إنها مصر

البنات المنتحرات!

كرم جبر
كرم جبر

كرة من النار يمتد لهيبها فى كل بيت، اسمها فيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعى، ومنذ أيام سقطت الضحية الثانية، الفتاة المنتحرة، بعد تداول صور خادشة للحياء لها، فخافت من الفضيحة وفضلت الموت على الحياة.
الأمر لا يتوقف على ذلك.

السب والقذف والشتائم وانتهاك الأعراض والابتزاز والكذب والزيف والخداع ، وغيرها من مفردات العالم الفسيح لمواقع التواصل الاجتماعى، التى أصبحت خطراً يهدد الجميع، ولا أحد بمنأى عنه.
ماذا نفعل؟
 أولاً: دور الإعلام هو تحفيز الوعى والتنبيه والتحذير، والمبادرة بالإبلاغ عن المواقع المسيئة، والإسراع بغلقها رغم صعوبة ذلك، سواء بفتح صفحات جديدة أو بالأسماء المستعارة، وهو دور أساسى وجوهرى للتصدى والمواجهة.
وتقوم لجان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بالرصد والمتابعة، رغم أن عدد الصفحات عشرات الآلاف، والمزيفة أكثر من الحقيقية.
 ثانياً: المشاركة المجتمعية فى ملاحقة الصفحات المزيفة ، ويا ريت تكون البداية بالمشاهير والشخصيات العامة، بحيث يبلغون على الفور بتزييف صفحات تحمل أسماءهم، والقيام بحملة تحت عنوان «امسك مزيف» لفضح المزورين.
 ثالثاً: العدالة الناجزة، وهى السيف الباتر الذى يساعد فى التصدى لهذه الظاهرة المخيفة، وينبغى التوسع فى نشر الأحكام القضائية لخلق حالة من الردع العام، وليعرف كل مسىء أنه لن يفلت من العقاب.
 الخطر يهدد الجميع، ولا سبيل إلا بخلق «حالة استفاقة»، بتوعية الشباب فى البيوت بأن الموبايل يمكن أن يكون قنبلة موقوتة، أو أداة لإيذاء الآخرين، إذا أُسىء استعماله، والمشكلة هنا هى انعدام الرقابة الأسرية، وانتشار الثقافات الإباحية.

ولابد أن يعرف الجميع أن هذه الأفعال بمثابة جرائم يعاقب عليها القانون، دون رحمة أو هوادة، لأن اغتيال سمعة البشر كارثة، فى مجتمع يمارس فيه البعض دور حراس الفضيلة، وينصبون أنفسهم جلادين.
 المسألة لا تتعلق بالحريات العامة، ولكن بجرائم تعاقب عليها القوانين فى كل دول العالم، واتهام الآخرين وتشويه سمعتهم والتنكيل بهم واستباحة أعراضهم، والنتيجة هى إما الانتحار أو الانتقام من الجناة.
 ليس من حق أحد أن يكون جلاداً أو متلصصاً أو منتهكاً لأعراض وسمعة الآخرين، فى زمن يتسلح فيه البعض بانعدام التربية والأخلاق والوازع والضمير، ويتباهون بالفضائح وهتك الستر والتشفى.

ذنب البنات المنتحرات فى رقبة كل أب لم يرب أبناءه وتركهم كالحيوانات الضالة يهددون الأبرياء، وفى رقبة كل أسرة لم توفر الحماية لبنتها وتركتها للخوف والذعر والهلع من الفضيحة، ولو احتضنوها ووفروا لها الحماية ولاحقوا الجناة، ما أقدمت على الانتحار.