مع احترامى

التعليم.. كمان وكمان

فرج  أبو العز
فرج أبو العز

تظل معركتنا نحو تعليم حقيقى هى أم القضايا بعد الله إله الكون وتراب الوطن، هى قضية مفصلية تمثل عصب الحاضر وعماد المستقبل وأساس أى تنمية كانت فى ظل تطورات متلاحقة تتمثل فى الثورتين الصناعيتين الرابعة والخامسة.
لابد أن نستثمر جيدا جهود القيادة السياسية لإيجاد تعليم حقيقى فى بلادنا يضعنا فى مصاف الدول المتقدمة ويضعنا فى طور التطور التكنولوجى المتسارع الذى يشهده العالم حاليا بما لا يقبل بأى حال من الأحوال التخلف عن ركبه.
أطمئن تماما لحديث الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام المنتدى الدولى للتعليم العالى والبحث العلمى الذى استضافته العاصمة الإدارية الجديدة قبل أيام وتأكيده على أن الدولة المصرية إرادتها لن تلين لإيجاد تعليم حقيقى فى بلادنا يواكب تطورات العصر وكذلك متطلبات سوق العمل فوظائف اليوم بالقطع لن تكون هى وظائف المستقبل.
طريقنا للانطلاق نحو تعليم حقيقى يواكب العصر وسوق العمل فى المستقبل لابد أن ينبنى على أساس واقعى وليس على أحلام فكيف ذلك والتعليم الحقيقى-كما ذكر الرئيس - يتطلب مقومات اقتصادية تستطيع سد الثغرات التى يواجهها نظامنا التعليمى حاليا ويعمل على بناء بنية أساسية مناسبة للتعليم بمفهومه الجديد والمتطور.
لا أحد ينكر أن لدينا مشاكل كثيرة فى نظامنا التعليمى الحالى أبرزها غياب دور المدرسة بشكلها التقليدى فى جانبى التربية والتعليم فى ظل كثافة فصول تضعف بالقطع من مستويات التحصيل وتزيد من وقائع الشغب والتنمر بين الطلاب وفى ظل نقص واضح ومعترف به من وزارة التربية والتعليم فى المعلمين مع اعتبار أن المعلم يظل ويبقى هو الأساس فى العملية التعليمية.
فى اعتقادى المتواضع كل البدائل التى طرحتها وزارة التربية والتعليم لعلاج مشكلة نقص المعلمين مثل نظامى الحصة والتطوع لن تجدى فى إنجاح العملية التعليمية بل ستزيد الأمر صعوبة عبر إدخال غير المتخصصين فى العملية التعليمية والتى تعد من الأهمية بحيث لا يجب الاستهانة بها لهذا الحد ويكفينا غير المؤهلين الذين دخلوا العملية التعليمية دون علم أو وعى بخطورة وأهمية تلك المهنة السامية التى تحمل رسالة وليس الربح والسعى وراء الدروس الخصوصية والتدريس فى السناتر.
الحل إذن فى إعادة التكليف لخريجى كليات التربية التى تخرج سنويا مدرسين مؤهلين علميا وتربويا لكن من أين تدبير الموارد فى ظل الضغط الشديد على موارد الدولة؟ وهنا يجب أن نجتهد جميعا: الدولة ومؤسساتها وكذلك مؤسسات المجتمع المدنى وجمعيات رجال الأعمال فى التفكير خارج الصندوق فى كيفية تدبير أموال لتستطيع الدولة سد العجز الصارخ فى المعلمين.
ما المانع من إنشاء لجنة عليا للتعليم تشارك فيها كل أطياف المجتمع لتكوين رؤية شاملة ومدروسة لتدبير موارد لإعادة تكليف المعلمين انطلاقا من أهمية التعليم لمختلف مجالات التنمية؟ فلا تنمية حقيقية بدون تعليم حقيقى يواكب العصر وتطورات التقنية وكذلك سوق العمل.
لماذا لا يتوافق المجتمع على أهمية إنشاء صندوق لدعم التعليم تشارك فيه الدولة بالأساس ومنظمات المجتمع المدنى وجمعيات رجال الأعمال والشعب بأكمله فى ظل إدراك كبير لكافة فئات المجتمع بأن تعليمنا الحالى بعافية ويحتاج جرعة بل جرعات إنعاش؟
أرى أن الوقت مناسب تماما لطرح فكرة الصندوق فى حوار مجتمعى عن طريق غرفتى البرلمان «مجلسى النواب والشيوخ» لعمل جلسات استماع موسعة حول ذلك الاقتراح وبعد التوافق عليه تباشر الجهات التشريعية والرقابية وضع المعايير والقواعد اللازمة ليعمل الصندوق بشكل متوازن بين الإيرادات والنفقات.
ليس هناك أدنى شك فى أن المواطن سيكون عاملا فاعلا فى إنجاح مثل تلك الخطوة المهمة فالتعليم كان ويظل وسيستمر قضية كل بيت من رياض الأطفال حتى التخرج فى الجامعة.
مشاكل التعليم معروفة والحلول أيضا معروفة وينقصنا فقط مصادر للتمويل فمن يدق الجرس؟