4 قصص غرامية حالمة من عالم الصم والبكم l للحب عينان ولسان وشفتان

أيمن وسارة
أيمن وسارة

أعدت الملف: إيثار حمدى

لا يحتاج الحب إلى عينين، وأذنين، ولا يتطلب التعبير عنه لسانا وشفتين، القلب وحده بإمكانه القيام بالمهمة كاملة فى نقل المشاعر من العاشق إلى الآخر، هذا ما سوف تكتشفه ــ عزيزى القارئ ــ فى هذا التحقيق الذى يوثق قصص حب من عالم الصم والبكم!

وهى القصص التى نرويها بمناسبة يوم عيد الحب المصرى والموافق ٤ نوفمبر من كل عام، وهى الفكرة التى تبناها وأطلقها الكاتب الصحفى مصطفى أمين فى عموده فكرة بجريدة أخبار اليوم لنشر السلام والحب بين أفراد المجتمع وليكون نافذة أمل للجميع لنفض همومهم وآلامهم.

هنا نرصد حكايات غرام مختلفة عن كل ما رأيت وسمعت وقرأت، روايات كتبها القدر ليقوم بتجسيدها أبطال على مسرح الحياة، وهم يحملون فى صدورهم أفئدة الطير، حيث لا حقد، ولا كراهية، ولا طمع، ولا أنانية، ولا نفاق، فقط رضا، ومودة، وعطاء، وقناعة، وصدق. 

٤ قصص مشوقة ليست فى حاجة ــ أبدا - إلى مقدمة، ولكن إلى الدخول إليها مباشرة للاستمتاع بقراءتها ومشاهدة صورها المبهجة. 

أيمن وسارة . . الـورد لـغــة الحــب

سارة أسامة فتاة من ضعاف السمع عمرها 26 عاما واجهت التنمر وسوء الفهم منذ صغرها، وتتمنى ألا يواجهه الأطفال الصغار الذين يعانون من المشكلة نفسها ويمرون بالتجربة الصعبة!

جدتها اقترحت على والدها أن يلحقها بمدرسة عادية لأنها تستطيع السمع بنسبة ضعيفة، فى الوقت الذى كانت تذهب فيه من قبل إلى حضانة خاصة بضعاف السمع يستخدمون فيها لغة الإشارة.

وتحكى سارة معاناتها قائلة: عندما التحقت بالمدرسة العادية تعجبت من أن الأطفال لا يتعاملون بلغة الإشارة، شعرت أنى غريبة بينهم ولا أستطيع التواصل معهم.

عندما اشتكت للمعلمة قالت لها المفروض ألا تلتحقى بمدرسة عادية وتذهبى لمدرسة الصم، فانتقلت لمدرسة خاصة بضعاف السمع وهناك عادت إليها السعادة لأنها وجدت كل من حولها يتكلم مثلها بلغة الإشارة وقادرة على التواصل معهم بشكل جيد، ولم يعد هناك أطفال يسخرون منها أو من ارتدائها للسماعات، ما جعلها ترغب فى الذهاب للمدرسة يوميا.

دشنت سارة مبادرة تترجم من خلالها أغانى الأطفال بلغة الإشارة، بعد أن علمت أن ابنها مراد أصم، فى حين كانت تعتقد فى البداية أنه متكلم، لأنها حين تنادى على اسمه ينظر لها ولكن فجأة لم يعد يلتفت فذهبت للطبيب وتأكدت أنه من ضعاف السمع ولابد أن يرتدى سماعات.. أول فيديو لها لاقى نجاحا كبيرا وتشجيعا من المتابعين والمحيطين من عائلتها وأصدقائها، ما عدا زوجها الذى كان يخاف عليها من التنمر، والتعليقات السلبية التى قد تتسبب لها فى أذى نفسي، ولكنه فى النهاية اقتنع.

