أحالت المحكمة أوراقه للمفتي..

يحرق شقيقته في قليوب ليحرمها من الميراث

يحرق شقيقته ليحرمها من الميراث
يحرق شقيقته ليحرمها من الميراث

منى ربيع 

 لم يعد للحديث ولا للتفاهم مكانًا بين هؤلاء الأشقاء، وحل محله الأسلحة البيضاء والنار؛ شابان في قضيتين مختلفتين إحداها بقليوب، والثانية في بورسعيد، لكن جريمتهما تشابهت وإن اختلفت التفاصيل؛ كل منهما تجرد من مشاعره الانسانية، وبدم بارد قتلا شقيقتيهما ضاربان بالإخوة والدماء الواحدة التى تجري في عروقهما عرض الحائط.

ولكن محكمة الجنايات في القضيتين حسمتا الأمر بإعدام الأول قاتل شقيقته بسبب الميراث، وفي الثانية بالمؤبد بسبب كلام الناس، وإلى التفاصيل.

كان الابن المدلل لأبيه الذي لا يرفض له طلبا، حتى لو كان على حساب شقيقته وأمه التي كانت شاهدة على عنصرية الأب ولكن ماذا عساها أن تفعل، حتى أصبح الأخ أنانيًا لا يهمه سوى نفسه فقط ولما لا يصبح كذلك ووالده يعتبره ابنه الوحيد؛ فشل في استكمال تعليمه او حتى الحصول على شهادة متوسطة، وفي النهاية إصراره على ان يقوم والده بشراء «توك توك» له ليعمل عليه، ظن الاب بأنه بذلك يؤمن مستقبل ابنه الأكبر، لكن الابن الطمع والجشع ملأ قلبه وظل يطلب من أبيه المزيد، والأب لا يمانع وعندما كانت الام تعترض، تلقى هي وابنتها الإهانة وعدم المبالاة، وان ما يفعله هذا الأب هو عين العقل، فابنه هو الرجل ولا يصح أن يرفض له طلبا!

مرت الايام والسنون، والابن على هذا الحال، حتى توفى الاب تاركا إياه مع شقيقته ووالدتها لتبدأ مأساتهما، مع ذلك الابن الأنانى، ظنت الام أنه بعد وفاة زوجها سينصلح حال ابنها وسيكون سندها هي وابنتها، لكن ما حدث كان العكس؛ فالابن كان مصدر شقاء لهما وليس ظهرًا لهما يحتميان به من غدر الأيام؛ ألزم امه أن تنفق عليه مثلما كان يفعل اباه؛عرف طريق المخدرات حتى صار مدمنًا لها، يستخدم « التوك توك « في توصيل اصدقائه أو مشاويره الخاصة وليس العمل، وعندما كانت الأم تعترض على تصرفاته يكون نصيبها الإهانة هي وابنتها بداعي وبدون داعِ، قلة حيلة الام جعلها تصمت على تصرفات ابنها، حتى جاءها في يوم من الأيام يطالبها هي وشقيقته بالتنازل عن ميراثهما في قطعة الارض التى تركها لهما والده، مؤكدًا انه الوحيد الذى له الحق في ميراث ابيه لأنه الرجل،  وامام إصراره وإلحاحه على موقفه وافقت الام على طلبه وتنازلت له، لكن شقيقته رفضت بل ولأول مرة قررت أن تخرج عن صمتها وتدافع عن حقها في ميراث أبيها، أكدت له في إصرار أنها لن تتنازل عنه مهما حدث، وأن ميراثها من أبيها هو الشيء الوحيد الذى سيحميها من غدر الزمن.

ثار الابن الأكبر وهدد شقيقته بأنه سيقتلها لكنها لم تعبأ بتهديده وإهانته لها؛ خافت الأم على ابنتها، حاولت معها أن تتنازل عن نصيبها في الأرض حتى تتقي شره بعدما فعلت به المخدرات الأفاعيل، لكن توسلات الأم زادت من رفض وإصرار ابنتها؛ وبعد عدة ايام من حديث الام مع ابنتها، خرجت لشراء بعض احتياجات المنزل وأخبرت ابنتها بأنها بعد ذلك ستذهب إلى احد أقاربها لزيارته وستعود ليلا، انتهز الابن خروجها وذهب الى شقيقته في غرفتها، وكان الشر يتطاير من عينيه، وهو يطالبها بالتنازل له عن ميراثها وإلا سيقتلها، لكنها رفضت وحاولت طرده من غرفتها لكنها فوجئت به يدفعها أرضا ويضربها ليجبرها على التنازل، لكن شقيقته زادت إصرارًا على الرفض.

