الشماع

أعاد الغزو الروسى لأوكرانيا صياغة القوى الدولية، فأمريكا مارست دورها الذى أتقنته طوال عمرها وهى أن تكون بعيدة عن الأحداث وتدفع أوروبا إلى الاقتتال وكيفية تشجيع هذا الطرف أو ذاك أو تتدخل تدخلا محسوبا لتحقيق مصالحها.


 وفى المسألة الأوكرانية مارست أمريكا شحنا معنويا للرئيس الأوكرانى وللقيادة الحاكمة، كما مارست تحريضا واستقطابا وحشدا لكل أوروبا وحينما سقطت الصواريخ الروسية على أوكرانيا أعلنت أمريكا أنها لن تتدخل عسكريا، وأنها ستكتفى بالدعاء لأوكرانيا ثم طالبت أوروبا بإجراءات مقاطعة ضد روسيا، وهو ما سوف يكبد أوروبا خسائر تفوق الخسائر التى ستصيب روسيا.


 على ذلك فإن أوكرانيا تعرضت للضرب الشديد وأوروبا تعرضت إلى خسائر اقتصادية، أما أمريكا فقد رفعت سعر الغاز واستفادت الشركات الأمريكية العاملة فى الخليج من رفع أسعار البترول. ولعل ذلك يكون درسا نافعا لكل الدول التى تتعلق بأمريكا أن ترجو منها نفعا، فأمريكا كما هو معروف تتبع الفلسفة البراجماتية وهى فلسفة تؤمن بالمصالح ولا تؤمن بالمبادئ. لأمريكا إذن مصالح وليس لديها مبادئ.


 أما أوكرانيا فلم يعرف التاريخ الحديث قيادة أغبى من القيادة الأوكرانية، لأن أوكرانيا لم تكن مضطرة ولا محتاجة للدخول فى أحلاف عسكرية وأنها تقع على عتبة روسيا الدولة العظمى وحتى لو افترضنا أنها تبحث فى دخول حلف الناتو، فهى أيضا سوف تكون أول الأهداف للصواريخ الروسية.

وحلف الناتو لن يعطيها شيئاً أكثر من أن يستعدى الجارة روسيا والكل يعلم أن روسيا بما تحمله من صواريخ نووية عابرة للقارات ومن أسلحة استراتيجية لن تقبل أن تكون تحت التهديد، ثم ما معنى سياسة الأحلاف، ولماذا توسع أمريكا من حلف الناتو وضد من يكون هذا التحالف إذا كان حلف وارسو قد انهار وتفكك فما الذى يدفع أمريكا أن تمدد خطوطها العسكرية إلى أقصى نقطة بجوار روسيا الاتحادية؟،

أليس ذلك جراً للشكل وإشعالاً للحروب وإضراراً بالاقتصاد العالمى لتخرج أمريكا من هذه الأزمات وقد حققت منافع اقتصادية على حساب الكارثة التى حلت بالشعب الأوكرانى؟.


 لقد شبعت أمريكا من التدخلات العسكرية فى العراق وأفغانستان وفى دول أمريكا اللاتينية ولكنها لا تكف عن تحريك الأزمات وتعريض السلام العالمى للتوتر وها هو بوتين يعلن رفع درجة الاستعداد القصوى للأسلحة النووية وهذا معناه رسالة صارمة إلى أمريكا أنه لن يتردد إطلاقا فى دفع حلف الأطلنطى بعيدا عن حدود بلاده المباشرة. وأننا نتمنى أن تكف أمريكا عن النفخ فى هذه الأزمة وأن تتشكل سلطة أوكرانية بديلا عن هذا الممثل الكوميدى الذى جعلته الأقدار رئيساً !