وحول علاقة سارة بزوجها أيمن تقول: "عرفته منذ أن كنت صغيرة فهو صديق أخى وكنا فى مدرسة واحدة، نتقابل كثيرا حتى أصبحنا نحن أيضا أصدقاء وبعد فترة ولد الحب بيننا، ولكنه فى البداية أخبر صديقتى فقد كان يخجل أن يخبرنى بمشاعره بشكل مباشر، وبعد فترة تقدم لخطبتى ولم أكن وقتها انتهيت من دراستى فى المعهدب.

وأضافت: تزوجنا بعد التخرج وأنجبت ابنى مراد، لم أكن حزينة عندما علمت أن سمعه ضعيف لأن ربنا هو اللى أخد منه السمع ودى حاجة حلوة مش وحشة، وحاليا يتكلم معى بلغة الإشارة وأنا وأهلى كلنا من الصم، بالتالى نحن قادرون تماما على التعامل معه، وفى الأعياد يحضر لى أيمن الهدايا التى أحبها خاصة السلاسل الفضة التى أعشقها، بالإضافة إلى الزهور باللون الوردى، ولكن بعد ذلك تفاجأت بأنه أهدانى وردا أحمر اللون وعندما سألته قال لى إنه يعبر عن الحب و"أنا بحبك".

مـاجــد وسـلفيـا:   الحــــب مـن أول صـــورة

ولدت سلفيا طبيعية إلا أنها أصيبت بحمى شوكية وهى صغيرة ما جعلها تفقد السمع، فى الوقت الذى احتفظت فيه بحبها للتمثيل، وبينما تشارك فى عرض صامت على مسرح الطليعة انجذب إليها ماجد الذى كان يصور العمل بالصدفة، وحين ذهب ليهنئها على قوة أدائها، أدرك أنها صماء وهى تتحدث بلغة الإشارة، فى حين لم تكن قادرة على فهم الكلمات التى يتمتم بها.

كانت المرة الأولى التى يتعامل فيها ماجد مع شخص ضعيف سمع، وكان من المفترض أن يقتصر حضوره على يوم واحد فقط، إلا أن اكيوبيدب أجبره على الحضور فى اليوم التالى والثالث والرابع وهو يفكر فى طريقة تمكنه من التواصل معها.

يقول ماجد: بدأنا نتحدث بالكتابة، لكنها لم تكن قادرة على استيعاب اللهجة العامية التى نتحدث بها، يمكنها تفسيرها ولكنها أحيانا تفهم بعضها بشكل خاطئ هنا تأكدت أنه يجب أن أتعلم لغة الأشارة التى أحبها وأراقب من يتحدثون بها إذا صادفتهم فى وسائل المواصلات.

وأضاف: كلما رأيتهم أتمنى أن يندمجوا معنا، البعض يعتقد خطأ أنهم متأخرون عقليا أو يعانون من خلل عقلي، لكنهم مثلنا، وبينما الفرق الوحيد أنهم فاقدون لحاسة السمع فقط، فى حين من الممكن أن يتعرض أى شخص لحادث يؤدى به إلى نفس المصير.. وبمرور الوقت بدأ يتأقلم مع ما تستطيع فهمه والكلمات التى لا تقدر على استيعابها، بدأ فى تعليمها الكلمات، بالتوازى مع تعلمه لغة الإشارة.

يقول: اعترفت لها بحبى يوم عيد ميلادها، وهو يخبرها أنه يريد خطبتها، فقالت له إنها تبادله نفس الشعور ولكنها قلقة من عدم تقبله لفكرة الارتباط بفتاة ضعيفة السمع.

وتابع: لم أكن أفكر فى الزواج مطلقا قبل لقاءى بها، كنت أنوى شراء سيارة، وكاميرا باهظة الثمن بالأموال التى ادخرتها من عملى كمصور، لكن بمجرد رؤيتها كل شيء تغير، ليفاجئ والديه بقرار الخطوبة.

وقال: أخبرتهم بحالتها، وانتابهم نوع من القلق والصدمة كأى أب وأم مما سيحدث فى المستقبل، كان الخوف من تلك اللحظة التى سوف أصل فيها للشعور بالملل أو الزهق تجعلنى أتركها وأسبب لها الأذى دون ذنب، كيف ستكون حياتنا بعد الزواج، والتعامل داخل المنزل وخارجه، لكنهم فى النهاية احترموا رغبتي.

