قنوات بتبيع « الهوا ».. والمشاهد هو الضحية

قنوات بتبيع « الهوا »
قنوات بتبيع « الهوا »

رضوى خليل 

ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من القنوات التي تقوم على بيع ساعات الهواء بأكثر من طريقة، إما عن طريق بيع فقرات داخل البرامج، أو عن طريق شراء وقت وتقديم برنامج خاص فيه، ورغم أن الظاهرة موجودة في معظم دول العالم، لكن ما يحولها لأزمة هو عدم الفصل بين ما يمكن اعتباره محتوى إعلاني، وما هو محتوى إعلامي، كما أنها أصبحت تتسبب في كوارث عديدة تحدث على الهواء، أخرها ما حدث الأيام الماضية على قناة “الحدث اليوم” بقيام كلا من شريف عادل  ونوران محمود ببرنامج “الحياة أحلى” بخرق المهنية الإعلامية، وذلك بإذاعة مداخلة لأحد الأشخاص أنتحل صفة الدكتور مجدي يعقوب، مما ترتب عليه الكثير من القرارات من قبل الهيئة الوطنية للاعلام.

ما حدث يجعلنا نضع تساؤلات كثيرة.. هل يضع أصحاب هذه القنوات ضوابط للبرامج التي يبعون لها الهواء؟، وما شروط بيع فترات الهواء؟، وكيف يتحكمون في هذه البرامج حتى لا يحدث خطأ؟.. وغيرها من التساؤلات التي طرحناها على روساء بعض القنوات.. وإليكم الرد.. 

البداية كانت مع النائب السابق محمد إسماعيل مالك قناة “الحدث اليوم” الذي رفض وبشدة ذكر اسم القناة ضمن قائمة القنوات التي تعتمد على الفقرات المباعة، وقال: “(الحدث اليوم) قائمة على برامجها الناجحة، وثقة الجمهور الذي جعلها تحصل على أعلى نسب مشاهدة، وهي القناة التي واجهت الصعوبات، وعاشت في مدينة الإنتاج الإعلامي لسنوات طويلة، ونحن مثل أي قناة لنا برامجنا الأساسية التي لها قاعدة كبيرة من الجمهور، وبعض البرامج التي يكون فيها إنتاج مشترك وليس هواء مباع كما يقول البعض، كما لدينا بعض البرامج تأتي لنا من وكلات كبيرة الأسم، ويتم الإتفاق على الإنتاج المشترك بيننا، لكن تحت ضوابط معينة، أولها احترام السياسة التحريرية للقناة، وأن يكون المحتوى مفيد ومختلف، ونوعية البرنامج تكون مختلفة عن البرامج الأخرى بالقناة، لكي يحدث تنوع في المواد التي تقدم للمشاهد، وغيرها من البنود والشروط، لأن الموضوع ليس عرض برنامج مقابل مبلغ مادي، وأعتقد أن هذا ما يحدث في كل القنوات الخاصة، فلماذا يقال أن برامجنا تعتمد على بيع الهواء ويظهر على شاشتنا الإعلامي السيد علي ببرنامج (حضرة المواطن)، وظهر على القناة العديد من النجوم من بينهم هالة فاخر، خالد الغندور، عبير الشيخ، رانيا محمود ياسين، ميار الببلاوي، وغيرهم.. فهل هؤلاء النجوم دفعوا مقابل مادى للظهور في القناة، وأخيرا أود أن أقول قناة أن (الحدث) استطاعت صنع أسمها والحفاظ عليه لسنوات، والدليل الرعاة الكثر للقناة، من بنوك وشركات كبيرة وغيرها”. 

 

