موجة الدراما التليفزيونية الكورية تكتسح العالم !

الدراما التليفزيونية الكورية
الدراما التليفزيونية الكورية

آية محمد عبد المقصود  

على الرغم من وجود الدراما التليفزيونية الكورية على الساحة الفنية العالمية منذ أكثر من 30 عاما، ومن قبلها السينما الكورية التي استطاعت أن تنافس بقوة في المهرجانات العالمية، إلا أن العامين الماضيين شهدا صعود مذهل للمسلسلات والأفلام الكورية في كل أرجاء المعمورة، حتى أن الجمهور المصري والعربي الذي قليلا ما يعرف عن أعمال شرق آسيا أصبح متابع جيد للمسلسلات والأفلام بل والموسيقى الكورية، وذلك منذ حصول الفيلم الكوري “Parasite” على عدد من الجوائز العالمية من عدد كبير من المهرجانات، وحصوله على جائزة “الأوسكار” لأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، ومن بعده المسلسل العنيف المثير للجدل “لعبة الحبار”، والذي صنف كأكثر الأعمال مشاهدة في تاريخ منصة “نتفليكس” بـ111 مليون مشاهدة، ليظهر مصطلح “الموجة الكورية” أو “هاليو” والتي تعني إكتساح الفن الكوري عالميا.. “أخبار النجوم” تفتح نقاش مع عدد من النقاد حول أسباب نجاح الدراما الكورية بهذا الشكل في الأونة الأخيرة.. 

في البداية تقول الناقدة ماجدة خيرالله أن السينما الكورية بشكل عام متقدمة منذ فترة طويلة، وأكثر ما يميزها هي الجرأة في طرح الموضوعات، وغرابة و”طزاجة” الأفكار، وأكبر مثال على ذلك مسلسل “لعبة الحبار”، حيث لم يخطر على بال أحد تلك الفكرة من قبل، والتي حققت بمجرد عرضها ملايين المشاهدات، كما أن السينما الكورية استطاعت أن تثبت أنها متفردة وغير مقتبسة أو تقليد لمدارس سينمائية عالمية، بل وصل الأمر أن السينما  الأمريكية تقوم بتقليدهم، وتقتبس من أفلاهم، وتعيد صناعتها مرة أخرى، ومن هنا أصبحت متواجدة بقوة على الساحة.


وتضيف ماجدة: “سبب انتشار (الموجة الكورية) هو اهتمام الجمهور بمشاهدتها مؤخرا، فسبقا كانت يقدمون أعمال مميزة أيضا لكن بحجم إنتشار أقل، لكنها بدأت تجذب الجمهور عالميا بعد حصدها جوائز كثيرة خاصة مع فيلم “Parasite”، كما ساعدهم على الانتشار ظهور المنصات العالمية التي تقدم الأعمال الكورية إلى العالم.


“مزيج فني”

الناقد عصام زكريا يرى أن هناك عناصر جعلت الدراما الكورية مميزة: “يقومون بتنفيذ أعمالهم بحرفية عالية في التصوير والإخراج والمؤثرات والتمثيل، ويعتمدون على تيمات ميلودرمية شعبية تنجح وتؤثر دائما مع الجمهور، بالإضافة للمبالغة، فمثلا في العنف تصل به إلى مناطق لا يمكن تخيلها، كما يلعبون دائما على فكرة الغني والفقير، والصراع الطبقي والعلاقات الأسرية والانتقام، وهي تيمات مضمونة النجاح في الأغلب، وحتى في تقديمهم أعمال متخصصة في الرعب يمزجون فيها موضوعات إجتماعية، أي أن أعمالهم هي مزيج بين أكثر من فئة درامية في قالب واحد، بعكس السينما الأمريكية المتخصصة للغاية. 

ويشير زكريا أيضا أن الدراما الكورية أصبحت منافس قوي عالميا، والدليل على ذلك أنه في العام الماضي حصل المسلسل الكوري “Squid Game” على أعلى نسب مشاهدة على المنصة العالمية “نتفليكس”، وفي عام 2020 حصل فيلم  “Parasite”على جائزة “الأوسكار”، لذلك يمكن القول أن الدرما الكورية تعيش عصرها الذهبي رغم أنها موجودة منذ عقود، لكن مع دخول “نتفليكس”، استطاعت أن تصل بأعمالها إلى العالمية.

وأضاف زكريا: “الحرية في التعبير عن الأراء والأفكار جعلتهم يقدمون أعمال قريبة من الجمهور، وهذا جزء أساسي من الفن، ولا يستطيع أي مبدع أن يقوم بأي عمل بدون حرية .”


بدون عنف

الناقدة د.عزة هيكل تتابع الدراما الكورية منذ 10 سنوات تقريبا، وتقول أنها كانت تهتم لديهم بالأعمال التاريخية، وترى أن أفضل ما يميزهم هو جودة الصورة، والاهتمام بالموسيقى، بالإضافة لاختيارهم أفكار إجتماعية وإنسانية بسيطة وقريبة من الناس، وأيضا الاهتمام بالتراث الخاص بهم والذي يجذب الأنظار إليهم.. وأشارت د.عزة أن الكوريين لديهم قاعدة ثابتة وهي أنهم لا يقدمون أعمالا تتعارض مع قيمهم وعاداتهم، مضيفة: “لا يمكن أن ترى لديهم علاقات شاذة أو حتى متفتحة، ويهتمون بالترابط الأسري وقيم العمل والصداقة، لذلك يمكن القول أن مسلسل (لعبة الحبار) عمل استثنائي في الدراما الكورية، لأن الدراما لديهم لا تميل للعنف، لكن مؤخرا ظهرت أعمال لديهم تميل للعنف والجريمة والجاسوسية”.


الأوسكار

الناقد أحمد سعد الدين يرى أن “الموجة الكورية” بدأت في الاكتساح في السنوات الـ3 الأخيرة، وتحديدا بعد الفيلم الكوري “Parasite” وحصوله على جائزة “الأوسكار”، وما زاد الانتشار ظهور منصة “نتفليكس” بشكل واسع عالميا، ويضيف سعد الدين: “الدراما الكورية حلت مكان نظيرتها التركية لدى المشاهد العربي، حيث تقدم جرعة إجتماعية قوية وبروح وشكل جديد، خاصة أنهم يملكون أماكن تصوير مميزة، وجديدة على عيون المشاهد العربي، كل هذه عوامل جذب لا يمكن تجاهلها” .