وكانت وصية عائلتها له ألا يجرحها أو يظلمها فى يوم من الأيام، ووفى بالوعد وعاش معها أجمل قصة حب وكلما مر وقت يزداد الحب أكثر.

وبعد الزواج اختلف الأمر كليا، إنهم يعيشون سويا طيلة الوقت تقريبا، أما فترات تواجده خارج المنزل فهو يحرص فيها على التواصل عن طريق النت.

أحضر جرساً بأعلى صوت حتى يصل لأذنيها أثناء ارتداء السماعة وفى حال عدم ارتدائها يقوم الكلب بتنبيهها أن الباب يدق، بدأ يعودها على متابعة مسلسلات رمضان عن طريق ترجمتها لها بلغة الإشارة دون كلل أو ملل.

يدين ماجد لسلفيا بالفضل، وهو يقول: "تحملتنى ووقفت بجانبى وساعدتنى عندما فقدت عملى لعام كامل، ربنا حطها فى طريقى علشان تسندني، واحنا الاتنين بنكمل بعض، بتفهمنى من نظراتى وبتعرف امتى أنا متضايق أو متعصب أو تعبان، وست بيت شاطرة وبتعمل لى كل حاجة بحبها، فعلا مختلفة عن أى بنت عرفتها فى حياتي، متزوجين من 3 سنوات وحياتنا الحمد لله زى الفل وربنا رزقنا بطفل "مارسيلو" عمره سنة وشهرين متكلم ولا يعانى من أى مشكلة سمعية، وسنقوم بتعليمه لغة الإشارة منذ صغره حتى يكون سندا لوالدته من بعدي، وأحبتها عائلتى حبا عظيما".

وحول الاحتفال بعيد الحب يقول ماجد: فى فترة الخطوبة كنا نحتفل بالخروج فى أى مكان ونظل نتحدث بلغة الإشارة غير مكترثين بمن حولنا، وبعد الزواج احتفلنا به كثيرا فى المنزل، وأعد لها مفاجأة، ونعلق صور زفافنا وسط البالونات، ونضع شموعا وورودا، وأقوم بشراء الهدية قبلها بفترة، قد يكون كل هذا ليس جديدا ولكنه بالنسبة لها غير مألوف وأنا أحاول أن أفعل أى شيء يفرحها ويجعلها سعيدة، فهى مثل الأطفال تفرح بأقل الأشياء وترضى بأقل القليل".

أهم المشاكل التى تواجه الصم فى المجتمع ــ وفق ماجد ــ تهميشهم، خاصة أن التعامل معهم صعب للغاية فى المصالح الحكومية، يشترطون عليهم إحضار مترجم وهذا الشخص بالطبع يدفعون له أموالا وكثيرا ما يقوم باستغلالهم، ومن الممكن أن يترجم كلامهم بشكل خاطئ.

ويشير إلى معاناتهم من التنمر فى المواصلات العامة والشوارع، ما يجعلهم لا يستطيعون الذهاب بمفردهم لأى مكان وهو ما يجعلهم يشعرون بغربة فى وطنهم، وبالتالى لابد من تواجد مترجم لغة إشارة فى كل مكان حتى فى محطات المترو والقطار وغير ذلك.

ويشرح: إذا قلبنا الوضع وتخيلنا شعور شخص متكلم وسط بلد بأكملها من الصم وضعاف السمع بالتأكيد سيكون الوضع مأساويا، لغة الإشارة سهلة ويمكن أن نعلمها للأطفال فى المدارس وللطلبة فى الجامعات.

حمادة وقمر.. سكن ومودة ورحمة

قمر عادل ــ مترجمة لغة الإشارة ــ بدأت العمل بشكل تطوعي، كانت متشوقة للمشاركة فى عمل خيري، فذهبت لإحدى المؤسسات التى تقدم أنشطة تطوعية، شدها نشاط الصم فبدأت التخاطب مع الأطفال، ليتطور الأمر إلى أن أصبح مهنتها التى تقضى فيها معظم الوقت، للدرجة التى جعلتها تعتقد أنها إذا تزوجت من شخص متكلم فلن تستطيع التعامل معه.

