إنها مصر

أيام ويهل يناير

كرم جبر
كرم جبر

أمريكا لم تكن بريئة، فى إشعال الحروب الدينية فى منطقة الشرق الأوسط فقد تصورت فى يوم من الأيام، أنها تستطيع "تحضر العفريت" وتصرفه باحتضانها تنظيم القاعدة، وأثبتت الأحداث أن الذى يحضِّر العفريت ليس ضرورياً أن يستطيع صرفه.
وقررت أمريكا أن تذيق دول وشعوب المنطقة من كؤوس النار، الإرهاب الذى حاول تحطيم إمبراطوريتها فى أحداث 11سبتمبر .
كان السؤال: كيف تفتقت عقول الإرهابيين على استخدام الطائرات المدنية كسلاح تدمير أقوى من أسلحة القتال و"توما هوك"، ولم تستطع أعظم تكنولوجيا الإدارات فى العالم أن تكتشفها.
كانت أمريكا تفكر فى حرب النجوم، والخطر القادم من الصين وكوريا الشمالية ودول جنوب شرق آسيا، التى تصعد بسرعة الصاروخ، ولا يمكن مواجهتهم إلا بنقل مسرح العمليات من الأرض إلى الفضاء.
فوجئت أمريكا أن الخطر لم يأت من "النجوم" بل "الكهوف"، وأن حروبها القادمة التى مهدت لها أفلام هوليوود مجرد أوهام، وأن الكائنات الفضائية موجودة بالفعل فى دول الشرق الأوسط والأدنى، فى الجماعات الإرهابية التى فجرت برجى التجارة.


وارتفع شعار "لماذا نقتلهم إذا كانوا يقتلون أنفسهم؟"، وحددوا أدوات الدمار الشامل فى عنصرين: الجماعات الإرهابية المتعطشة للسلطة والدماء، وشباب يتم تدريبهم وتجنيدهم فى الغرب وهم المعروفون بالنشطاء.
اضرب سوريا وفككها واصنع داعش ومعها جماعات دينية متحاربة تظل تتقاتل حتى تستنزف كل شيء، وهو نفس السيناريو الذى تم تطبيقه بجيوش أجنبية مع العراق، ولكن فى سوريا بميليشيات محلية وطائرات حربية.


الخطر فى "الكهوف" وليس "النجوم" - هكذا اكتشفوا- والحرب يجب أن تكون مدمرة وأن يكتوى الذين أنجبوا الإرهابيين بالنار، وأن يتم تفكيك دولهم وتشريد شعوبهم وجعلهم عبرة وعظة.
وإلى اليمن وليبيا، وأى دولة أخرى يمكن أن تشعل فيها حروب أهلية تحت أية مسميات، وكانت مصر أيضاً مدرجة على "جدول النار"، وأطلقوا عليها الثمرة الكبرى، أو المكافأة العظيمة لربيعهم الدامي.
أخطر شيء هو أن يلعب "السياسى المبتدأ" دور الزعيم التاريخى صاحب النظريات، وهذا ما فعله بعض المسئولين الأمريكيين مثل كونداليزا وكولن باول وبوش الابن ومساعديهم، عندما غلفوا غزو المنطقة بشعارات سياسية أحياناً ودينية وفلسفية، علاوة على أكذوبة الديمقراطية وحقوق الإنسان.


أيام ويهل يناير، الشهر الذى وقعت فيه الأحداث الجسام، والعبرة والعظة هي: فلنحافظ على بلدنا من كل شر.