خرج الابن الأكبر من غرفة شقيقته، وهو يفكر في كيفية التخلص من شقيقته حتى يستولي على ميراثها ظن أن المسألة سهلة، انتظرها حتى خلدت إلى النوم ثم أحضر جركن البنزين وسكبه على سريرها وفي أرضية الحجرة، وأشعل النيران فيها وهي نائمة وفر هاربا، هبت الفتاة مفزوعة من نومها والنيران تُمسك بها والحجرة كلها وقد تحولت إلى أشبه بمحرقة، حاولت أن تستنجد بالجيران لكن للاسف لم يستطع أحد انقاذها، اتصلوا بالشرطة والام والمطافي، جاءت الام تصرخ  وتبكى على فقدان ابنتها، بينما اختفى شقيقها، أحست الام بأن ابنها هو من فعل ذلك بشقيقته لتتهمه بقتلها، لم تكن شهادة الام فقط هي دليل الإدانة الوحيد؛ فالجيران رأوه يخرج قبل اشتعال الحريق بدقائق ليتم القبض عليه وإحالته للنيابة العامة التى قررت حبسه، وإحالته الى محكمة جنايات شبرا الخيمة برئاسة المستشار محمد رشاد عبد الرحمن ياسين، وعضوية كل من المستشارين أحمد رفعت النجار، وكامل عادل حجازي، وأمانة سر رضا فتحي جاب الله، والتى أصدرت قرارها بإحالة  أوراق الابن لفضيلة المفتي، لأخذ الرأي الشرعي في مسألة إعدامه، الحادث لا يزال حديث الناس بقرية كوم أشفين بمركز قليوب، يبكون على دماء هذا الأخ التي صارت كالماء من أجل المال.

كلام الناس

كان أحمد 31 سنة يجلس على المقهى مع أصدقاء السوء طوال الليل والنهار، غير عابئ بأن لديه شقيقة أصغر منه تحتاج لرعايته وأن يكون سندا لها خاصة بعد وفاة الأب، فهو يكبرها بخمس سنوات، لكن شقيقته زينب لم يعجبها حالة الفوضى التي يعيشها، وقررت النزول للعمل بإحدى محلات الملابس، حتى لا تموت جوعًا أو تمد يدها لأحد، زينب تعمل ليل نهار لتنفق على نفسها وفي بعض الاوقات على شقيقها الذى يرفض العمل، وبالرغم من ذلك لم تكن تسلم من آذاه؛ حتى فوجئت به يأتى إليها يطلب منها أن تترك عملها، لان أصدقاءه يتحدثون عنها وانها سيئة السلوك، لكن زينب رفضت طلبه وحثته على ألا يعطي أذنه لهذه الشائعات، ليقوم بضربها واهانتها، على أثر ذلك تترك شقيقته زينب المنزل وتقيم لدى صديقتها منى هربا من بطشه، لكن احمد تملك الشيطان من رأسه خاصة بعد هروب شقيقتها منه، وحديث اصدقائه عنها لا يزال يسمع صداه في أذنه، ليقرر الانتقام منها بدعوى الشرف؛ استطاع أن يعرف مكان صديقتها وذهب اليها، وهناك اعتدى عليها بالضرب، حاولت صديقتها الدفاع عنها لكنه دفعها أرضًا، وعندما صرخت فوجئت به يخرج سكينًا من بين ملابسه ويطعنها عدة طعنات حتى فارقت الحياة، وفر هاربا.

أبلغت صديقتها عنه، ليتم القبض عليه وإحالته للنيابة التى قررت حبسه ومحاكمته في القضية رقم 7159 لسنة 2019 أمام جنايات الضواحي، والمقيدة برقم 928 لسنة 2019 ببورسعيد بدائرة محكمة استئناف الاسماعيلية برئاسة المستشار جاد محمد حلمي، رئيس المحكمة، وعضوية كل من المستشارين، السيد عبدالعزيز محمود، وعماد أبو الحسن عبد اللاه بعد أن وجهت له النيابة العامة تهمة قتل المجني عليها عمدًا مع سبق الاصرار والترصد، بأن بيت النية وعقد العزم على ذلك، وأعد لذلك الغرض سلاحين أبيض، وترصد لها، وما أن ظفر بها حتى وجه لها عدة طعنات من الأسلحة حوزته قاصدًا قتلها لتصدر المحكمة حكمها حضوريًا عليه بالسجن المؤبد.