أعجبت قمر بالمهندس المعمارى محمد طارق لأنه إنسان مميز، وصل إلى مكانة علمية عالية دون الاعتماد على أذنيه أو لسانه، فى الوقت الذى كان يسافر فيه إلى العديد من الدول.

تقول قمر التى تشبه ملامحها اسمها: وجهة نظر بعض الأشخاص أن الصم يتواجدون فى مكان معين، يزورهم فيه الناس ليشفقوا على حالهم أو يعلموهم شيئا ما، وبالتالى عندما تجد أحدهم يعيش حياته بشكل طبيعى مثل أى إنسان، فهو بالنسبة لها شخص مبهر وغيَّر طريقة تفكيرها تماما عن مجتمع الصم.

فى بداية الأمر عندما صارحها حمادة بحبه فكرت فى كل شيء، تعترف أنها تخوفت أن تكون العلاقة غير متكافئة، وكان هناك الكثير من القلق لأن كل عائلته من الصم، وقلق من جانبه هو أيضا.

يقول حمادة بلغة الإشارة: "حذرنى أصدقائى عندما علموا أن قلبى انفتح لقمر، نصحونى بعدم الارتباط بفتاة متكلمة، اعتقادا منهم أنها ستظلمنى أو تتركنى بسبب ظروفى لأن عائلتى كلها من الصم.. كيف سأدخل لهم فتاة متكلمة دون أن تجرحهم، وقالوا إن تعايش الصم والمتكلمين مع بعض صعب للغاية ما جعلهم يرفضون ارتباطى بها."

وأضاف: "لم أستمع لهم، وبعد مرور 3 سنوات من الزواج بالطبع فى البداية واجهتنا الصعوبات، فهناك الكثير من الأشياء لم أكن أفهمها لأنى لم أتعلمها، فالصم مختلفون عن المتكلمين تماما فى الحياة الطبيعية، لكن قمر ساعدتنى على تخطى هذه الأمور وعلمتنى ما لا أفهمه فى اللغة العربية، ساعدتنى وحدى وساعدت بدورى كل الصم عن طريق فيديوهات أشرح لهم بلغة الإشارة ما لا يستطيعون معرفته عن عالم المتكلمين".

وتابع: بدأ الكثير من الصم يسألونى عن الزواج من متكلمة وكنت أقول لهم إنه جميل جدا فأنا لدى الكثير من العيوب تقوم بإصلاحها، حتى فى الرومانسية وكلام الحب، تعلمنى الكثير من الأشياء التى لم أكن أعرفها من قبل، إضافة إلى أنها تدافع عنى وتأتى لى بحقى فى أى مكان إذا واجهتنى مشكلة ولا تشعرنى بأنى ضعيف، قمر هى أساس حياتى وماقدرش أتخيل حياتى من غيرها".

وتقول قمر: "حمادة أول من علمنى الترجمة الفورية وهى أصعب من لغة الإشارة، أنا بحب حمادة أوى وكنت متأكدة أنه إذا أراد الله أن ننجب أبناء سيحبونه أكثر منى، وعندما أنجبنا ابنتنا وعلم أهله أنها متكلمة كل عائلته فرحت بها، وهو يعتقد أننى السند ولكن فى الحقيقة هو السند والظهر وأنا لا أستطيع أن أتخذ أى قرار فى حياتى بدونه".

بيشـوى عمـاد..  قصة مترجم إشارة لأبويه الصم

 بيشوى عماد بشارة هو مستشار مترجم رئيس مجلس الوزراء "لغة إشارة"، وسفير الاتحاد الأوروبى لمتحدى الإعاقة فى مصر، ومترجم لغة إشارة لقناة  Dmc والهيئات القضائية، وعضو المنظمة العربية لمترجمى لغة الإشارة والنقابة العامة، ولم يكمل بعد عامه الـ21.