وعن المداخلة الوهمية التي حدثت بقناة “الحدث اليوم”، يقول: “برنامج (الحياة أحلى) الذي أذاع مداخلة مع منتحل لشخصية الدكتور مجدي يعقوب من البرامج التي بيننا وبينها إنتاج مشترك، والمفاجأة أن هذا البرنامج كان أول يوم عرض له يوم حدوث هذا الخطأ الكبير الذي أدرك حجمه تماما، وقبل اتخاذ أي قرار من قبل المجلس الأعلى للإعلام، اتخذت قرار بالتحقيق مع المذيعين، ووقف بث البرنامج، وعدم ظهورهم على الشاشة مرة أخرى، وللآسف الحلقة أصبحت (تريند)، لكن لا أحد ينكر أن هذا الخطأ حدث في قنوات كثيرة، وكان أخرها ما حدث على القناة الأولى من أحد المذيعين الشباب، ووقتها أصدر حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام قرار بإيقافه وتحويله للتحقيق، وفي نهاية حديثي أود أن ننظر للقناة ومجهودها الذي بذلته في حب الوطن، وأن ما حدث خطأ كبير لا نقبله، لكن نأمل أن نضع في الحسبان تاريخ القناة الذي حققته بمجهودتها، وأنها ظلت صامدة كل هذه السنوات، وفي النهاية القرار للمجلس الأعلى للإعلام الذي نكن له كل الاحترام والتقدير”. 

 

أما سميرة الدغيدي، رئيس مجلس إدارة قناة “الشمس” تقول عن المشكلة: “ليس عيبا أن يقع الإنسان في الخطأ، لكن العيب ألا يصححه بعد أن يقع فيه، وأقول هذا من خلال خبرتي الطويلة بالساحة الإعلامية، خاصة وقت عملي في قناة (LTC)، والتي كان فيها البرامج تعتمد على بيع فترات الهواء، وكان عرض البرامج المباعة من غير أي فرض ضوابط، وهذا ما تسبب في غلق القناة لمدة 4 سنوات، وتعلمت الدرس، وحرصت في قناة (الشمس) أن يكون هناك ضوابط لاختيار البرامج، وليس لمجرد أنها دفعت مقابل لشراء ساعات من الهواء يمكنها أن تفعل ما تريد، حتى لو كان المقابل كبير، فالأهم ان يكون البرنامج ملتزم بضوابط بعينها”.

 

وتضيف سميرة: “(الشمس) ليس بها برنامج مباع، لكننا مثل أي قناة أخرى لدينا إنتاج مشترك، ويجب التفريق بين الأثنين، لأن البرامج التي تقوم بشراء الهوا تكون هي المتحكمة بنسبة 100٪ في كل محتوى البرنامج، والقناة ما عليها إلا العرض فقط، وهذا خطأ كبير يتسبب في كوارث على الهواء، لكن في (الشمس) بعض البرامج إنتاج مشترك، لكنها ملتزمة بالتالي (المعايير التي وضعها المجلس الأعلى للإعلام، عادات وتقاليد المجتمع، عدم الاساءة للغير، عدم تصفية الحسابات على الهواء، الإلتزام بسياسية تحرير القناة)، وبعد تأكدنا من إلتزامه بهذه الضوابط، يتم عرض محتوى البرنامج على الرقابة، والتي بها 3 لجان، أهمها لجنة المحتوى التي تراجع كل لفظ وكلمة ومادة مقدمة في هذا البرنامج الذي قدمته لنا أحد الشركات لعرضه على قناتنا وحين موافقة الرقابة على البرنامج ندخل في مرحلة جلسات تجمع بين صناع البرنامج ورئيس القناة ومدير البرامج لوضع اللمسات النهائية، والتأكد أنه محتوى يضيف للقناة”.  

وعن رأيها في واقعة المداخلة الوهمية مع الدكتور مجدي يعقوب، تقول سميرة: “ليس خطأ المذيع وحده، بل القناة ككل، وكنت أتمنى أن يصدر بيان من القناة بالإعتذار أفضل من اتخاذ قرارات تحملها لوحده المذيع الشاب الذي كان يطمح تحقيق حلمه، والهواء مسئولية كبيرة، فلماذا شباب في بداية طريقهم يظهرون على الهواء، رغم أن هناك إعلاميين لديهم خبرة طويلة يشعرون بالخوف من الهواء، فما بالكم من شباب في بداية حياتهم، لكن للآسف قرار مجلس إدارة القناة كان مجرد إمتصاص لغضب المجلس الأعلى والجمهور، رغم أنهم شركاء في الخطأ، وفي النهاية أتمنى لكل القائمين على القناة أن يتعلمون من هذا الدرس”. 

