فى الصميم

وداعاً.. جابر عصفور

جلال عارف
جلال عارف

على درب رواد الفكر المستنير فى تاريخنا الثقافى، سار جابر عصفور، عاش طوال حياته مدافعاً عما آمن به، مقاتلاً ضد دعاة التخلف وخفافيش الظلام، داعياً لمستقبل لا يبنيه إلا العقل الحر والفكر المستنير.
سيبقى دوره الكبير فى تحديث النقد الأدبى العربى ومواكبته لكل إبداع جميل على مدى نصف قرن جهداً استثنائياً.
وسيبقى دوره أستاذاً لأجيال من الباحثين المرموقين فى الأدب العربى نموذجياً.


وسيبقى عظيماً ما قدمه على الدوام فى كل موقع ثقافى مهما كانت الظروف والتحديات.


ما فعله أثناء قيادته للمجلس الأعلى للثقافة أو مع تأسيسه للمركز القومى للترجمة كان درساً فيما يستطيع المثقف الجاد أن يقدمه حين يقود مؤسسة رسمية من موقع الولاء للثقافة المستنيرة والفكرالحر، مثل قدوته طه حسين وكل التنويريين الكبار.


عاش جابر عصفور مشتبكا مع قضايا أمته، مؤمناً بأن طريقنا للمستقبل لابد أن يمر عبر الحداثة والعقلانية والحرية، ومن هنا كانت حياته معركة متصلة ضد الفكر الظلامى الذى كان على مدار التاريخ.. يعادى العقل ويصادر الحرية ويكره الإبداع.


يرحل الدكتور جابر عصفور عن عالمنا ونحن أحوج ما نكون إلى وجوده ليواصل دوره الرائد فى معركة الوعى والاستنارة وتجديد الفكر وحرية العقل فى الاجتهاد والإبداع.
يرحل الدكتور جابر ويبقى ما تركه ينير الطريق لتحرير الثقافة من ميراث الأفكار المتخلفة، لنصنع المستقبل بالفكر الحر والعقل المستنير.
وداعاً دكتور جابر. كنت -فوق كل ذلك- الأخ، والصديق، والإنسان الذى لايعوض. الرحمة والمغفرة لك، والعزاء لكل مثقف ومبدع فى عالمنا العربى.