برامهول وشيبمان.. القتل في سبيل خدمة المجتمع

موضوعية
موضوعية

الثقة والغرور صفتان يفصل بينهما خيط رفيع ومع تخطيه يتحول الأمر من كونك متميز فيما تقدمه وتقوم به إلى شخص لا يرى سوى هيمنته وأفكاره والتي قد تكون ليست على مقدار التميز حتى أنها قد تصل إلى اعتقاده أنه لا يخطئ وكل ما يقوم به هو في صالح الآخرين وكأنه يقضي خدمة عظيمة للمجتمع.

ولكن الخطورة تكمن حينما تتملك صفة الغرور اشخاص في مجال يمس حياة البشر مثل الطب ليكون الأمر كارثة كاملة المقاييس فحياة الأفراد أصبحت في يد من لا يقبل النصيحة ولن يتراجع عن خطأ وهو ما حدث مع طبيبين سيطر عليهم غرورهم ليتخذ الأول من توقيعه على أكباد المرضى علامة له والأخر قرر أن يطبق الموت الرحيم لكل مريض يتعدى عمره الـ 40 لينهي حياة المئات.

"سيمون برامهول" رغم أن البداية لم تكن لديه ولم يكن صاحب السبق في إعلاء الغرور على قيم مهنة قد تكون الأسمى لإنقاذها أرواح بريئة في حاجة للمساعدة إلا أنه يعتبر المثال الأفضل للغرور والغطرسة المهنية كما وصفته محكمة الممارسين الطبيين في بريطانيا والتي أدت إلى تقويض ثقة الجمهور في مهنة الطب حسب موقع "BBC".

حيث وصل "برامهول" ذلك الطبيب الجراح الذي يبلغ من العمر 57 عاما من الغرور ما جعله يترك توقيعه من الأحرف الأولى لاسمه "SB" على كبد مرضاه باستخدام آلة شعاع الأرجون وهي تلك التقنية العلاجية التي تقوم على استخدام مصدر ضوء قوي بأطوال موجية محددة لتخثر الأنسجة حيث يقوم النسيج المستهدف بامتصاص الطاقة الضوئية التي تتحول إلى طاقة حرارية فيما يعرف بـ "الليزر الحراري".

ففي عام 2013 أثناء عمله كجراح استشاري في مستشفى الملكة إليزابيث في برمنجهام اكتشف أحد الأطباء الجراحين ما يقوم به "برامهول" في مرضاه وهم تحت تأثير المخدر حيث اكتشف الطبيب أثناء إجرائه جراحة متابعة لأحد مرضى "برامهول" توقيعه بالأحرف الأولى من اسمه بحجم 4 سنتيمتر على كبد المريض الذي قام برامهول بزراعته.

ليتم إيقاف ذلك الطبيب المتغطرس عن العمل وإجراء تحقيق تأديبي له داخل المستشفى ليقدم بعدها استقالته في عام 2014 وبعدها وتحديدا في ديسمبر 2017 تم إدانته في محكمة برمنجهام كراون في تهمة التعدي بالضرب ليتم تغريمه 10 آلاف جنيه إسترليني وفي 2020 تم إيقافه عن العمل لمدة 5 شهور نتيجة إدانته الجنائية ليستأنف بعدها المجلس الطبي العام قرار تعليقه عن العمل لتعيد الأمر برمته إلى محكمة الممارسين الطبيين للنظر فيه.

ورأت المحكمة أن تصرفات برامهول رغم أنها لم ينتج عنها أضرار جسدية جسيمة للمرضى إلا أنها انهت الثقة بين المريض والطبيب مما يهدد وبشكل خطير ثقة المجتمع في مهنة الطب ويؤدي حتما إلى جلب المهنة ككل إلى سوء السمعة لتكون عقوبته المتناسبة مع غطرسته هو حذفه من السجل الطبي.

ومنه تذكر المجتمع الطبي كاملا في بريطانيا " هارولد شيبمان" ذلك الطبيب الذي استغل مهنته التي يثق فيها الجميع لتكون أداة للقتل حيث تمكن خلال فترة عمله من عام 1975 إلى عام 1998 من قتل أكثر من 250 شخصا من مرضاه بداية من تشخيصهم بأمراض لا يعانون منها ونهاية بحقنهم بجرعة قاتلة من "الديامورفين" لتكون زيارتهم الأخيرة للطبيب ويكون هو أحد أكثر القتلة إنتاجا في عدد ضحاياه في بريطانيا بحسب موقع "Britannica".

فنتيجة لطفولته ورؤيته لوالدته وهي تعاني من مرض سرطان الرئة واعتمادها على "المورفين" لتخفيف آلامها كان لهذا الأمر وقع أساسي عليه نظرا لارتباطه بها ليتحول إلى طبيب قاتل رغبة منه أنه يساعدهم على إنهاء معاناتهم كنوع من القتل الرحيم فعلى الرغم من طرده من عمله الأول بسبب تزويره للوصفات الطبية الخاصة بمادة أفيونية مخدرة تستخدم عادة لعلاج الآلام الشديدة بهدف استخدامها الخاص حتى أصبح مدمنا إلا أنه تمكن البدء من جديد ليعمل في مركز "دونيبروك الطبي" وبعدها أسس عيادته الخاصة ليقبض مزيد من الأرواح.

حيث كشف جهات التحقيق أن "شيبمان" ونتيجة عدم حذفه من السجل الطبي والاكتفاء برسالة تحذير لتزويره الوصفات الطبية تمكن من مضاعفة أعداد ضحاياه والتي بلغت 171 سيدة و44 رجلا مستخدما نفس طريقة القتل وهي إعطائهم جرعة قاتلة من الديامورفين واختلف ما بين مشاهدتهم يموتون في عيادته أو يرسلهم إلى المنزل ليموتوا لتكون ضحيته الأكبر هي "آن كوبر، 93 عاما" وأصغرهم "بيتر لويس، 41 عاما"

اقرأ أيضا  لأول مرة في تاريخ التاج البريطاني: الاحتفال باليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية