نهار

غضب داوود عبد السيد!!

عبلة الرويني
عبلة الرويني

سنوات من قراءة المنحني الهابط وتردي الأحوال في صناعة السينما...حتي أدرك  المخرج داوود عبد السيد أن مملكته ليست في هذا العالم، وأن ليس بإمكانه أن يتعايش مع كل ذلك التهاون والسطحية، والمنطق السائد منذ سنوات في صناعة سينما..ورغم توقفه فعليا عن تقديم أفلام جديدة، منذ فيلمه الأخير(قدرات غير عادية)٢٠١٥..لكنه ظل مبقيا علي بعض الأمل في واقع سينمائى أفضل...لكنه قبل يومين،أعلن اعتزال العمل السينمائي وتوقفه عن الإخراج، لأنه (لا يستطيع التعامل مع نوعية أفلام التسلية والترفيه التي يفضلها الجمهور حاليا)!!... العبارة الأدق (الأفلام التي تقدم للجمهور حاليا،وليس التي يفضلها الجمهور أو يطالب بها..فالجمهور(مش عاوز كدة)..لكن كل إبداع يصنع جمهوره،وليس العكس)..

إعلان داوود عبد السيد إعتزاله، أمر مؤسف بالتأكيد، لكن غير حقيقي...ليس بإمكان  المبدع أن يخرج من إبداعه وهويته.. يمكنه أن يتوقف أو يتباعد...يمكنه أن يعلن غضبه  واحتجاجه عن سوء حال السينما،عن تراجع الانتاج السينمائي وانحدار صناعة السينما..

إعلان داود عبد السيد الإعتزال هو إعلان غاضب.. ليس غضبا شخصيا، لكن احتجاج علي مناخ لا يسمح للإبداع الحقيقي بالحضور والتواجد، بينما يمنح الفرصة كاملة للتردي والسطحية...غضب داوود عبد السيد لا يخصه وحده،كثير من مخرجينا المبدعين يجلسون في بيوتهم،بعيدا عن واقع سينمائى لا يشبهونه ولا يشبههم، واقع مختلف عن أفكارهم وتصوراتهم وإبداعهم..علي بدرخان، خيري بشارة، يسري نصر الله، وكثيرون محاصرون في نفس العزلة والابتعاد....هي مشكلة السينما ومشكلة الثقافة عموما، وسياسات ثقافية بحاجة إلي إعادة صياغة لخدمة الإبداع الجاد والحقيقي..