التضحيات تصنع المستقبل

إيهاب فتحى
إيهاب فتحى

‭..‬يأتى‭ ‬عيد‭ ‬الشرطة‭ ‬فى‭ ‬الـ‭ ‬25‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬لنتذكر‭ ‬بطولة‭ ‬رجال‭ ‬من‭ ‬أمتنا‭ ‬تصدوا‭ ‬بدمائهم‭ ‬وأرواحهم‭ ‬لغطرسة‭ ‬المحتل‭ ‬وعربدته‭ ‬ولم‭ ‬تمض‭ ‬شهور‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التصدى‭ ‬البطولى‭ ‬حتى‭ ‬حدث‭ ‬التحول‭ ‬الفارق‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬بقيام‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬1952،‭ ‬فتضحيات‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬يوم‭ ‬تصديهم‭ ‬كانت‭ ‬مساهمًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬التغيير‭ ‬التاريخى‭ ‬الذى‭ ‬غير‭ ‬مقدرات‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬التى‭ ‬كافحت‭ ‬طويلا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نيل‭ ‬استقلالها‭ ‬وحريتها‭. ‬

أعطى‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬البطولى‭ ‬للأمة‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬أن‭ ‬فئة‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬مؤمنة‭ ‬بحق‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬فى‭ ‬العيش‭ ‬تحت‭ ‬رايات‭ ‬الحرية‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬التاريخ‭ ‬وتهزم‭ ‬أعتى‭ ‬الامبراطوريات‭ ‬المدججة‭ ‬بالسلاح،‭ ‬وكان‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬الأبطال‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬يملكون‭ ‬الإيمان‭ ‬بقضية‭ ‬بلادهم‭ ‬وعزتها‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬أحدث‭ ‬اسلحة‭ ‬العصر،‭ ‬واستطاع‭ ‬إيمان‭ ‬الرجال‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بالمحتل‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬أمامه‭ ‬سوى‭ ‬تحية‭ ‬هذه‭ ‬البطولة‭ ‬الفريدة‭ ‬التى‭ ‬صنعها‭ ‬أبناء‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬ممثلين‭ ‬فى‭ ‬رجال‭ ‬شرطته‭. ‬

نعم‭ ‬هو‭ ‬يوم‭ ‬تاريخى‭ ‬وفارق‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬ولكن‭ ‬حركة‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬ودائمًا‭ ‬مليئة‭ ‬بالتحديات‭ ‬والاختبارات‭ ‬للرجال‭ ‬وهذه‭ ‬التحديات‭ ‬تطرح‭ ‬نفسها‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬وقت‭ ‬ويقبلها‭ ‬الرجال‭ ‬بشجاعة‭ ‬لأنهم‭ ‬يعلمون‭ ‬جيدًا‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬وسط‭ ‬معارك‭ ‬التحديات‭ ‬يولد‭ ‬المستقبل‭ ‬الآمن‭ ‬لأمتهم‭ ‬ووطنهم‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬ليس‭ ‬سهلا‭ ‬أو‭ ‬هينًا‭ ‬ويلزمه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التضحيات‭ . ‬

طوال‭ ‬سبع‭ ‬عقود‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬خوض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬فوق‭ ‬التحدى‭ ‬الرئيسى‭ ‬المكلفين‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أمتهم‭ ‬ودولتهم‭ ‬وهو‭ ‬مكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬الذى‭ ‬لو‭ ‬استشرى‭ ‬فهو‭ ‬يهدد‭ ‬بقاء‭ ‬أى‭ ‬مجتمع‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬عقب‭ ‬ثورة‭ ‬الـ30‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬واجه‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬الأبطال‭ ‬عاصفة‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬فبجانب‭ ‬التكليف‭ ‬الأساسى‭ ‬واجهوا‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأسود‭ ‬الذى‭ ‬تقف‭ ‬وراءه‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية،‭ ‬وفى‭ ‬العامين‭ ‬الأخيرين‭ ‬كانت‭ ‬جائحة‭ ‬الوباء‭ ‬تقتحم‭ ‬عالمنا‭ ‬وتفرض‭ ‬قواعدً‭ ‬جديدةً‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬البشر‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولى‭ ‬الذى‭ ‬نحن‭ ‬جزء‭ ‬منه،‭ ‬وكان‭  ‬على‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬من‭ ‬الشرطة‭ ‬أن‭ ‬يخوضوا‭ ‬المعركتين‭ ‬متصدين‭ ‬للإرهاب‭ ‬الأسود‭ ‬والوباء‭ ‬اللعين‭ . ‬

