جريمة في عزبة الحريري | مقتل شاب على يد جيرانه أمام والدته بالشرقية

المتهم
المتهم

..البلطجة في أبشع صورها.. ذاك لسان حال ما جرى وحدث ليلة السبت في عزبة الحريري التابعة لقسم شرطة أول الزقازيق بمحافظة الشرقية؛ بعدما أنهى أب ونجلاه الاثنان حياة شاب لم يقترف ذنبًا سوى أنه تصادف وجوده وحظه العثر حين رأى الثلاثة يعتدون على خاله، الذي استطاع الفرار من بين ايديهم، بعد أول ضربة فلم يجد الجيران سوى الشاب ليُمسكوا به بدلًا من شقيق والدته، أوسعوه ضربًا وبدم بارد أمطروه بطلقات الخرطوش، ليُمثلوا بجثته أمام والدته وأعين المارة ومن كان من الموعودين برؤية هذا المشهد الدامي، التفاصيل المؤلمة الخارجة عن القانون والإنسانية بوجهٍ عام في السطور التالية.

 

على بُعد خطوات من أحد المنازل القديمة قِدم الزمن والتاريخ في المنطقة الملاصقة لمديرية أمن الشرقية، وبينما انسحب نور النهار وحلت ظُلمة الليل، ساق القدر الشاب علي عتمان، ابن الثلاثة وعشرين ربيعًا، ليجلس كعادته رفقة والدته بجوار المنزل يستنشقان هواء الشتاء بعيدًا عن الحجرة التي يعيشان فيها بالطابق الأرضي وبالكاد تسع لهما بعد عقد ونصفٍ من الزمان منذ رحيل والد علي.

 

استند الفتى على والدته وجلسا سويًا وعلت وجه الشاب ابتسامة باهتة لم تفسرها الأم، لكن ما هي إلا دقائق حتى حضر «أحمد» خال الفتى وشقيق والدته، ليجلس رفقتهما في مشهد بدا كما لو كان الوقوف أو الجلوس هوَّ الوسيلة الوحيدة للاطمئنان والسؤال عن الأحوال، لم تنس الأم أن شقيقها تربط بينه وأحد جيرانهم بالمنطقة، ويُدعى «أكرم»، خلافات ومشادات سابقة، لكنها ابتسمت وتهللت أساريرها فور رؤية «الأستاذ عبدالرازق» مقرئ القرآن الذي تكن له عظيم الاحترام يقف ويُنادي على شقيقها، في بادرة ظنتها والدة «علي» أنها لإنهاء الخلاف بين أكرم نجل جارهم وشقيقها.


6 دقائق!

اسرع «أحمد» الخُطى وهوَّ يسير نحو الجار ونجله الذي على خلاف معه، وما هي إلا لحظات حتى احتدم النقاش بينهم وتلقى الخال ضربة كاد أن يسقط من أثرها أرضًا قبل أن يفر من المكان كمن رأى الموت متجسدًا في خنجر يحمله «أكرم»، لكن فرار الخال لم يكُن نهاية الأمر وخلاصه؛ ففي الوقت الذي ترجل علي لاستطلاع الأمر رآه «عبدالرازق» ليجذبه بيديه ويطرحه أرضًا كما لو كان يقتص منه بدلًا من خاله.


دموية وخناقة دارت رُحاها في ست دقائق من طرف واحد ضم الأب ونجله وهُم يتفننون في الاعتداء على الفتى «علي»، بدايةً من ضربة سريعة بالخنجر جعلت وجه الشاب يبدو على شاكلة وجه «الچوكر» في أفلام هوليود،أوسعت حجم فمه اتساعًا أفصح عن دماء كثيرة أغرقت الفتى وملابسه، فضلًا عن طعناتٍ عدة وجهها «أكرم» للشاب في الوقت الذي كان الجار والوالد يُمسك بتلابيبه كما لو كان ذبيحة يذبحها ابنه، وبدا الأمر كذلك.


