فى الصميم

تهانى الجبالى..

جلال عارف
جلال عارف

على مدى العمر، لم تكن تهانى الجبالى تسعى وراء منصب أو جاه، ولا تعمل من أجل «أجندة خاصة»، وإنما كانت تعمل بضمير وطنى خالص يعرف قدر مصر، ويسعى جاهدا- فى كل موقع شغلته- لكى يؤدى الأمانة تجاه وطن يستحق كل التضحيات من أبنائه المخلصين.


ترحل تهانى الجبالى  عن عالمنا متأثرة بمضاعفات «كورونا»، اللعينة. نفقد القاضية العظيمة التى كانت أول مصرية تدخل عالم القضاء فى عصرنا الحديث لتقدم من خلال موقعها فى المحكمة الدستورية العليا نموذجا للقاضى الوطنى المدافع عن الدستور حتى النهاية.


كانت تهانى الجبالى قبل ذلك قد عاشت سنوات طويلة فى رحاب المحاماة، وقدمت خلالها صفحات ناصعة فى العمل النقابى، ووقفت بشجاعة تدافع عن الحريات، وتناصر قضايا المرأة، وتتصدى لمحاولات «أخونة» العمل النقابى، وتتمسك بمدنية الدولة وقيم الحرية والعدالة.


ومع انتقالها لموقعها القضائى فى المحكمة الدستورية بدأت مرحلة جديدة ومهمة فى حياتها المهنية لتقدم نموذجا تفتخر به المرأة المصرية وتؤكد جدارتها فى كل المواقع. ثم كان موقفها العظيم دفاعا عن الدستور فى عام حكم الإخوان الذى أراد أن يضع القضاء المصرى العظيم وكل مؤسسات الدولة تحت سطوة إرهاب يستهدف إعادة مصر لظلام العصور الوسطى.
وكان حصار ميليشيات الإخوان للمحكمة الدستورية عنوانا لحكم لا يمكن أن يستمر وكان تعديل الدستور على يد مرسى الذى استهدف- ضمن ما استهدفه- التخلص من بعض أعضاء الدستورية العليا ومن بينهم تهانى الجبالى دليلا على إفلاس حكم لا يؤمن إلا بالإرهاب دستورا له.


أما تهانى الجبالى فكان طريقها واضحا.. استمرار النضال لما تؤمن به حتى لاقت ربها بالأمس، لتفقد مصر قاضية عظيمة ومناضلة لم تتراجع أمام الإرهاب، ولم تفقد إيمانها بأن مصر سوف تفرض كلمتها رغم كل التحديات، وبأن شعبها العظيم هو الباقى.. وهو المنتصر.


رحم الله تهانى الجبالى.. القاضية العظيمة، والوطنية الصادقة، رحمها الله- وتغمدها بواسع رحمته بقدر ما أعطت لوطنها فى معركته من أجل العدل والحرية، وضد خفافيش الظلام!