من الأعماق

اللي إحنا عايزينه عملناه

جمال حسين
جمال حسين

قبل 7 سنوات من اليوم، وبالتحديد فى مايو عام 2014، وخلال مقابلةٍ تلفزيونيةٍ للمشير عبدالفتاح السيسى، المُرشَّح لمنصب رئيس الجمهورية، وجَّهت له مذيعة قناة سكاى نيوز سؤالًا مباشرًا، قائلةً: هل تدعو لتعديل اتفاقية كامب ديفيد من حيث عدد القوات المصرية العسكرية المسموح بها فى سيناء؟

رد السيسى بكل ثقةٍ: "اللى إحنا عايزينه هنعمله، ولو الأمر تطلَّب إننا نعدِّل الاتفاقية ما اعتقدش انهم يرفضوا؛ لأنهم يتعاملون مع دولةٍ وجيشٍ، له قوة عادلة ورشيدة مش قوة حمقاء"..

ومرَّت الأيام وأصبح السيسى رئيسًا للجمهورية، وكان التحدى الأول له محاربة جحافل داعش والقاعدة و17 جماعة إرهابية، نمت وترعرعت وتسلَّحت بأحدث الأسلحة، خلال العام الأسود الذى حكمت فيه جماعة الإخوان مصر فى غفلةٍ من الزمن، لدرجة أنهم أعلنوا عن نيتهم إقامة دولة الخلافة بسيناء باسم "إمارة سيناء"، وتواصلت معهم هيلارى كلينتون؛ لتنفيذ صفقة القرن، والتى كانت تستهدف اقتطاع جزءٍ من سيناء لفلسطينيى قطاع غزة؛ لإفساح كامل الأرض الفلسطينية لإسرائيل، لكن مصر بجيشها العظيم أفسدت هذا المُخطَّط الإخوا أمريكى.

فى ذلك الوقت كانت العمليات الإرهابية بسيناء على أشدّها، وكان لزامًا أن يتدخَّل الجيش لمواجهة الإرهاب بأرض الفيروز، واعتقد الجميع أن اتفاقية كامب ديفيد التى وقَّعتها مصر مع إسرائيل بحضور أمريكا، فى عام ١٩٧٩، سوف تكون حائلًا وحجر عثرة أمام مصر؛ لأنها تقضى بتقسيم شبه سيناء لثلاث مناطق، هى "أ" و"ب" و"ج"، وتحظر على الجانب المصرى إدخال قوات جيش أو أسلحة  ثقيلةٍ إلى المنطقة (ج)، المتاخمة للحدود مع إسرائيل، ونصَّت الاتفاقية على تواجد عددٍ قليلٍ من رجال الشرطة لحفظ الحالة الأمنية فقط.

لكن القيادة السياسية الواثقة من قدراتها أعلنت الحرب على الإرهاب بسيناء، فكانت العملية الشاملة، وأدخلت مصر لأول مرة، بعد التنسيق مع الجانب الإسرائيلى، قوات مسلحة وأسلحة ثقيلة إلى المنطقة ج، التى كانت شبه منزوعة السلاح طبقًا لاتفاقية كامب ديفيد، حيث أدرك الجانب الإسرائيلى أن القوات التى دفعت بها مصر إلى سيناء لمحاربة الإرهاب الذى يُهدِّد إسرائيل أيضًا غير كافيةٍ، وأن هذه الحرب من شأنها أن تفرض السيطرة الأمنية فى المنطقة المُلتهبة، فى ظل ظروفٍ غير مستقرةٍ بمنطقة الشرق الأوسط، عقب ما سُمِّى بثورات الربيع العربى.. واستمرت الحرب على الإرهاب عدَّة سنوات، حقَّقت فيها مصر نجاحًا منقطع النظير على الإرهاب، فى تجربةٍ أصبحت حديث كل دول العالم.

وبالأمس القريب، أعلنت مصر على لسان المتحدث العسكرى، تعديل اتفاقية كامب ديفيد بما يسمح بتواجد قوات الجيش فى المنطقة ج، وهو الخبر الذى أثلج صدور كل المصريين، وكان بمثابة "ضربة معلم"، حيث نفَّذ الرئيس السيسى الوعد الذى قطعه على نفسه أثناء حملته الانتخابية، عندما قال: " اللى احنا عاوزينه هنعمله"، وفعلًا "اللى احنا عاوزينه عملناه"، وتم تعديل اتفاقية كامب ديفيد، خلال لقاء عُقد بين اللجنة العسكرية المشتركة، عبر اجتماعٍ بشرم الشيخ، وبموجب التعديل تتم زيادة عدد قوات حرس الحدود المصرية وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية فى رفح بشمال سيناء، ولأول مرة تستطيع مصر وضع قوات عسكرية دائمة فى المنطقة ج؛ لأنه ليس من المعقول أن تظل المنطقة منزوعة السلاح.

بالتأكيد تعديل الاتفاقية حدثٌ أسعدنا جميعًا؛ لأنه ما أروع أن يبسط جيشنا العظيم كل قواته على كامل رمال سيناء الحبيبة، وهو ما يُؤدى إلى ضبط الحدود، وإحكام السيطرة الأمنية، بما يتماشى مع الطفرة التنموية والتعميرية الهائلة التى تشهدها أرض الفيروز حاليًا.. حقًا تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر العزيزة الأبية.