اكتمل المشهد الدموي حين فرغ عبدالرازق ونجله من الفتى ليُصوب نجله الثاني «أدهم» طلقات خرطوش أصابت «علي» في مقتل وجاورت قلبه وربما جرت مجرى الدماء نحو نهايته، ليسقط الفتى صريعًا غارقًا في دمائه يستغيث دون صوت ويبكي دون دموع، وبين هذا وذاك والدته التي أصابتها ضربة على رأسها من القتلة وهي تحاول نجدة وحيدها، لكن هيهات؛ فالقتلة أتموا عملهم الإجرامي على أفضل ما يكون أمام أعين الجميع، حتى أن طلقات الخرطوش أصابت بشكل عشوائي عددا من أهل المنطقة.

 

حضر رجال مباحث قسم أول شرطة الزقازيق إلى المنطقة، في الوقت الذي جرى خلاله نقل المجني عليه إلى المستشفى القريب ليتأكد هناك نبأ وفاته ومقتله على يد جاره ونجليه، فيما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على الأب ونجله أكرم، ولاذَّ نجل الأول وشقيق الثاني «أدهم» بالفرار.

في غمضة عين

سردت الأم المكلومة لـ «أخبار الحوادث» تفاصيل ما دار وجرى أمام عينيها، مؤكدةً على أنها ونجلها يعيشان بأقل القليل منذ وفاة والده قبل خمسة عشر عامًا، إذ كان الأب يعمل عملًا بسيطًا في بيع أنابيب البوتاجاز، وشبَّ الفتى حتى أنهى دراسته وحصل على شهادة الدبلوم، وفي طرفة عينٍ فارق الحياة أمام أعينها.


الأم رضا أكدت لـ«أخبار الحوادث»، على أن ابنها لم يكُن ابنها فقط أو مجرد ابن، قائلةً: «كان ابني وأخويا وحبيبي وكل الدنيا ودايما كنت انعى اليوم الذي سوف يتزوج فيه ويبعد عني عدة ساعات إلى مدار اليوم، النهاية الآن انني فقدته للأبد.. ابني راح قصاد عيني وإحنا ناس غلابة ملناش غير ربنا ومش طالبين غير حقه والقصاص».


البداية كانت بتلقي اللواء محمد والي، مساعد وزير الداخلية مدير أمن الشرقية، إخطارًا من اللواء عمرو رؤوف، مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن الشرقية، يفيد بورود بلاغ بسماع دوي إطلاق خرطوش في عزبة الحريري التابعة لدائرة قسم شرطة أول الزقازيق، ما أسفر عن مقتل المدعو علي عتمان، 23 سنة، حاصل على دبلوم تجارة.

 

تبين أن وراء ارتكاب الواقعة  كلًا من: «عبدالرازق ز م»، 63 سنة، موظف بالمعاش، ونجليه «أكرم»، 25 سنة، حفار، و«أدهم»، 20 سنة، عامل، فيما دلت التحريات على مقتل «علي» متأثرًا بإصابته بطلق خرطوش وجرح قطعي في الوجه من الجهة اليسرى وعدة طعنات، إذ جرى نقله إلى مستشفى الزقازيق الجامعي، لكنه توفيَّ متأثرًا بإصابته، وتمكن رجال مباحث قسم شرطة أول الزقازيق من ضبط الأب ونجله «أكرم»، فيما لاذ المتهم الهارب «أدهم» بالفرار، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 22740 جنح قسم شرطة أول الزقازيق لسنة 2021، وبالعرض على جهات التحقيق أمرت بانتداب الطب الشرعي لتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة، صرحت بحبس المتهمين الاثنين، والتصريح بدفن جثة المجني عليه عقب الانتهاء من الصفة التشريحية، وضبط وإحضار المتهم الهارب.

اقرأ ايضا | البلطجة في أبشع صورها