نسرين العسال تكتب.. المرأة الصعيدية من الهاوية  إلى القمة !!

نسرين العسال
نسرين العسال


فى عام ٢٠١٦ كنت برفقة، الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولى السابقة، فى جولة ميدانية بمحافظة قنا وبالتحديد فى مركز قوص بقرية الجمالية، تفقدنا بعض المشروعات الصغيرة ، ومتناهية الصغر للحرف اليدوية، وكان لافت للنظر جداً، حرفية ومهارة المرأة الصعيدية، فى إتقان المشغولات والأعمال اليدوية، لكن ، رغبتهم الجامحة فى أن تصل أعمالهن ،إلى المجتمع الخارجى، أمر مشروع! وبالفعل ناشدت الفتيات الوزيرة وقتها ، لمساعدتهن فى خروج أعمالهن إلى النور ،من خلال العمل على توفير منافذ لهن ،تسمح لهم بالإنتشار أكثر توسعا" فجميعهن أجتمعن على لسان حال واحد " ( نحن فى حاجة، الى دعم فنى لتسويق منتجاتنا، بالشكل الجيد الذى يليق بنا وببلدنا، وليكن من خلال بازارات، وأسواق بالخارج) وهذا مطلب طبيعى لهن !. خاصة أننى لاحظت بالفعل أنه ليس لديهن سوق داخل القرية . وأثناء الإستماع لهن، ومتابعة أعمالهن المميزة.

 أستوقفنى على هامش تلك الأعمال سيدة ،تبدو من ملامحها أنها بسيطة، ضعيفة بداخلها إنكسار، يغلب على أمرها ،لكن حين أقتربت منها ،وجدت على العكس تماما، فلم أرى أمامى سوى أمرأة ،حادة ذات شخصية قوية، صلبة جدعة ،جديرة بالأحترام، تثق بذاتها ،إلى أبعد الحدود - هذة سمة المرأة الصعيدية-  تدعى عبير خريشة كانت تعمل مسئول، ومنسق فودافون مصر، قطاع الصعيد محافظة قنا، وسوهاج، وأسيوط . 


بالفعل تبادلنا  أطراف الحديث، فى حوار دار لبضعة دقائق عن دور المرأة الصعيدية، خاصة فى ما يختص بالعمل العام، فقالت لى نصا " المرأة لا تأخذ حقها، كاملا إلى الآن لكن على قدر تعليمها المحدود ،وفى ظل معتقدات وموروثات صارمة، أستطاعت أن تصل الى درجة تعليم لابأس بها ،وأضافت أن عقلية الأسر فى الصعيد، مازلت ترفض خروج المرأة ،الى العمل حيث يرجع ذلك، إلى تعنت الأسرة ،التى أفرزتها موروثات قديمة، وعادات، وتقاليد، لم تتغير  حتى الآن.
 وفيما يتعلق بالتعليم على الأخص، أضافت أن هذا التعنت أدى إلى إنخفاض مستوى التعليم بشدة، بالرغم من أن هناك فتيات ترغبن فى إستكمال تعليمهن، فى الحصول على درجة الدراسات العليا ،لكن للأسف يفتقرن ،إلى التشجيع الكافى، والحث على التعليم، وهذا ما يجعل أخر ماتحصل عليه الفتاة، من شهادات  هى الليسانس، أو البكالوريوس، أو الدبلوم، بعدها يصبح كل آملهن هو  إيجاد فرص عمل، لكن أكثر الأعمال فى الصعيد، للأسف يفضلون الرجل عن المرآة ،مؤكدة عبير أن ذلك يعتبر  أحد أشكال التمييز بين الرجل، والمرأة ،حيث مازال نظرة الرجل إلى المرأة متدنية، بالرغم من أن الرجل ،نفسه يرغب دائما فى العمل الحكومى، حتى يضمن الراتب الشهرى الثابت، لأن   العمل الخاص بالنسبة له،  يواجه العديد من العقبات، والعراقيل التى تحول دون إتمام مشروعه، وذلك لكثرة تعقيد الإجراءات ، مع وجود شريطة، الضامن الشخصى له إذن الرجل يتعرض أيضا لمشكلات وليست المرأة فقط .

