أنكر الروائى د. يوسف زيدان المعراج، وقداسة المسجد الأقصى، وقال إن فرض الصلاة على هيئتها الكاملة كان بالمدينة، وعلق د. على جمعة على المزاعم، لكن الحديثين افتقدا الحسم!! لان زيدان «المحقق» لم يتحقق من الموضوع فى القرآن، بل قفز فوق بعض الآيات، أما جمعة فلم يخرج عن مدرسة الأزهر النقلية، وساق الكلام المنقول، فبدا غير جديد وغير حاسم.
اقول: بالنسبة للمعراج فهى رحلة، تولى الله بقدرته نقل رسوله إلى سدرة المنتهى، ولم يفعلها الرسول بذاته، وهو ما استبعده زيدان، ولديه الحق عندما يستبعد صعود الرسول معتمدا على نفسه، لأن الرسول مجرد بشر، وهنا أنقل مثلا ضربه الشيخ الشعراوى رحمه الله، إذ ضرب مثلا بانسان يعبر المياه حاملا طفله، وقال: لو افترضنا أن الصغير عبر المياه معتمدا على نفسه لكنا مخطئين، لكن الطفل عبر المياه محمولا بقدرة الكبير، وهو ما حدث فى رحلة المعراج، فقد حمل الخالق سبحانه وتعالى بقدرته رسوله، وانعدم الزمن اللازم لقياس الرحلة، لأن الفاعل هو الله، والله فائق القدرة، لا يحتاج إلى زمن لكى تنفذ مشيئته، لانه يقول للشىء كن فيكون.
وفى سورة النجم ملمحان، أدعو د. زيدان إلى تأملهما، الأول متعلق بأن الموضوع بدأ على هيئة رؤيا، والرؤيا بالنسبة للأنبياء إخبار من الله قبل الحدث، لكى يجهز النبى للحدث الكبير، ولذلك يعبر عنها القرآن فى سورة النجم: «ما كذب الفؤاد ما رأى»، ثم يتحقق ما أنبأت به الرؤية، ويشاهد النبى بعينيه ما رآه فؤاده فى المنام، ويعبر القرآن الكريم عن ذلك فى ملمح آخر يدل على مشاهدة محققة، فيقول: «ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى»، إذن يا د. زيدان تمهل معى، ستجد أن الله يقول إن ما شاهده الرسول بفؤاده فى المنام، قد «رآه نزلة أخرى»، ويصف المكان فيقول «عند سدرة المنتهى»، ثم يؤكد المشاهدة المحققة قائلا «ما زاغ البصر»، واستعمل الله لفظ البصر، ولم يكرر لفظ «الفؤاد»، دليلا على تحقق المشاهدة البصرية، ثم ينهى سبحانه وتعالى القصة قائلا: «لقد رأى من آيات ربه الكبرى»، ولم يعرض تفاصيل الآيات الكبرى، وتحدث الرسول الكريم عن جانب منها، لكن زاد العرب عليها أساطير، فاختلط فى كتب السيرة ما أخبر به الرسول وما زاده العرب من أساطير، واطلق الأزهريون عليها كتب التراث، وهذه الكتاب هى التى أفسدت الفكر الإسلامى، وجعلت الباحثين والمحققين يرفضون كل ما احتشدت به كتب التراث حول الواقعة.
أما قدسية المسجد الأقصى فالجدل فيها نوع من الزيغ، وتركها لليهود بحجة حقن الدماء هو خوف يدعى الحكمة، وأسأل د. زيدان عن الآية الكريمة فى سورة الإسراء: «وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة»، ما هو المسجد المقصود؟! وأسأل عن معنى الآية: «وأخرجوهم من حيث أخرجوكم»، ثم أعود فأسأل: ماذا لو احتل أحد أرضا جديدة؟ هل سنتركها له حقنا للدماء؟!!
ومن الثابت عن الصلاة، ان الرسول صلى فى مكة المكرمة سراً، ثم جاء الأمر بالجهر فصلى أمام الكعبة، متجها إلى المسحد الأقصى، وظل المسلمون بعد الهجرة يصلون متجهين إلى الأقصى، إل أن تغيرت القبلة إلى المسجد الحرام، فغير الرسول قبلته إليه، وكان فى صلاة العصر، ومثله فعل المسلمون، وفى هذا دليل على فرضية الصلاة بمكة وعلى قدسية أولى القبلتين «الأقصى».
يبقى أن نحيى د. زيدان لأنه أعاد التفكير بعد غياب.