وسط‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬والمعارك‭ ‬كان‭ ‬رصيد‭ ‬الثقة‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬عند‭ ‬المواطن‭ ‬والدولة‭ ‬المصرية‭ ‬حائزًا‭ ‬على‭ ‬العلامة‭ ‬الكاملة‭ ‬،‭ ‬هذه‭ ‬الثقة‭ ‬منبعها‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬فى‭ ‬خدمة‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الغالى‭ ‬و‭ ‬شعبنا‭ ‬الطيب‭ . ‬

رغم‭ ‬كل‭ ‬الثقة‭ ‬التى‭ ‬حاز‭ ‬عليها‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تجربة‭ ‬مواجهة‭ ‬وباء‭ ‬بهذه‭ ‬الشراسة‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬ملايين‭ ‬الأسر‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬جائحة‭ ‬بهذه‭ ‬الدرجة‭ ‬من‭ ‬الخطورة‭ ‬طوال‭ ‬قرن‭ ‬جعلت‭ ‬البعض‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬العبء‭ ‬أصبح‭ ‬فى‭ ‬ثقل‭ ‬الجبال‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬يتحمل‭ ‬ضعف‭ ‬طاقته‭ ‬وقدرات‭ ‬فوق‭ ‬قدرات‭ ‬البشر‭ .‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬بعيدة‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬الوباء‭ ‬الذى‭ ‬يفترس‭ ‬العالم‭ ‬انتشر‭ ‬والرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬يخوضون‭ ‬حربًا‭ ‬هى‭ ‬الأكثر‭ ‬شراسة‭ ‬ضد‭ ‬قوى‭ ‬الظلام‭ ‬والإرهاب‭ ‬ممثلة‭ ‬فى‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية،‭ ‬تأتى‭ ‬شراسة‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬خسة‭ ‬العدو‭ ‬الإخوانى‭ ‬الفاشى‭ ‬فهو‭ ‬عدو‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬سقفًا‭ ‬فى‭ ‬دمويته‭ ‬أو‭ ‬حدًا‭ ‬فى‭ ‬دناءة‭ ‬مخططاته‭ ‬بل‭ ‬لقد‭ ‬تدرب‭ ‬هذا‭ ‬العدو‭ ‬الخسيس‭ ‬المدعوم‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬القديم‭ ‬والحديث‭ ‬لما‭ ‬يقارب‭ ‬القرن‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬استهداف‭ ‬ثوابت‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الغالى‭ ‬وأرواح‭ ‬مواطنيه‭. ‬

