الفنانة التشكيلية سالى الزيني: السينما الآن مؤلمة.. مخيفة.. هشة ومزعجة

الفنانة التشكيلية سالى الزينى
الفنانة التشكيلية سالى الزينى

كتب : عصام عطية

سالى الزينى فنانة تشكيلية أكاديمية، استطاعت أن تخترق عالم سينما الستينيات، من وجهة نظرها كفنانة، ترى أن سينما الستينيات هى أزهى عصور السينما المصرية، حيث اكتملت عناصرها من أدباء كبار، ومخرجين عظام، وفنانين مثقفين، وهى لا يعجبها حال السينما فى هذا العصر، لأن أطروحاتها من وجهة نظرها مقلقة، فسينما الوقت الراهن مؤلمة الكادر، مخيفة الفكر، هشة القضايا، مزعجة.
لوحات سالى فيها فرحة لأن فرشاتها تحمل ألواناً مبهجة، اللوحة تكاد ترقص أو تدب فيها الحياة، لأن بها عناصر جمالية رقيقة استخدمت فيها فن الكولاج الذى لم تعتمد فيها على الورق فقط، بل اعتمدت على ألوان أخرى، فما حكاية سالى مع سينما الستينيات، وقصتها مع نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس؟..

لماذا يحمل عنوان معرضك التشكيلى اسم "المشهد"؟
ـ المشهد مقتبس من سينما الستينيات، حيث يعتمد على المشهد الأعلى العالق فى ذاكرتنا حتى اليوم، ومازال تأثيره علينا، فالمعرض قائم على السينما أو المشهد الذى تأثرت به بشكل خاص، ويتناول المشروع السمات المميزة لأدب الستينيات وتأثير "التجربة الناصرية" فى حركة الأدب فى تلك الفترة، حيث فرضت الاشتراكية قواعدها على سلوك المجتمع وتنظيماته بالتزامن مع البداية الرسمية للقطاع العام السينمائي.

 

وتلك الفترة الزاهرة فى تاريخ السينما المصرية والمأخوذة عن أعمال أدبية "روايات لأدباء فترة الستينيات من القرن العشرين، والمشروع يقدم نصوصاً بصرية موازية لتلك المشاهد التى حفرت بالذاكرة، بطرح تشكيلى خاص للمشهد السينمائى الأعلى، وبتوليفة خاصة من مجموعة من المشاهد المؤثرة بالفيلم، بعد إضافة انطباعاتى الخاصة حول تلك المشاهد، والتى تختلف فى معالجتها عن الشكل المباشر للمشهد السينمائى الأصلي.


لماذا بالتحديد سينما الستينيات وليس السبيعينيات أو الثمانينيات؟ 
ـ سينما الستينيات تحديدا فيها توليفات غير عادية، أفضل كتاب وأفضل مخرجين، وأفضل ممثلين، أيضا شهدت فترة الستينيات ازدهار السينما المصرية، شهدنا نهضة سينمائية غير مسبوقة، إحنا أمام أفلام رائعة من كل المقومات سواء مخرجين أو كتابا أو ممثلين، نجيب محفوظ، يحيى حقى ولطيفة الزيات، وإحسان عبد القدوس كان هناك نهضة للمرأة، هذه النهضة جعلت السينما تشارك فى مهرجانات دولية.

استعنت بأفلام الستينيات المأخوذة عن روايات لكبار الكتاب، مثل الوسادة الخالية والنظارة السوداء، وأنا حرة لإحسان عبد القدوس، وأعمال لنجيب محفوظ مثل زقاق المدق وميرامار والقاهرة 30، وشيء من الخوف لثروت أباظة، ودعاء الكروان لطه حسين وغيرها من أشهر أفلام هذه الحقبة التى يحمل معظمها مشاهد شكلت الوعى الجماهيرى، وكانت تعالج قضايا مجتمعية وتنموية، وكثير منها حمل مضامين متعلقة بالتوعية بالحقوق، وبأهمية قيم بعينها، مثل العمل والحرية، وكان لها أهداف تدعو إلى التحرر من التابوهات القديمة والتمرد على الأفكار الرجعية.


تقصدين أن السينما اليوم ضعيفة؟
ـ عندنا سينما لكن ليس بنفس المحتوى العظيم الذى نراه فى سينما الستينيات، زمان كان هناك اهتمام كبير بالرواية اهتمام كبير بالاقتباس الهادف، الكادر السينمائى على بعضه متكامل مخرج وممثل كبير، نرى فيلم بداية ونهاية الذى كان يمثل سيمفونية متكاملة الأركان بداية من روعة النص الأصلي، ويليه السيناريو والحوار والأداء إلى تميز النتاج البصرى من حيث الكادرات والملابس وزوايا التصوير والإضاءة".

