أفكار متقاطعة

استفزازات ع الهوا

سليمان قناوي
سليمان قناوي

أصبح  هناك فى مصر من يتحدثون عن المليون جنيه وكأنها ألف جنيه وعن الألف كما لو كانت عشرة جنيهات فيعلنون عن شقة للطبقة المتوسطة بمليون وستمائة ألف جنيه، وإعلان آخر عن شقة مقدمها نصف مليون جنيه وقسط شهرى يبدأ من 35 ألف جنيه، ولا تكف هذه الإعلانات عن ملاحقتنا بمكالمات على التليفون المحمول ورسائل على الواتس اب أو بوستات على الفيس بوك،ناهيك عن ضجيج إعلانات التليفزيون، لابد فى هذه الحالة أن تتساءل عن أى طبقة متوسطة يتحدثون؟ وهل هناك من هذه الطبقة القادر على أن يدفع الآن قسطاً شهرياً قدره فقط خمسة آلاف جنيه، فهو بالكاد يدفع قسط  200 جنيه لسخان المياه وقسط آخر قدره 500 جنيه لكسوة الشتاء لأفراد الأسرة من بينها مائة جنيه قسط جاكت ثقيل يقيه صقيع هذه الأيام، فلم تعد هذه الطبقة قادرة على أن تشترى أى شىء وكل شىء بدءاً من الأحذية والبطاطين حتى أى سلعة معمرة  سوى بالتقسيط الذى أثقل كاهل مرتبات جميع أفراد هذه الطبقة، فأصبحوا يعملون فقط لسداد كمبيالات أو ايصالات الأمانة الشهرية لمشتروات التقسيط ،وبعد ده كله تأتى مذيعة لتسأل أحد مليارديرات المقاولات عن أرخص فيلا فى مشروعه فيقول 4 ملايين جنيه، فترد: أنت كده بتستهدف الطبقة الوسطى وكأن المليون بالنسبة له ولها عبارة عن فكة كده ،أما عن أرخص شقة فى نفس المشروع ( ستديو مساحتها 60 مترا) فتبلغ مليون وستمائة ألف جنيه ( يا بلاش) ،فلو افترضنا جدلاً أن هناك من أبناء الطبقة المتوسطة  من يتحصل على دخل شهرى 30 ألف جنيه أو حتى 20 ألف جنيه( خيال مالى لا علمى) فهل يستطيع هذا الشخص الافتراضى سداد ثمن هذه الفيلا أو تلك الشقة، وإذا أهلكت نفسك بحثاً عن هذا الكائن الخرافى لن تجده إلا فى مسلسلات «نصيبى وقسمتك»، فمعظم من ينتسبون لهذه الفصيلة المنقرضة أصبحوا بعد سداد أقساط المدارس وكسوة الشتاء وفواتير الكهرباء والغاز والماء والمحمول يكملون « عشاهم» نوما، ويا أهل الإعلانات الذين يعيشون فى كوكب ثانى، لن نقول لكم تفقدوا الأحياء الشعبية لتعرفوا أحوال الناس ولكن انزلوا الأحياء المتوسطة ونقطونا بسكاتكم لا استفزازاتكم البرامجية والإعلانية ،الله يرحم الطبقة المتوسطة و» يبشبش الطوبة اللى تحت راسها».