وجه‭ ‬العدو‭ ‬الخسيس‭ ‬الرصاص،‭ ‬القنابل،‭ ‬الشائعات،‭ ‬الأفكار‭ ‬المسمومة‭ ‬وكل‭ ‬ماتصل‭ ‬إليه‭ ‬يداه‭ ‬الملطخة‭ ‬بالدماء‭ ‬الى‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬وهنا‭ ‬كانت‭ ‬صدور‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬هى‭ ‬من‭ ‬تتلقى‭ ‬هذه‭ ‬الضربات‭ ‬نيابة‭ ‬عنا‭ ‬جميعًا‭ ‬محافظين‭ ‬على‭ ‬قسمهم‭ ‬تجاه‭ ‬الأمة‭ ‬بأن‭ ‬تظل‭ ‬مصر‭ ‬وأبناؤها‭ ‬آمنين‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬ومكائد‭ ‬أهل‭ ‬الشر‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬الثمن‭ ‬الذى‭ ‬دفعه‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬الأبطال‭ ‬عن‭ ‬طيب‭ ‬خاطر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حمايتنا‭ ‬سهلا‭ ‬أوهينًا،‭ ‬ارتقى‭ ‬الشهداء‭ ‬منهم‭ ‬وسالت‭ ‬دماؤهم‭ ‬الطاهرة‭ ‬على‭ ‬تراب‭ ‬الوطن‭ ‬الغالى‭ ‬وفى‭ ‬إصرار‭ ‬لايعرف‭ ‬أى‭ ‬حد‭ ‬أعادوا‭ ‬بأرواحهم‭ ‬وأيديهم‭ ‬الصلبة‭  ‬اليوم‭ ‬المستقر‭ ‬الطيب‭ ‬الذى‭ ‬نعرفه‭ ‬كمصريين‭ ‬إلى‭ ‬حياتنا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سطت‭ ‬عليه‭ ‬الفوضى‭ ‬التى‭ ‬صنعها‭ ‬الفاشيست‭ ‬الإخوان‭ ‬وأذنابهم‭.‬

حقق‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الشرسة‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬الإخوانى‭ ‬الخسيس‭ ‬الانتصارات‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الانتصارات‭ ‬ودحروا‭ ‬الإرهاب‭ ‬هذا‭ ‬الانتصار‭ ‬ميزته‭ ‬قوة‭ ‬دافعة‭ ‬خاصة‭ ‬لأنه‭ ‬بنى‭ ‬على‭ ‬المعرفة‭ ‬والعلم‭. ‬

تربى‭ ‬التنظيم‭ ‬الإخوانى‭ ‬السرى‭ ‬الفاشى‭ ‬ونشأ‭ ‬داخل‭ ‬ظلمات‭ ‬أقبية‭ ‬مخابرات‭ ‬الاستعمار‭ ‬وتعلم‭ ‬من‭ ‬أسياده‭ ‬المستعمرين‭ ‬كل‭ ‬الحيل‭ ‬الشيطانية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬درجة‭ ‬فى‭ ‬تخريب‭ ‬المجتمعات‭ ‬الآمنة،‭ ‬استطاع‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬بعقولهم‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تهدأ‭ ‬فك‭ ‬شفرة‭ ‬التنظيم‭ ‬الإجرامية‭  ‬وكشف‭ ‬كافة‭ ‬أساليبه‭ ‬المنحطة‭ ‬فى‭ ‬التدمير‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الإطاحة‭ ‬برؤوس‭ ‬الأفاعى‭ ‬التى‭ ‬تديره‭ ‬وتشرف‭ ‬على‭ ‬مخططاته‭ . ‬

عندما‭ ‬حلت‭ ‬العقول‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تهدأ‭ ‬شفرة‭ ‬التنظيم‭ ‬الإجرامى‭ ‬وسقطت‭ ‬رؤوس‭ ‬الأفاعى‭ ‬اتضح‭ ‬حجم‭ ‬الخطر‭ ‬الذى‭  ‬يواجهه‭ ‬الوطن،‭ ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬الفاشية‭ ‬فى‭ ‬أبشع‭ ‬صورها‭ ‬الدموية‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬ينتمون‭ ‬لهذه‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أى‭ ‬حد‭ ‬فى‭ ‬ممارسة‭ ‬الخيانة‭ ‬لأجل‭ ‬المال‭ ‬الملوث‭ ‬ويختزنون‭ ‬فى‭ ‬قلوبهم‭ ‬السوداء‭ ‬كمًا‭ ‬هائلا‭ ‬من‭ ‬الحقد‭ ‬تجاه‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭. ‬

واجه‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬تحديات‭ ‬وتداعيات‭ ‬انتشار‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬وتطبيق‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سلامتنا‭ ‬وهم‭ ‬يخوضون‭ ‬حربهم‭ ‬الشرسة‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأسود‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬يتخلوا‭ ‬عن‭ ‬واجبهم‭ ‬الطبيعى‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المصاعب‭ ‬وكان‭ ‬واجبهم‭ ‬الذى‭ ‬يؤدونه‭ ‬كجهاز‭ ‬شرطى‭ ‬فى‭ ‬مكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬حالة‭ ‬الاضطراب‭ ‬التى‭ ‬سببها‭ ‬الوباء‭ ‬وإجراءات‭ ‬مواجهته‭ ‬استلزمت‭ ‬خبرات‭ ‬يجب‭ ‬اكتسابها‭ ‬سريعًا‭ ‬واستطاع‭ ‬المنهج‭ ‬التدريببى‭ ‬العلمى‭ ‬الذى‭ ‬يعتبر‭ ‬اساس‭ ‬عمل‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الاكتساب‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬سريعًا،‭ ‬واستطاع‭ ‬الرجال‭ ‬ومنهجهم‭ ‬العلمى‭ ‬تحويل‭ ‬الصعب‭ ‬إلى‭ ‬منحة‭ ‬وخبرة‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬رصيد‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬العريق،‭ ‬أصبحت‭ ‬هذه‭ ‬الخبرة‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحالة‭ ‬الطارئة‭ ‬التى‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬واضحة‭ ‬لكل‭ ‬منا‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬فى‭ ‬تطبيق‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬كبرى‭ ‬تعرضت‭ ‬لهزات‭ ‬مجتمعية‭ ‬وأمنية‭  ‬عند‭ ‬مواجهة‭ ‬تداعيات‭ ‬الجائحة‭ . ‬

كان‭ ‬يمكن‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الانتصارات‭ ‬فى‭ ‬أرض‭ ‬المعارك‭ ‬وعلى‭ ‬جبهات‭ ‬التحديات‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأسود‭ ‬إلى‭ ‬تداعيات‭ ‬الجائحة‭ ‬الوبائية‭  ‬غير‭ ‬التكليف‭ ‬الأساسى‭ ‬بمكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬أن‭ ‬تكفى،‭ ‬لكن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬لم‭ ‬ينسوا‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬بوصلتهم‭ ‬الرئيسية‭ ‬وهدفهم‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يتخلوا‭ ‬عنه‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭  ‬وهو‭ ‬المشاركة‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬المستقبل‭ .‬

منذ‭ ‬العام‭ ‬2014‭ ‬كلفت‭ ‬الأمة‭ ‬وجماهير‭ ‬ثورة‭ ‬يونيو‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬ببناء‭ ‬مستقبل‭ ‬مقوماته‭ ‬دولة‭ ‬حديثة‭ ‬وجمهورية‭ ‬جديدة‭ ‬تليق‭ ‬بحجم‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬العريقة‭ ‬وكان‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬وجهازهم‭ ‬العريق‭ ‬وبمنهجهم‭ ‬العلمى‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬تحدى‭ ‬جديد‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬يشاركوا‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬والجمهورية‭ ‬الجديدة‭ . ‬

