منال عيسي بطلة «دفاتر مايا»: أحب فن الحياة وأخاف من دراسة التمثيل

منال عيسي بطلة «دفاتر مايا»: أحب فن الحياة وأخاف من دراسة التمثيل
منال عيسي بطلة «دفاتر مايا»: أحب فن الحياة وأخاف من دراسة التمثيل

منذ شريطها السينمائى الأول صارت نجمة ساطعة، امتدت نجوميتها للسينما الفرنسية، ومنها إلى الألمانية، والآن تعمل على فيلم من إنتاج نتفليكس عن السبَّاحة السورية سارة مارديني.. إنها الفنانة اللبنانية الشابة منال عيسى التى يعرض لها فيلم «دفاتر مايا» - بتوقيع الثنائى جوانا حاجى توما وخليل جريح - بمسابقة آفاق السينما عربية بمهرجان القاهرة السينمائى الثالث والأربعين، فكان لأخبار الأدب معها هذا الحوار: 
 

• دخلت عالم التمثيل السينمائى بالصدفة.. أخبرينا عندما عرضت عليك دانيال التمثيل بفيلمها.. ما الذى أغواك بالقيام بالدور؟ 
- وصلتنى رسالة على الفيسبوك، لم أكن أعرف إن كان حقيقى أم كذب، ولا سبام، رديت عليهم بالرفض، وبأنه ليس لدى اهتمام. حاولوا مجدداً. ثالث مرة قلت احتمال يكون هذا الشيء جدي، فلما ذهبت والتقيت بمخرج الكاستنج، وطلبوا منى استراحة فرديت: «بأنه لأ، وسوري، وأنتم اللى طلبتوني..» ولم أتوقع أن يطلبونى مرة ثانية بعد هذا اللقاء. فى اللقاء الثانى التقيت بدانيال لنشرب قهوة، من تلك اللحظة أغرمت بشخصيتها. إنسانة رائعة، كنت شاهدت لها «معارك حب»، أحببت الفيلم، فبدأت تحكى معى قصة السيناريو، أثناء حكيها كنت أقاطعها وأقول لها: «وأنا كمان صار معى مثل هذا شوي، وأنا أيضاً بأتصرف هيك..» فبدأت أشعر بأشياء مشتركة بيننا، ثم أعطتنى الإسكريبت لقراءته. كان مكتوباً بطريقة جيدة جداً، أحببته. عرفتنى على الممثلين، حضرت معها أفلاماً، كان «الكاست» جميل جدا، وهذا خلق جواً رائعاً فى التصوير، لكن أيضاً كنت متوترة لأنها كانت أول تجربة تمثيل، كان التوتر هذا يُضايقني، مما جعلنى أشعر أنه من الأفضل أن أبقى وحدي، بعيداً عن هذا التوتر. 


• كيف تعاملت مع الدور، خصوصا أن البطلة كانت أيضاً مهاجرة من لبنان إلى فرنسا؟ هل كان ثمة تشابه بينكما؟ 
- يمكن تجربتى اختلفت الآن، لأنى مثلت عدداً من الأفلام، فبدون وعى صرت أعرف أن كل إنسان بداخله كل شيء وكل أنواع الشخصيات والسلوك. فى «الباريسية» كنت أتخيل حالى بباريس وأنا ليس معى هاتف أو أى شيء، لا أمتلك شيئا له علاقة بالتكنولوجيا، أتعرف على ناس، عندما لا يكون معى فلوس أعرف كيف أتصرف. هذا عن التشابه بينى وبين شخصية لينا، لكننا أيضاً مختلفتين. أنا مثل لينا تركت لبنان ٢٠٠٦ مع أهلى بعد الحرب إلى فرنسا، لكن نظرتنا للأشياء ليست واحدة، لم أعش كثيراً من الأشياء التى عاشتها لينا. أهمية فيلم دانيال أنه لا يحكى فقط عن لبنان، لكن أيضاً عن قصة بنت «مقطوعة» أو وحيدة، تحاول أن تأخذ الطاقة من الناس فى محيطها. لذلك أدركت لماذا أحب الناس الفيلم وتجاوبوا معه. 

