ثلاثة نقاد في وداع «عصفور»

ثلاثة نقاد فى وداع «عصفور»
ثلاثة نقاد فى وداع «عصفور»

كتب : محمد سرساوى

بعد حياة حافلة بالبصمات، والأدوار ودعنا الناقد الكبير د.جابر عصفور منذ ساعات إلى دار البقاء، حيث مضى وترك تراثا فكريا تنويريا للمكتبة العربية، وقد توجهنا بسؤال إلى 3 من النقاد البارزين: ماذا فقدت الثقافة العربية برحيل عصفور، وذلك فى محاولة لسبر أغوار الحدث.

فى البداية يقول الناقد الكبير د.محمد عبد المطلب: فقدت الأمانة والصدق والحياد والمعرفة الصحيحة، فجابرعصفور من الذين قرأوا التراث واستوعبوه، وقرأ الحداثة وفهمها، واستطاع أن يوفق يين الأمرين دون أن يلفق بينهما.

واستطاع أن يحول مرحلة نقل الثقافة من الغرب إلى العرب إلى إنتاج أصيل للثقافة العربية، وقد بدأ هو هذا الأمر فى معظم مؤلفاته التى تناولت الدراسات النظرية والتطبيقية فى البلاغة والنقد العربى والإبداع العربى من شعر ونثر ورواية وقصة ومسرح، واستطاع بكل هذا الجهد أن يقدم إلى العالم الثقافة العربية فى صورة باهرة لا تعرف التعصب، ولا العنصرية، وقد حَوَّل فقيد الأدب العربى القاهرة إلى عاصمة للثقافة العربية، وجعل المجلس الأعلى للثقافة منارة علم وشعلة تضئ النشاط فى كل مكان، وكل زمان.

ويقول الناقد المتميز د.حسين حمودة: إسهام د.جابر عصفور فى النقد الأدبى العربي، وفى الثقافة العربية عموما، إسهام متعدد الجوانب، تبلور خلال إمكانات كبيرة وعمل دائب متصل، وأيضا خلال تكوين مهيأ للقيام بهذا الإسهام، تكوين د.جابر العلمى شيد على وصل بين معرفة وافية بالتراث العربى القديم، وبالنقد الغربى فى اتجاهاته الحديثة المتنوعة، وطبعا بالأدب العربى الحديث.

فى الشعر والرواية والقصة بوجه خاص، واتصل هذا التكوين أيضا بالتعلم على أيدى أساتذة كبار، على رأسهم طه حسين وسهير القلماوى وعبد العزيزالأهواني، وتعرف د.جابر على النقد الغربى الحديث وتأسس على قراءات موسّعة، وترجمات لأعمال مهمة، وأسفار، واحتكاك بعدد كبير من النقاد الغربيين الجدد، وإلى جانب هذا الإسهام، على مستوى النقد، هناك أدوار ثقافية كبيرة قام بها د.جابر عصفور، خلال عمله بالمجلس الأعلى للثقافة،.. فقد استطاع عقد مؤتمرات دولية مهمة، جمع فيها بين أهم المثقفين العرب فى مجالات متعددة.

ويضاف إلى هذا عمله فى المركز القومى للترجمة، وقيامه بمشروع كبير لإنجاز عدد من الترجمات المهمة فى مجالات معرفية شتى، وسواء فى مشروعه النقدي، أو فى مشروعه الثقافى، ظل دكتور جابر عصفور مخلصا للقضايا التى دافع عنها، وللإيمان بسبل تقدم مصر والأمة العربية، وللدور الذى يمكن أن تقوم به الثقافة من أجل هذا التقدم.

 


وفى الختام يقول الناقد د.سيد ضيف الله:جابر عصفور من البنائين العظام فى الثقافة العربية وهم قليلون جدا. وأظن أن أهم إنجازات جابر عصفور أنه الناقد الأدبى والأكاديمى الذى أعاد بناء الخطاب النقدى العربى على أساس عقلانى مدني.

ففى قراءاته للتراث كان ينطلق من فهم للتراث باعتباره لا يكون تراثا إلا بنا وفينا. وفى قراءاته النقدية للرواية آمن بها مثلما آمن بها نجيب محفوظ باعتبارها شعر الدنيا الجديد، جابر عصفور رأى الرواية كنوع أدبى قرينة التنوير، لم يكن ممكنًا النقد الأدبى بهذا الوعي.

وبذلك الحلم أن يرضى بأن يكون حبيس أسوار الجامعة متخاذلا أمام تحديات الواقع وأزمات مصر والأمة العربية، ما تفتقده الثقافة العربية برحيل جابر عصفور هو الفجوة التى سنعيشها لزمن حتى يظهر بعض تلاميذ عصفور فى العالم العربى شريطة أن يكونوا بجرأته فى مواجهة تحديات الواقع.

اقرأ ايضا | ناقد ومترجم يبكي على الهواء حزنا على جابر عصفور | فيديو