 


كلامك يؤكد أننا لا نمتلك الآن نهضة سينمائية مثل سينما الستينيات؟
ـ لدينا نهضة سينمائية لكن من وجهة نظرى لم أتاثر بها أصلا، لأن المحتوى الأدبى الذى تستقى منه السينما الآن ليس مثل الستينيات، زمان كان عندهم فكر فلسفى عالٍ جدا، تكلمنا عن الفكر النسوى مع لطيفة الزيات، كان هناك فكر مختلف فى معالجاته لكل القضايا.


ذكرتِ أنه كان لدينا أدباء هل فقدنا الآن الأدباء المتميزين؟
ـ سينما الستينيات كانت ثورة فى عالم السينما، قد يكون هناك قضايا جديدة ظهرت على السطح، لكن شكل السينما اليوم مؤلم جدا، والكادر مخيف، والفكر هش والقضايا مزعجة، تخيل أن نناقش موضوعات مثل المثلية الجنسية وبشكل صريح أعتقد أنها سينما مؤلمة. 

 


ذكرت أن الممثل فى الستينيات كان عملاقا ومثقفا، تقصدين أن ممثلى هذا الزمن ليسوا مثقفين؟
ـ فنانو هذا الزمن بينهم نجوم جيدون وآخرون ليسوا مثقفين، الورق نفسه أصبحت قصصه كلها اغتراب، وليس من بيئتنا الكل يقلد السينما الغربية.


ما عدد الأفلام واللوحات التى زينت جدران معرضك "المشهد"؟ 
ـ 20 لوحة، تمثل معالجة تشكيلية جديدة لمجموعة من الأفلام التى أصبحت جزءاً من التراث الثقافى المصري.


ما أبرز المشاهد التى تناولتها لوحاتك؟
ـ المشاهد التى تناولتها بأعمالى مشاهد لمجموعة من أبرز أفلام الستينيات من القرن الماضى والمأخوذة عن روايات لأشهر أدباء الستينيات، يحيى حقى (البوسطجي)، نجيب محفوظ (القاهرة30 ، بداية ونهاية، زقاق المدق، ثرثرة فوق النيل، السمان والخريف، ميرامار)، يوسف السباعى (رد قلبي)، إحسان عبدالقدوس (لا أنام، النظارة السوداء، أنا حرة، الوسادة الخالية، فى بيتنا رجل، لا تطفئ الشمس أنف وثلاثة عيون)، أحمد رشدى صالح (الزوجة الثانية)، جمال حماد (غروب وشروق)، لطيفة الزيات (الباب المفتوح)، ثروت أباظة (شيء من الخوف)، وطه حسين (دعاء الكروان). 


هل تعتقدين أن مثل هذه اللوحات ستباع؟
ـ أنا لا أبحث عن التجارة، لكن السوق الفنى لا يخضع لأى قوانين، هذا المشروع  تم توثيقه أكاديميا، وحينما أختار فيلما يكون قائما على شىء فلسفى، ومعرض "المشهد" هو مشروع فنى ممتد من 2018 إلى 2022، تم توثيقه نظريا وقدم جزء منه للتقييم أكاديمياً بكلية الفنون الجميلة. 


كل اللوحات أعتبرها أولادى، وأنا أستخدم فن الكولاج بخامات مختلفة، الفكرة ليست ترجمة حرفية للمشهد، لم أنقل الكادر كما هو، لكننى أنقل وضعية الأبطال أو مشهد مؤثر أو حركة البطل، لم أنقل المشهد كما هو، فأنا أضيف جديدا من خلال رؤية تشكيلية، لأن الفن بكل أشكاله منتج يستهدف الجمهور، ومن ثم لا بد أن يقدم له بصورة يستوعبها تخاطب إحساسه، وترتقى بذوقه العام من خلال مفردات بصرية تلمس وجدانه، يستطيع فهمها العقل الجمعى للمجتمع، وتكون مستوحاة من بيئته وثقافته، وليكون هدفه الأساسى هو تحسين ذائقة المجتمع بأكمله، وهذا هو الدور المنوط بالفنانين فى كل مجالات الفن.


اقرأ ايضا | سالى الزينى فنانة تشكيلية أكاديمية، استطاعت أن تخترق عالم سينما الستينيات، من وجهة نظرها كفنانة