 

 

 


• كنت تدرسين الهندسة بفرنسا عندما تم ترشيحك لفيلم «الباريسية».. فهل أعدت التفكير بضرورة دراسة أشكال من الأدب أو الفنون؟
- درست الهندسة وأحب ألعاب الفيديو جيم، والتكنولوجيا.. لكن عموما بعد أن بدأت التمثيل لم أفكر أبدا فى دراسة التمثيل، أخاف من هذه الفكرة، لا أحب أن أذهب لمكان ليدربنى كيف أتصرف أمام الآخرين ثم يصير هناك منافسة على هذا الموضوع. لا. أنا أيضاً محظوظة لأنى أتعلم من شغلى كثيراً، ومن الفريق معي. أنا بصراحة أحب فن الحياة. لو حبيت أعبر عن شيء أستحضره من داخلي، أتذكر كيف أعيش الأشياء وأحسها، وقتها أقدر على أن أمثل، لا أعرف هل سأستطيع التمثيل على خشبة المسرح أمام العالم وأحفظ نص كبير طويل أم لا؟ ربما ذات مرة أفكر فى هذا، لكن المهم الآن أننى أعمل سينما. أنا هكذا أعمل من الحياة، لا أكذب، ولا أعرف الكذب، وإذا كذبت يتضح علىَّ، فأنا بأشتغل على الحقيقة ومن الحياة ١٠٠٪، ومن الأرض.

 


• كيف اشتغلت على نفسك لتحققى رؤية المخرجة؟ هل كان هناك جلسات قراءة مع المخرجة؟
- لا أتذكر أننى أشتغلت على نفسي، لم يكن عندى وقت، كنت أتنقل بين إمتحانات الجامعة، والتصوير مع دانيال، ومشاهدة فيلم أو لقاء مع الممثلين. أكثر شيء تعلمته مع دانيال وأحب أكرره مع نفسي، أن دانيال كانت تجعلنى أقرأ السطور أمام الممثل فى الكاستنج، كنا نحكى كثيراً ونخرج لنشرب القهوة، لم نعمل بروفات كثيرة، لكن تعلمنا أن نكون قريبين جداً من بعض ونعرف بعض جيداً، وصارت دانيال حبيبة قلبى ورفيقتي. تعلمت أيضاً أننى لست وحدى فى المشهد، كان معى إضاءة ومسافة وكاميرا وصوت، ما تعلمته واستوعبته هو كيف تعمل هذه العناصر مع بعض، كيف أرى الكاميرا وأقف صح، ويكون وجهى فى الضوء. كنا لما نصور المشهد فتقول دانيال: جميل، أو ناقص شيء، أو تعالى نجرب نعمله بطريقة آخرى. دانيال تحب أن تعمل أشياء كثيرة، فلو صورت مشهد عصبى جدا، كانت تقول: تعالى نجرب نعمل نسخة أروق، أو أقل عصبية، ليكون لديها اختيارات للمونتاج. 

 


• فى عام واحد قدمت عملين لبنانيين «دفاتر مايا» و«البحر أمامكم»،. والأثنين عرضا باثنين من أعرق المهرجانات الدولية - كان وبرلين - فأيهما كان أقرب لروحك أكثر، أيهما أخذ منك طاقة للتفكير للخروج به بشكل أفضل؟


- «البحر أمامكم» مختلف عن «دفاتر مايا» البطلة فى الأخير تحاول أن تتواصل مع والدتها، بالصور والتسجيلات التى تمت بالثمانينات، بينما فيلم إيلى يحكى عن الواقع، فأحدهما دور يحكى عن الماضي، والثانى يحكى عن الحاضر. جوانا وخليل أحبهم، وإيلى أيضاً أحبه، الفيلمين بهما كثير من الاختلافات. كنت مع جوانا وخليل نتحدث عن كيف أمثل صورة، كنت أحاول أن أمثل صور لشخص ما كان يعرفنى كثيراً وأنا صغيرة، كان هذا الشخص يركب الصور على بعض مع إضافة للتسجيلات فيقدر يخلق أو يكون شخصيتي، فالصور تعبر، وفى النصف الثانى أصير أحكى ما حدث معي.. أما فيلم إيليا فهو عن حاضر، عن شيء يشبهنى أكثر، كنت أشتغل على الضياع الذى نعيشه، كنت أتركنى مع الأحاسيس الداخلية المخنوقة بهذا الشعور بالضياع، وإيليا صار صديقاً قريباً جدا، وأشتغل معهم مليون مرة. كذلك جوانا وخليل دائما نتلاقى ونتحدث، وأنا لا أعمل مع أحد أختلف معه، مع جوانا وخليل كنت أشتغل بدون إسكريبت، لم يعطونى اسكريبت، لم أكن أعرف ما الذى صار قبل، وماذا سيحدث بعد. كانا فقط يطلبان منى أن أقوم بتنفيذ اللقطة بشكل معين فأفعل، وبعدين جزء كبير من الفيلم صور تراها ابنتى وتتعرف من خلالها على شخصيتي، كنت أكبر

 

 

وأتطور عمرياً من سن ١٣ لعمر ١٨، فكنا مع جوانا وخليل نتحدث عن السن الذى يُعبر عن اللقطة، وماذا أرتدي؟ وكيف أتصرف؟.. بينما فيلم إيلى كان عن فترة زمنية واحدة وشخص يشعر بالضياع، فشغل إيليا كان أكثر عن الشخصية، ونظرا لأنه ليس هناك تصوير