 

أما عن قناة “الصحة والجمال”، يقول خالد محيي الدين - مدير عام القناة - : “(الصحة والجمال) ملتزمة بضوابط المجلس الأعلى للإعلام، وليس لدينا برامج تعرض بمقابل مادي، بل إنتاج مشترك مع الإلتزام بالشرف الإعلامي، وقبل عرض أي برنامج على القناة يرسل للمجلس الأعلى للإعلام، وبعد 20 يوم أو شهر بأقصى تقدير ستأتي الموافقة عليه، وبعد ذلك نجلس مع صناع البرنامج، والذي رشحته لنا أحد الوكالات، ونبدأ في التحدث عن المحتوى الذي يرغب في تقديمه، وهل يتوافق مع سياسية القناة أم لا؟، فمنذ شهر ونحن نعمل على تغيير كامل للقناة ووضع ضوابط محددة، منها أن لا يظهر على شاشتنا إلا المذيعين الذين يحملون عضوية النقابة، أو حتى تصريح ممارسة المهنة، وأن لا يزيد مدة البرنامج عن ساعة ونصف وفقا لقرار المجلس الأعلى للإعلام، بالإضافة إلى الإلتزام بسياسة القناة، فهي قناة للصحة والجمال فقط، فلم نتطرق لأي برنامج سياسي أو فني، بل كل ما يخص الصحة والجمال، فعلى سبيل المثال قدمنا حلقة عن الحالة النفسية للاعبين المنتخب وصحتهم، وغيرها من الموضوعات الجديدة التي نلتزم فيها بالضوابط التي وضعها المجلس الأعلى”.

أكدت الإعلامية هالة حشيش، وكيل المجلس الأعلى للإعلام، أنه يجب العمل أكثر على تدريب الشباب الذي يطمح ان يكون مذيع يوما وقالت: “لا أتحدث عن واقعة محددة، لأنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وإما عن القنوات التي تبيع فترات هواء فهي لم تبيع بإسم القناة، ويجب أن نعلم بأن هناك قنوات رسمية وقنوات تجارية تمثل كيانات إقتصادية  يجب أن يكون لديهم شرف إعلامي، وأن تكون ساعة الهواء المباعة منضبطة، ويكون عليها تحكم كبير في نسبة المادة المقدمة فيها حسب رؤيتك التي يجب أن تطلع من القناة، وأن يكون هناك رسالة واتجاه ومضمون واضح، وعدم الخروج عن الأسس المتوافق عليها، منها إحترام المشاهد، ثقافة المجتمع وتاريخه وغيرها من الضوابط التي نسميها (بديهيات)، تخاف على قيم وطنك، وليس كل مادة تصلح للبيع، فأين دور الرقابة بالقناة لضمان محتوى جيد مفيد، أو على الأقل تقدم هذا المحتوى تسجيل وليس هواء، فمعظم البرامج الأجنبية تكون مسجلة ونسمع صوت صفارة لحذف لفظ أو لقطة بعينها، لذلك يجب أن تحمي رسالتك، لأن المجتمع بأكمله يراك، وأنت تؤثر في أسرة كاملة، وفي سلوكهم، وليس كل من ظهر على الشاشة إعلامي، لذا أرجو أن نلتزم بضوابط المهنة، ولا نسمح للبرامج التي تأتي بمقابل مادي، وأن تدمر إعلامنا المصري، وليس قناة فقط”.

وفي هذا الصدد شدد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، د. صفوت العالم، على ضرورة وجود رصد ومتابعة بشكل مستمر في القنوات التي تبيع الهوا والبث، لأن البعض منهم يرغب فقط في جني الأموال دون النظر إلى أشكال المذيعين ومعرفتهم وعلمهم، أو الإلتزام بأخلاقيات الإعلام  وأضاف: “لابد من وجود آلية دائمة ومنظمة، لرصد كل ما يبث على شاشات التليفزيون، لأنه بدون آلية للرصد والمتابعة والتقييم والحساب، فإن الكثير من الأخطاء ستمر للمشاهد والأهم أن هذه الآليات تتوافق مع أخلاقيات المهنة الإعلامية، وتتوفر لدى المجلس الأعلى للإعلام، وجهاز حماية المستهلك، والمنوط به حماية المستهلك من الإعلانات المضللة، وعن المجلس الأعلى للإعلام فهو منوط به متابعة الأداء الإعلامي المعيب والذي يصيبه الخلل”.