فرض‭ ‬المنهج‭ ‬العلمى‭ ‬الذى‭ ‬تسير‭ ‬عليه‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة‭ ‬أثناء‭ ‬مشاركتها‭ ‬فى‭ ‬تشكيل‭ ‬هذا‭ ‬المستقبل‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬قطاعات‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬فهى‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بالتحديث‭ ‬فى‭ ‬المنشأ،‭ ‬بل‭ ‬صاغت‭ ‬فلسفة‭ ‬جديدة‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬والمواطن‭ ‬وفق‭ ‬تحديات‭ ‬عصر‭ ‬لايتوقف‭ ‬عن‭ ‬التطور،‭ ‬واستطاع‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬الصياغة‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬يلمسه‭ ‬المواطن‭ ‬فى‭ ‬تعامله‭ ‬اليومى‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬الخدمات‭ ‬التى‭ ‬تقدمها‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬لتتأكد‭ ‬ثقة‭ ‬المواطن‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬رجال‭ ‬شرطته‭ . ‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬المطورة‭ ‬التى‭ ‬تقدم‭ ‬للمواطن‭ ‬قاصرة‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬التعاملات‭ ‬اليومية‭ ‬لكن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تصور‭ ‬أكثر‭ ‬شمولا‭ ‬وله‭ ‬بعد‭ ‬إنسانى‭  ‬يرتبط‭ ‬بالفلسفة‭ ‬الجديدة‭ ‬وطبيعة‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬التى‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬بنائها،‭ ‬فأول‭ ‬قواعد‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬دولة‭ ‬الرفاه‭ ‬الاتجاه‭ ‬إلى‭ ‬الشرائح‭ ‬المجتمعية‭ ‬الأولى‭ ‬بالرعاية‭ ‬وهو‭ ‬ماعملت‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬الخدمات‭ ‬التى‭ ‬تقدمها‭ ‬وأصبح‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬منهجًا‭ ‬ثابتًا‭ ‬ودائمًا‭. ‬

امتدت‭ ‬هذه‭ ‬الفلسفة‭ ‬الجديدة‭ ‬حتى‭ ‬المفهوم‭ ‬العقابى‭ ‬الذى‭ ‬يطبق‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬خرج‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬وتم‭ ‬هذا‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬شامل‭ ‬وفق‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التى‭ ‬أطلقتها‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬الحديثة،‭ ‬فكان‭ ‬إنشاء‭ ‬مراكز‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتأهيل‭ ‬بدلا‭ ‬عن‭ ‬السجون‭ ‬التقليدية‭ ‬لتحقق‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬خطوة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬فى‭ ‬ترسيخ‭ ‬معانى‭ ‬الإنسانية‭ ‬تجاه‭ ‬من‭ ‬أخطأوا‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬مجتمعهم‭ ‬ولا‭ ‬تتركهم‭ ‬فريسة‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬بل‭ ‬تحرص‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬على‭ ‬إصلاحهم‭ ‬وتأهيلهم‭ ‬ليعودوا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬نافعين‭ ‬لوطنهم‭. ‬

قدم‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬مساهمته‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬قطاعات‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬هامة‭ ‬تتعلق‭ ‬بدور‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬الحديثة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الأقليمى‭ ‬والدولى‭  ‬ففتحت‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬خزائن‭ ‬خبراتها‭ ‬وأكاديمياتها‭ ‬العريقة‭ ‬بكل‭ ‬كرم‭ ‬أمام‭ ‬أشقائنا‭ ‬العرب‭ ‬والأفارقة،‭ ‬وامتد‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يشاركنا‭ ‬صناعة‭ ‬السلام‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬للإنسانية‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬غريبًا‭ ‬أن‭ ‬يحمل‭ ‬الأشقاء‭ ‬والأصدقاء‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭ ‬والامتنان‭ ‬لخبرات‭ ‬وكرم‭ ‬مدرسة‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬علمت‭ ‬ومازالت‭ ‬تعلم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يأتى‭ ‬لها‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬ينهل‭ ‬من‭ ‬خبراتها‭. ‬

رغم‭ ‬أن‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬الأبطال‭ ‬لا‭ ‬ينتظروا‭ ‬تحية‭ ‬أو‭ ‬تقدير‭ ‬على‭ ‬واجبهم‭ ‬وتضحياتهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أداء‭ ‬هذا‭ ‬الواجب‭ ‬و‭ ‬مساهمتهم‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬منجز‭ ‬المستقبل‭ ‬فى‭ ‬دولتنا‭ ‬الحديثة‭ ‬والجمهورية‭ ‬الجديدة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العرفان‭ ‬بما‭ ‬قدموه‭ ‬يمثل‭ ‬قيمة‭ ‬لنا‭ ‬سنحرص‭ ‬عليها‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬عيد‭ ‬للأبطال‭ . ‬