ولد عماد فى أسرة تحتوى على أب وأم وأخت صم، هو أكبر إخوته، والده كان يتكلم بشكل طبيعي، وحين وصل إلى عامه الثانى أصيب بحمى شوكية أفقدته السمع والكلام، التحق بمدرسة للصم، وهناك قابل والدة عماد التى كانت تتكلم بنسبة 50 أو 60 %.

ويشرح: الإعاقة السمعية درجات، بدأ الحب بينهما فى المدرسة، ليكون كلاهما سندا للآخر، حتى انتهوا من دراسة الدبلوم الذى كان أقصى مرحلة تعليمية للصم، وحين تخرجوا أكملوا حياتهم سويا بالزواج والعمل وإنجاب الأبناء.

أما أسرتى والد ووالدة عماد فمن المتكلمين، يقول: والدتى تعانى من نسبة ضعف سمع ولا يوجد فى عائلتها أصم أو ضعيف سمع، أسرتنا 6 أفراد 3 صم و3 متكلمين، دائما أقول إن الشخص الأصم هو أشطر وأنجح فنان وممثل فهو الأصدق فى إظهار المشاعر والأحاسيس التى بداخله عن طريق الإشارة وتعبيرات وجهه والتعبير عن النفس وعما بداخله ولو بنظرة عين.

وأضاف: حياته معتمدة على تعبيرات وجهه ونظراته، وعندما يقع الأصم فى الحب فهو ليس لديه ألغاز بالعكس فعيناه توضح كل شيء بداخله وبالتالى الشخص الآخر يفهم ما يريد التعبير عنه، ولأن الأصم لم يجد فرصته الكاملة فى المجتمع من حيث الدراسة والتعليم فأغلب فرص حياته التى يجدها ويحاول دائما أن يبحث عنها هى الحب والحياة الزوجية والاستقرار، وهذا بالطبع مع أغلب الحالات يحدث بعد الكثير من التجارب والدخول فى علاقات لا تكتمل.

يرى عماد أن العلاقات تصبح أفضل وأنجح عندما تكون بين شخصين أصمين، مع اعترافه أن لكل حالة إيجابياتها وسلبياتها، ولكن هى فرصة أكبر للتفاهم، وبالطــــبـع سـيحـــتاجـــــان دائما لطرف ثالث قادر على الربط بنيهما وبين المجتمع، وارتباط الأصم بشـخـــص متكلـــــم رغــــم سلبياته إلا أنه يمنح الأصم فرصة للانخراط مع الأشخاص العاديين.

ويشرح: أى خطوة فى حياته تتطلب توكيلا، ولعمل التوكيل يجب إحضار المترجم، وللأسف لدينا مشكلة أخرى وهى عدم اعتماد مترجمى لغة الإشارة فى البطاقة الشخصية، فكل الجهات فى الدولة لا ترغب فى صرف تأمينات لشخص يتم تعيينه على وظيفة مترجم لغة إشارة، وبالتالى هناك أزمة فى المترجمين الموثقين، بالرغم من أن المادة 84 لسنة 2013 تؤكد إذا كان الشخص ذو الإعاقة السمعية يجيد القراءة والكتابة فلا داعى من معين قضائي، ولكن للأسف هذا لا يعتد به موظف الشهر العقارى المسئول عن التعامل مع المواطنين.. من هنا تحدث الكثير من حوادث النصب للأشخاص الصم ويتم استغلالهم.

ويأسف عماد لأنه لا توجد كلية فى مصر تعلم لغة الإشارة وكانت هذه معاناته بعد انتهائه من الثانوية العامة وظل يبحث عن كلية يدرس بها لغة الإشارة بشكل موسع فهى التى ولد عليها ويريد أن يحصل على شهادة معتمدة منها ولكنه للأسف لم يجد سوى فرع من فروع كلية التربية الخاصة التى تضم قسم ذوى إعاقة سمعية ويتوجب عليه دفع 15 ألف جنيه مصروفات سنوية بالإضافة إلى أنها لن تجعله يدرس لغة الإشارة بشكل عملى ولكنها مجرد دراسة أكاديمية فقط.

