بعد نشر «أخبار الحوادث» وصايا المتبرعين بنقل أعضائهم

دعوى بمجلس الدولة تطالب بأخذ قرنية المتوفى دون إذن أسرته

المتبرعين بنقل أعضائهم
المتبرعين بنقل أعضائهم

أسماء سالم

  بين الجمود والتيسير لا يزال مجتمعنا حائرًا في سلوك غاية في الإنسانية هو التبرع بالأعضاء، وما بين مؤيد ومعارض لا يزال الجدل دائرًا، البعض يعتبرون أنه انتهاك لحرمة الموتي، ويرى آخرون أنه وسيلة طيبة لإنقاذ المرضى، وهي الغاية الأسمى التي يسعى العالم كله إليها.

 بعض الجهات الطبية توقفت عن إنقاذ المرضى المحتاجين لقرنية على سبيل المثال، وذلك لحدوث أزمة بين مستشفى كبير وبين أهل أحد المتوفين، ما دفع أحد المحامين إلى إقامة دعوى قضائية تطالب بتفعيل قانون التبرع بالأعضاء، وأخذ قرنية المتوفى، بعد وصية مكتوبة ومسجلة للمتوفى، ويتم إثباتها ببطاقة الرقم القومي ورخصة القيادة وغيرها.

  منذ حوالي شهرين ناقشت «أخبار الحوادث»- من خلال ملف التبرع بالأعضاء، أصحاب الوصايا الموثقة بالشهر العقاري، الذين يريدون التبرع بأعضائهم بعد الوفاه، دون الحصول على مقابل مادي، ثم اقام احد المحامين دعوى بمجلس الدولة تطالب بالتبرع بالأعضاء.

 وفي التحقيق الذي أجريناه منذ شهرين، أكد الدكتور عبد الحميد أباظة رئيس الأمانة الفنية لزراعة ونقل الأعضاء سابقًا ورئيس لجنة صياغة قانون نقل وزرع الأعضاء؛ أن القانون رقم 5 لسنه 2010، المادة 1، ينص على أن الإنسان الذي يتبرع بأعضائه وبكامل قواه العقلية، ويوثق في الشهر العقاري، يأخذ كارت التبرع ويكون ملازما له مثل بطاقة الرقم القومي، بحيث إذا توفى المتبرع اكلينكيًا، تؤخذ أعضاؤه والإجراءات اللازمة طبقًا للقانون، دون الرجوع إلى أهله، فليس من حقهم الاعتراض، طالما المتبرع أقر بذلك وهو على قيد الحياة، وهذا القانون يمنع الاتجار بالأعضاء ايضًا.    

تفعيل القانون

غير أن البعض لا يزال يجادل في هذه القوانين بين رافض لها لأسباب عرفية ودينية وغيرها، إلا أن الدعوى رقم 1621 لسنة 76 قضائية المقامة من المحامي د. هاني سامح ضد وزير الصحة ووزير الداخلية ورئيس اللجنه العليا للتبرع بالأعضاء بصفتهم امام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة طالبت بتفعيل قانون التبرع بالأعضاء.  

وأشارت الدعوى؛ إلى أنه استنادًا إلى الأهمية القصوى لزرع الأعضاء والأنسجة البشرية من قلب وكبد ورئة وكلى وقرنية وغيرها مع التقدم الهائل للطب والعلوم الحديثة الذي عصف بموروثات فاسدة جامدة لا غاية لها إلا الحفظ، فإن العلوم الحديثة جاوزت حدود الأفكار وتمكنت من إنقاذ حياة كثير من البشر، خاصةً ممن عصف بهم المرض وأعياهم الألم في انتظار الموت.

وطالبت الدعوى؛ بإلغاء قرار الامتناع عن تحصيل قرنيات عيون الموتى بالمستشفيات والمعاهد والمراكز الطبية وتستند الدعوى في ذلك إلى وجوب تطبيق قانون 79 لسنة 2003 الخاص بتنظيم بنوك العيون وما نص عليه من أن تحصل بنوك حفظ قرنيات العيون بالمستشفيات أوالهيئات أوالمراكز أوالمعاهد على القرنيات من الموتى بالمستشفيات والمعاهد والمراكز، وقرنيات عيون الأشخاص الذين يوافقون موافقةً كتابية على نقلها بعد وفاتهم بغير مقابل، وقرنيات عيون قتلى الحوادث الذين تأمر النيابة العامة بإجراء الصفة التشريحية لهم.  

