نحن والعالم

لعبة الكبار

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

من المؤسف حقاً ان نرى كل يوم كيف يتم استغلال مواطنى الشرق الأوسط «المنكوب» كبيادق فى رقعة الشطرنج الدولية، وكيف تتحول مآسينا لأوراق ضغط وكروت للمقايضة فى لعبة الكبار. 


فمنذ ان زرعت امريكا بذرة الفوضى بتدخلها العسكرى لإسقاط نظام صدام حسين فى العراق ثم ما تبع ذلك من ثورات فى عدة دول عربية، اصبحنا إرثاً مستباحا للأجندات الخارجية.

الاستغلال الأول كان باستخدام الآلاف من الثائرين على التواجد الأمريكى فى العراق ومثلهم من المعارضين لنظام الاسد فى سوريا وتدريبهم وإمدادهم بالسلاح من أمريكا وإيران وتركيا لتحويلهم لمرتزقة تخدم اجندات تلك القوى فى المنطقة، فيستخدمها البعض لتبرير تدخله فى سوريا والعراق ويستخدمها آخرون لتحقيق أطماعهم فى ليبيا.

ثم جاء الاستغلال الثانى للرئيس التركى اردوغان لأزمة اللاجئين السوريين كورقة ضغط للحصول على مكاسب من الغرب. واليوم يتكرر الأمر مع ازمة آلاف اللاجئين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا وتحولهّا لحلقة جديدة فى الصراع بين بيلاروسيا وحليفتها روسيا من جهة والاتحاد الاوربى من جهة اخرى.

جوهر الأزمة أكثر من 2000 لاجيء عالقين على تلك الحدود حيث ترفض بولندا السماح لهم بالعبور ولا يمكنهم العودة للعاصمة البولندية. وفى الخلفية يتبادل الطرفان الإتهامات حيث يتهم الاتحاد الأوروبى الثنائى الروسى «بتصنيع» الأزمة باستجلاب آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط وأفريقيا ودفعهم عبر حدوده لزعزعة أمن واستقرار أوروبا انتقاما للعقوبات التى فرضها الاتحاد على بيلاروسيا، وكورقة للضغط لدفعهم للجلوس على الطاولة والتفاوض، فيما يتهم الطرف الآخر الغرب بعدم الالتزام بالقيم التى يدعيها ومحاولة خنق بيلاروسيا بزيادة التواجد العسكرى البولندى على حدودها.

وفى خضم هذه اللعبة التى تحول فيها لاجئو المنطقة لبيادق، يموت العشرات كل يوم من البرد فى درجات حرارة تقترب من الصفر وهم يحاولون العبور الحدود نحو أمن واستقرار حرمهم منه «الكبار» بعد ان حولوا المنطقة إلى مرتع لطموحاتهم.