ويتمنى أن تقوم الدولة بتعيين ولو شخص واحد مترجم لغة إشارة فى كل مصلحة حكومية، بحيث يكون الأمر أكثر سهولة وأكثر تعاونا للأشخاص الصم وضعاف السمع، ويتمنى أن يلتحق بالجيش ليشتغل مترجم لغة إشارة فى المؤتمرات والاحتفالات الرسمية للدولة كنوع من المشاركة ولكن لم تسمح الظروف للأسف، وينوى أن يقترح الأمر على الرئيس السيسى إذا قابله فى أى مؤتمر رئاسى فهذا الأمر لن يشعر به إلا من عاشه بالفعل.

د. عزة المرسى: مشاعر الصم أصدق من المتكلمين

توضح د. عزة المرسى إخصائى تخاطب ومترجمة لغة الإشارة أن لغة الإشارة تعتبر من أكثر اللغات تعبيرا عن المشاعر لأنها تعتمد على المشاعر الداخلية وظهورها المباشر على تعبيرات الوجه، ومن الطبيعى أن نجد حالات لأشخاص صم مرتبطين ومتزوجين من آخرين متكلمين، وقد تعاملت مع العديد من الحالات التى تحصل على كورسات تعلم لغة الإشارة لتتفاهم مع شريك حياتها بلغته التى يستطيع فهمها، وترى أن مشاعر الصم أصدق من الأشخاص العاديين، والدليل على ذلك عندما نتعامل مع شخص أصم سنجد أنه حساس للغاية فهو يتأثر من أى إشارة قيلت له حتى ولو عن طريق خطأ ولكن فى نفس الوقت من السهل جدا إرضاؤهم.

وأضافت: هناك جانب آخر لهؤلاء الأشخاص فليس من السهل أن يوافق المجتمع على علاقة بين شخص متكلم وآخر أصم أو ضعيف سمع، فالمتكلمون ينصحون من يريد الارتباط بشخص أصم أنه من الأفضل له أن يرتبط بشخص متكلم مثله حتى لا تصعب الحياة بينهم والعكس كذلك، فضلا عن أن الصم لديهم درجة عالية جدا من الخجل ومنغلقون على أنفسهم ولا يقدرون على التعرف على أشخاص عاديين، وهم لا يفضلون التحدث بلغة الإشارة أمام الناس، بالطبع هناك أشخاص عكس ذلك ولكن النسبة الأكبر خجولين.

 وأوضحت: إنهم يعانون فى بناء أسرة لأن أغلبهم يعيش فى مستوى مادى منخفض بسبب ارتفاع نسبة البطالة، وتشير إلى ظهور مبادرات فى الفترة الماضية لتعليم لغة الإشارة ومنها مبادرة شاركت فيها د. عزة بعنوان ا بالإشارة هنتكلمب.

وتشرح: كنا نعلم لغة الإشارة مجانا حتى أننا منذ بداية أزمة كورونا، قدمنا الدروس أونلاين، إضافة إلى حملات التوعية بكيفية التواصل مع الصم وكيفية تعلم لغة الإشارة بحيث يصبح هناك نوع من التساوى ونحطم الفروق بين المتكلمين والصم.

واختتمت: نقوم فى مراكز التخاطب بتقديم جلسات دعم نفسى للأشخاص الذين فقدوا سمعهم بسبب حوادث، ونساعدهم على تقبل حياتهم الجديدة بشكل أفضل، كل شخص يحكى قصته ليتعلم منها الآخرون، ومن خلال الجلسات قابلت امهندساب تعرض لحادث أفقده سمعه ويمكن أن يجرى عملية جراحية تعيد له السمع ولكن تكلفتها باهظة جدا وهو لا يقدر عليها، فبدأ يتعامل مع حياته الجديدة وسعيد بها وقام بخطبة فتاة متكلمة وحضرت هى الأخرى للمركز لتتعلم لغة الإشارة لتستطيع التواصل معه بشكل أفضل.