وأوضحت الدعوى؛ أن الموروثات والجمود من قبل البعض يشكلان عائقًا وهاجسًا يمنع التقدم والرقي الطبي وإنقاذ البشر، واستنادًا الى المادة 8 من قانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية وفيها جواز التبرع والاستفادة بالأعضاء البشرية لإنسان متوفى، لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة إنسان حي أو علاجه من مرض جسيم أو استكمال نقص حيوي في جسده، إذا كان الميت قد أوصى بذلك قبل وفاته بوصية مثبتة في أية ورقة رسمية، أو أقر بذلك، وطالب «سامح» في دعواه باعتبار الوفاة في قانون زرع الأعضاء هي الوفاة الطبية الإكلينيكية (الدماغية) المنصوص عليها في المراجع الطبية الحديثة المعتمدة والمأخوذ بها في الدول المعتبرة كمرجعية طبية، خصوصا وأن هناك جدل بين العلم وأصحاب الأفكار الرجعية في معيار تحديد وفاة الإنسان حيث يطالب الرجعيون باعتبار الوفاة تُوقف كل أجهزة الجسم عن العمل تماما، بينما يحدد العلم الحديث الوفاة بموت وتوقف الدماغ وجذع الدماغ.

كما تطالب الدعوى أيضا؛ بإلغاء القرار السلبي الصادر من الأحوال المدنية برفض إضافة خانة إثبات التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية بعد الوفاة بالرقم القومي ورخصة القيادة وبطاقات التأمين الصحي بأنواعها.

سبب المشكلة

ويؤكد د. هاني سامح لــ « اخبار الحوادث «؛ أن القانون رقم 79 لسنه 2003، الخاص بتنظيم بنوك العيون، ينص على الإتاحة والسماح  للمستشفيات التي لديها بنوك لـ»القرنية» أخذ الطبقة السطحية للقرنية بما لا يشوه العين، وذلك دون إذن من أسرة المتوفى لعلاج المرضى الآخرين، ويكون استئصال قرنيات العيون في المستشفيات المرخص لها في إنشاء بنوك قرنيات العيون، وفي المستشفيات الأخرى التي يحددها وزير الصحة، وتتم هذه العمليات بمعرفة الأطباء المرخص لهم في ذلك؛ ولا يشترط موافقة المتوفى أو ورثته أو ذويه قبل الحصول على قرنيات العيون في حالتين، الأولى: قرنيات قتلى الحوادث الذين تأمر النيابة العامة بتشريحهم، والثانية: قرنيات عيون الموتى بالمستشفيات والمعاهد المرخص لها في إنشاء بنوك قرنيات العيون.

 ويشير د.سامح؛ إلى أن العمل بأخذ قرنية العين، توقف، وذلك بعد مشكلة أثارتها أسرة أحد المتوفين مع مستشفى قصر العيني خلال عام 2018، وللأسف حاليا يتم شراء قرنيات من الخارج بأسعار مرتفعة رغم أن جودتها ضعيفة، والمشكلة في مجتمعنا هو عدم الوعي لثقافة التبرع بالأعضاء.

جودة المستورد

اكد د.عبد الرحمن جابر استاذ طب وجراحة العيون جامعة عين شمس، بأن توقف عمليات نقل القرنية من أموات الى أحياء، يعود إلى عام 2003، عندما مجلس الشعب وقتها شكوى الى النيابة العامة، يقول فيها، إن المجلس غير مقتنع بالتبرع بالاعضاء رغم صدور القانون في عام 2003، الأمر الذي اضطرنا لشراء القرنية من الخارج والتي يصل سعرها إلى 1000 دولار وأكثر من ذلك، وللاسف جودتها ضعيفة، وذلك لمجرد رفض البعض فكرة التبرع بالأعضاء من متوفى، مثلما حدث في مستشفى قصر العيني في عام 2018، رغم أن قرنية  العين هي العضو الوحيد الذي يتم نقله من متوفى على عكس باقي الاعضاء، لذلك يجب أن يكون هناك تشريع من الدولة كامل لإعاده فتح بنوك قرنية العيون.