أحمد الشريف يكتب: عقوق العقول.. المهنة مذيع!

الكاتب الصحفي أحمد الشريف
الكاتب الصحفي أحمد الشريف

يقولون: «إن الجسد قد يكبل ويرمى في أعتى السجون.. ولكن العقل الحر غير قابل للتكبيل أو الاعتقال».. ونحن كإعلاميين نعتمد على بعض العناصر، التي إن لم تتوافر في أحدنا، تاهت المهنة وخبت وضاع بريقها وانحرفت رسالتها إلى المجهول..

تغذية العقل، أبرزها.. وأغلبنا لديه خطيئة العقوق تجاه عقولنا.. محترفون في إهمالها، نبذل المستحيل لملئها بـ«التفاهات»، أغلبنا - وربما أنا منكم - نستحق أن نصم أنفسنا بأننا مخطئون بإحدى كبائر المهنة وهي «عقوق العقل»!..

«المذيع»، أحد أولئك الأشخاص الذي لابد أن يتوب عن تلك الخطيئة، لابد أن يكون هناك صلة رحم بينه وبين عقله، لأنه مصدر قوته وتميزه ونجاحه، ولابد له أن يتعامل معها «كمهنة»، وليس «كوجاهة اجتماعية»، لأنها أحد أعظم مهن الأرض، إن لم يكن أكثرها تأثيرا في نفوس البشر..

أزعم أنني أقل من أن أقيم أحداً، أو أن أشير إلى بواطن ضعفه، ولكن إن أشرت إليك بأصابع النقد فإني أشير من منطلق الغيور على المهنة، غيور عليك، أحب أن أراك في أحلى طلة وأبهى صورة، لذلك إن كنت أحد أولئك الذين يتصدرون الشاشات فلابد لك أن تهتم بالآتي:

(1) أول عنصر: «اللغة العربية»، لا يليق بك كمذيع ألا تكون متمكنا من اللغة، هي قوتك وسلاحك ودرعك على الشاشة.

(2) مثلما تحافظ على شكلك ورشاقة جسدك، لابد أن تهتم أيضا «بعقلك» أضعاف أي جزء آخر بجسدك، لأن المشاهدين الآن أكثر وعيا، وإن شاهدوك مرة لـ«جمالك»، فلن يشاهدوك أخرى إن شعروا أن عقلك قطعة من اللحم فقط، فلابد أن يكون همك الأول «عقلك»، والمشاهد الآن لا يرحم أحدا..

(3) لابد أن تتعامل مع نفسك من منطلق أنك ستعيش عمرك كله «تلميذ»، ستظل تجتهد وتذاكر إلى أبد العمر، ولابد أن تكون متابعا جيدا لآخر المستجدات والتطورات التي يشهدها العالم، ولابد لك أن تنتقي مصادرك، ولابد للمعلومة أن تكون موثقة وحديثة..

(4) لابد لك ألا تتعامل مع المهنة «باستخفاف».. أذكر أن أحدهم لالتزامه ومهنيته يرفض «الأكل» قبل الظهور على الشاشة، لأنه يرى أن الطعام سيؤثر على «حركة النفس» وعلى مخارج الألفاظ.. 
أما عن الضيوف، فمن اسمه هو «ضيف» لابد أن أعامله معاملة من زار بيتي، أستقبله بترحاب ووجه بشوش ويكون في حوار قبل الهواء، «بالبلدي كده أفكه قبل الهوا»، لكن لا يليق أن يكون أول حوار بيني وبين الضيف على الهواء!!.

(5) جزء كبير من «شطارة» المذيع، «معد شاطر»، وعلى قدر علاقة يحكمها التقدير والاحترام والود بين الاثنين، على قدر ما كان يقدم على الشاشة متميز ورائع.. وخلافات ما وراء الشاشات تظهر وتنعكس على الشاشات!!..

(6) لابد على المذيع أن يكون ملماً بالسياسة التحريرية الخاصة بالمكان الذي تعاقد معه، فلا يصح أن تمر الأيام والشهور والسنين، دون أن يهضم ما يصح أن يقال أو لا يقال!.. وبالتأكيد هناك متغيرات، ولكني هنا أتحدث عن الثوابت..

(7) مشاكل المذيع الشخصية، تقف عند عتبة باب بيته، لا يصح أن يحملها معه إلى العمل أو إلى الشاشة!..

(8) بخلاف أن المذيع، لابد أن يكون لديه نقد ذاتي لنفسه، وأن يكون رقيبا على أدائه والذي يقدمه من محتوى، لابد له أيضا أن يكون مستمعا جيدا لكل من حوله، يتقبل النقد والملاحظات وينظر كيف يستفيد مما قيل، ويطور من نفسه..

(9) حين تطرق الشهرة بابك ويصير لك متابعون، هذا يجعلك أكثر تركيزا في تعاملاتك الشخصية قبل المهنية، دع الجميع حينما يأتي ذكرك يقولون: «ده شاطر وكمان ابن ناس»!!.

(10) مرة أخرى، وختاما.. لابد أن تتعامل مع نفسك من منطلق أنك ستعيش عمرك كله «تلميذ».. فعش عمرك كله تجتهد..

وعلى الله قصد السبيل، أنا أقلكم وأضعفكم.. خذوا ما ترونه مناسبا، لأن ما قيل، قيل بحب وبغيرة على المهنة..