باختصار

« الزيادة السكانية »

عثمان سالم
عثمان سالم

كعادته.. دائماً.. اقتحم الرئيس السيسى واحدة من أعقد قضايا الوطن الشائكة والحساسة وهى الزيادة السكانية الرهيبة التى تلتهم بشراهة نتاج خطط التنمية الطموحة.. بل أصبح محتماً على الحكومة مضاعفة الجهد لمواجهة متطلبات الغذاء والصحة والتعليم..

واعتبار أن هذا الشهر يصل عدد سكان مصر إلى ١٠٣ ملايين بخلاف ثمانية ملايين فى الخارج يمثلون عبئاً فى حالة حدوث أى أزمات فى أماكن تواجدهم كالحروب والكوارث الطبيعية مثلما يحدث فى أوكرانيا الآن! الرئيس لم يخش الحديث عن الأزمة بل كشف النقاب بقوة عن مخاطرها على الوطن ربما أكثر من الحروب.. ومن المؤسف أن الزيادة تحدث فى الطبقات الفقيرة.

وضرب مثالا بإحدى السيدات اشتكت له فى إحدى جولاته التفقدية من أن لديها ستة أبناء لاتستطيع إطعامهم فما بالك بالعلاج والتعليم..

أكثر من ٧٠٪ من السكان من الشباب والأطفال ونشاهد يومياً أعداد الأطفال يلعبون الكرة فى الشوارع رغم أننا فى بداية الدور الثانى للعام الدراسى وجميعهم تقريباً من أبناء البسطاء الذين يملكون قوت يومهم بالكاد..

وقد شاهدت بالأمس زحاماً شديداً على البقالين التموينيين لاستلام الحصة الجديدة مع أول يوم فى الشهر.. ولا أدرى كيف تواجه الأسرة الفقيرة متطلبات المعيشة ما لم تدعم الدولة وبأرقام فلكية المواد التموينية.. التقرير الذى تم بثه فى افتتاح المشروع القومى لتنمية الأسرة..

جاء صادماً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى فأغلب من تحدثوا عن الإنجاب يرون أنه ضرورة لمساعدتهم فى كسب لقمة العيش.. وهذا أكبر خطر لعدم معرفة تداعيات هذه الزيادة على الجميع وهؤلاء أولهم..

تحدث د.خالد عبدالغفار عن الحاجة لمضاعفة عدد المستشفيات فى السنوات القادمة.. وكان الرئيس واضحا كل الوضوح وهو يكشف عورات الحياة فى مصر فى ظل محدودية الموارد والاحتياجات الزائدة.. مؤكدا عدم رضاه عن مستوى المعيشة لكن «كمايقول المثل» العين بصيرة والإيد قصيرة..

وكشف عن المسابقة التى جرت لتأهيل الحاصلين على مؤهلات الحاسب الآلى وتكنولوجيا المعلومات فلم يجتز الاختبارات غير ١١١ من بين ٤٠٠ ألف متقدم وهذا أكبر دليل على فشل العملية التعليمية رغم وجود العديد من الجامعات الحكومية والخاصة وحتى الأجنبية..

كذلك أشار إلى خريجى التخصصات المطلوبة فى سوق العمل مثل بعض فروع الدراسة فى كليات الآداب والمشكلة أن أهالى هؤلاء الطلبة يضغطون على الدولة لإيجاد فرص عمل لهؤلاء.. ثم كانت النقطة الفارقة فى تناول همومنا عندما طلب من الجميع مد أيديهم مع الدولة للخروج من الأزمة خاصة رجال الدين والمثقفين..

فلم تعد الحملات الإعلامية والإعلانية كافية لمواجهة خطر الزيادة السكانية بل مطلوب مشاركة حتمية لتوعية الشعب.. كل الشعب.. بالخطر الذى ينتظر الأجيال القادمة التى قد لا تجد رغيف العيش..

الوقت لم يعد ترفا مع هذه الأزمة.. فإذا لم نتصد بحزم وحسم لها..

فلن نستطيع مجابهتها عندما يصل عدد السكان إلى ١٥٠ مليونا فى حدود عام ٢٠٣٠.. من حظنا أن يكون لدينا رئيس شجاع وجرىء يقتحم الأزمات لكشف تداعياتها بل ووضع الحلول المناسبة بشرط الدعم الشعبى لكل مبادراته.