فيلمى كرونولوجى للحياة، فكان لابد أن أحافظ على التطور النفسى للشخصية، فيلم إيليا أصعب لأنى لابد أن أظل بنفس الحالة وعلى نفس المستوى حيث الإصابة بالإكتئاب، لكن على عدة أشكال وتنويعات، من هنا كنت أشتعل على الإكتئاب.. لذلك فيلم إيليا يحتاج لشغل كثير جدا.. بينما فيلم جوانا وخليل كنت أفكر فى ما هى الصورة التى تراها ابنتي، ماذا أحكى بهذه الدفاتر حتى أقدر أعمل لها تمثيل.


•  الزوجان جوانا حاجى توما وخليل جريج مخرجا فيلم «دفاتر مايا» لهما تجارب مشتركة عديدة ناجحة، برأيك كيف يكون الوضع مع اثنين من المخرجين لفيلم واحد..؟ هل الأمر بالنسبة لك كممثلة يشكل صعوبة؟ أم أنه مماثل لوجود مخرج واحد للعمل؟ 


- أكيد غير متماثل، لكن حلو .. هناك جوانب كان يهتم بها خليل مثل الجوانب البصرية، بينما تهتم جوانا بجوانب القصة، فى أوقات كنت أحكى مع أحدهما فقط، لأنى أوقات أشعر إن خليل سيعطينى إجابة أكثر، وأحيانا أشعر أن جوانا ستجاوبنى أكثر، أحيانا آخرى أجمعهما سوياً وأسألهما.. لم أحس باختلاف. الشغل معهما جميل جدا، هما ثنائى رائع والعمل معهما ممتع، فهل هناك أحلى من ذلك.. صعب إن الإنسان يجد شخصيات مثلهم ليعمل معهم. فالشغل مع الثلاثة كان تجربة بديعة لا تُنسى.


• بفيلم «البحر أمامكم».. أرى الدور مخ كبير لا يفلت منه إلا القليلون، لأن مساحة التعبير الداخلى - بدون كلمات - كبيرة.. الحوار قليل باستثناء المشاهد مع الحبيب حيث تنفك عقدة اللسان وتتحول للثرثرة والفضفضة.. أعود لنقطة الصمت - الفخ - وأسألك كيف تمكنت من الإفلات من هذا الفخ.. 

 


• هل كنت تناقشين المخرج إيلى داغر فى لحظات الصمت؟ أم أنه كتب فى السيناريو شرح تفصيلى لطبيعة هذه المشاعر الغاضبة الحزينة المكتومة، كيف تم ذلك؟ أم أنه ترك لك مساحة من الارتجال؟ 


- «البحر أمامكم» أحلى فيلم صورته. إيلى داغر إنسان ذكى لدرجة مخيفة، والإسكريبت كان مكتوباً بشكل مخيف وحلو بنفس الدرجة. الفيلم يحكى عن فتاة تشعر أنها فاشلة فترجع إلى لبنان حيث أهلها، ليس على بالها أن تحكي، فكان الطبيعى أن أتفادى الحكي، كنا نتناقش أنا وإيلي. كان عنده فيَّ ثقة مخيفة. لم نرتجل. منذ البداية كنت أعرف أنه لا مكان للارتجال. فيه عدة مشاهد طولنا مدتها لأبعد مما هو مكتوب مثل السهرات مع الحبيب، لكن الارتجال بالفيلم قليل جدا. 


• هل الأفلام التى مثلت فيها وتناولت إشكاليات لبنانية عبرت عن كل هواجسك تجاه لبنان؟ أم لازال لديك أفكار ترغبين فى تجسيدها والتعبير عنها؟ سواء فى لبنان أو الوطن العربى؟ 


- فيلم «دفاتر مايا» و«البحر أمامكم»، وفيلم «الباريسية»، كلهم حسيت فيهم بمشاكل لبنان، وفيه أكيد مليون خبرية وناس نحكى عنهم، وحالات نفسية وشباب وأمهات، ممكن يعملوا مليون فيلم.. أهم شيء أن يتواجد التمويل والدعم لهؤلاء الموهبين والعالم الصح، أن يتوفر إنتاج يساعد العالم الصح بأفلامها، فيكون المخرج مُحاطاً بناس تساعده على تحقيق فيلمه. مثلاً؛ أنا بفيلمى الذى أكتبه أحكى عن الشباب فى لبنان الذين بدون أهل، أو تُركوا ويعيشون بمفردهم، هذا الموضوع يشغلنى كثيراً. هناك قضايا آخرى كثيرة. 

 

أقرا ايضا | أكبر حشد عسكري إسرائيلي منذ عام 2006 على الحدود اللبنانية