كما على النحو الآخر، تحدثت عبير عن عملها ، قائله نحن لا نقل أهمية ،عن الرجل فى الصعيد بشىء،  فأنا على سبيل المثال أعمل ،فى  مجال التنمية منذ ٢٣ عاما ،فى عدة مناصب ،أولها شغلت رئيس مجلس إدارة، جمعية نسائية ،ثم يليها مدير مركز ،حتى مدير مشروع ، وحاليا منسق ثلاث محافظات حتى الآن، وأشارت أنها رفضت تمام العمل بالحكومة، لأنه ضد طموحاتها ، و لقناعتها الشخصية ،لانه يحجم من قدرات الشخص، وبالرغم من ذلك أضافت أن هذا الفكر لايقتصر على أشخاص كثيرين، فجميعهم يفضلون العمل الحكومى .
 
وفيما يتعلق  بالمشاكل، التى يتعرض لها قلب محافظة قنا  قالت عبير ،مازال مشروع الصرف الصحى، لم يعمل منذ خمسة أعوام حتى الآن، وبالنسبة لمياه الشرب تعتبر جيدة بنسبة 50% فقط ، وهذة النسبة بالتأكيد غير كافية للمدينة بأكملها ،ثم أشارت وقتها أن هذا  ليس فقط بل هناك  العديد من العقبات الأخرى، التى تواجه القطاع الصحى،  الأطباء لا يتواجدون بشكل مستمر،  فى الوحدات الصحية ، لأن الطبيب للأسف يرفض الحضور الى الصعيد، لعدم وجود خدمات، وأدوات ملائمة، تساعده على العمل  .
وقالت أن أغلب الأطباء يأتون من وجه بحرى.. وهذا من النادر  أيضا.. لذلك تجدين لكل مجلس قروى، طبيب واحد فقط لاغير ، بالرغم من أن المشاكل الصحية مستفحلة، و عديدة ، وفى حاجة إلى أكثر من طبيب.

 و فيما يتعلق بالتطعيمات، قالت عبير  غير متوفرة بالوحدات الصحية بتاتاً ،وإن وجدت تكون منتهية الصلاحية، وهذا مايجعل الأهالى، تخشى على أبناءهم من أعطاءهم التطعيمات ،وبالتالى تضطر  الأم الى الذهاب، إلى طبيب خاص ب 1500 ج ،مقابل ثمن التطعيم الواحد وهى تعتبر تكلفة باهظة الثمن، لكن لايوجد مفر !! .

 أما عن تجربة عبير ،فى هذا الإطار قالت أن  أبنتها،  تعانى من شلل نصفى ،بسبب طمع، وأستغلال طبيب، فقد  "أستغل أحتياجها له " والسبب فى ذلك يرجع إلى إفتقار الوحدات الصحية بالأطباء ولعدم وجود بدائل.

ومن هنا عرضنا لكم لمحة سوداء ،من موطن إحدى قرى الصعيد ،عام ٢٠١٦ ،وبالرغم من قساوة المشهد العابر، إلا أن دوام الحال من المحال،  ومع التحول الزمنى أنتقلت الصورة من الأسوأ إلى الممتاز  فى عام  ٢٠٢٢ حيث تبدلت المعاناة ،والمشكلات ،إلى مكتسبات، لصالح أهالى الصعيد من خلال روشتة عاجلة ،كتبها الرئيس عبد الفتاح السيسى بخط اليد لعلاج بعض المشكلات، والمعوقات، التى تعوق أى مواطن صعيدى ،حيث فتح الرئيس من خلال زيارته إلى الصعيد أبواب الأمل على مصرعيها  لأبناءها، وأهاليها  ، للحاق بركب قطار التنمية والتقدم .
ولأننى مواطنة ذات أهتمام بشأن المرأة على الأخص فكان حرصى الشديد الإطمئنان على حال المرأة الصعيدية فى ثوبها الجديد لكن الآن يتملكنى الفضول فى معرفة إنعكاس هذة الزيارة على السيدة عبير خريشة هل أثلج صدرها  ؟! وهل تلك القرارات الجديدة التى من شأنها سيكون لها دور فعال فى تطوير وتنمية محافظات الصعيد  أسعدتها ؟! على الأخص فى تصعيد المرأة الصعيدية أيضا ؟!! الإجابة نعم !..صعيدية وأفتخر .