رفعت الجلسة | رسالة إلى طليقتي: «سامحيني»

سامحينى
سامحينى

كانت الساعة قد اقتربت من الحادية عشرة مساء، حيث بدأت فى الاستعداد للنوم انتظاراً لحفل خطوبتنا لمقرر له فى الثامنة مساء الغد، وقبل لحظات من إلقاء رأسى على الوسادة ، تلقيت اتصالاً من جار طليقتي.

حقيقة تجاهلته ،فقد ظننت أنه يريد أن يقرب وجهات النظر مع طليقتى للعودة مجدداً إليها مع صرف النظر عن الخطوبة، لكن هذا الأمر أغلقته منذ انفصالنا، وقررت البحث عن حياة جديدة وعدم العودة للوراء مهما كانت الأسباب.

أغلقت هاتفى وألقيت برأسى على الوسادة ثم غرقت فى النوم، وفجاة استيقظت مفزوعاً، شاهدت حلماً غريباً ، امرأة تجلس فى مكان مظلم وتبكى ، وكلما اقتربت منها تبتعد ، والغريب أن ملامحها لم تكن واضحة ،استعذت بالله ثم واصلت النوم مجدداً .

فى تمام العاشرة صباحاً وبمجرد أن فتحت هاتفى، وجدت عشرات الاتصالات من جار طليقتى، أصابنى الفزع خاصة بعد الحلم الذى راودنى فى منامى ،تواصلت معه ، كانت إجابته كالصاعقة التى سقطت فوق رأسى، لقد أخبرنى أن طليقتى توفيت وأن ابنتى معه ويريد أن أحضر لآخذها منه.

لم استوعب كلام الرجل، صرخت ، وبكيت ،ولا أعرف ما السبب ،أدركت أن المرأة التى شاهدتها فى المنام كانت طليقتى، ووجودها فى الحلم رسالة على أننى السبب فى وفاتها ومعاناتها.

عاد بى شريط الذكريات معها وأنا فى طريقى إلى بيتها ، تذكرت يوم خطوبتنا ،كانت السعادة تغمرنا ، أحببنا بعضا ، كنا زملاء دراسة وجيران فى المنزل ، أصبحت يتيمة وعمرها لم يتجاوز الـ10 سنوات ،وحضرت إلى منزل خالتها التى كانت جارتنا للعيش معها .

ارتادت معى المدرسة وتخرجت فى نفس كليتى، ورغم كل هذا الحب ، إلا أننا لم نكن متفقين فى أمور كثيرة ، كانت عصبية جدا ، متفردة بقرارها ، هذه الأمور أحدثت شرخاً كبيراً فى علاقتنا مع بعض وأوجدت المشاكل بيننا كل يوم ، حتى قررنا بعد 3 سنوات زواج وإنجاب طفلة الانفصال.

اتفقنا على كل شيء ، وقبل أن يحضر المأذون بيوم توفيت خالتها التى كانت السند لها فى الدنيا ،ولم يكن لها أقارب بعدها ، وجدتها تتصل بى ، أخبرتنى أنها تريد أن تجلس معى ونتحدث ،فاجأتنى بندمها وتوسلها أن نعود وأنها ستكون مطيعة لى فى كل شىء.

أخبرتنى أنه لم يعد لها أحد فى الدنيا سوى أنا وابنتنا ،وأنها قد تموت إذا لم أحقق لها أملها فى العودة ، لكننى رفضت كل محاولاتها ،أردت أن أعلمها عقوبة طلب الطلاق بشكل مستمر ، نعم لم أستطع استكمال حياتى معها لذلك أحضرت المأذون وجرى الطلاق ومنحتها كل الحقوق .

أشهر قليلة مرت على طلاقنا ،لم تتوقف طليقتى عن إرسال رسائل التوسل والتقارب والعودة من جديد ، لكننى كنت اتجاهلها فقد أصبحت فى علاقة مع فتاة أخرى وقد اتفقنا على الزواج.

وفى ليلة خطوبتى جاءنى خبر وفاتها ،أدركت بعدها أنه قد أصابنى الشلل، تذكرت توسلاتها لى، ورغبتها فى العودة ، حيث لم يعد لها أحد فى الدنيا ، احتقرت نفسى عندما كنت أتجاهل رسائلها واتكبر على طلباتها.

تناسيت كم كانت تحبنى ،وأنها حاولت التغيير من أجلى ، اخترت نفسى وتركت القلب الذى طالما أعطانى أكثر مما استحق .

أسرعت إلى منزلها ، كنت أريد أن أراها قبل أن تغادرنا إلى عالم أفضل من عالمنا هذا ، أركع تحت نعشها ،وأطلب منها أن تسامحنى ، لكننى لم أجدها غادرت وتم دفنها ولم يعد لى سوى ابنتى الصغيرة .

نعم أنا السبب فى كل ما عانت به هذه الزوجة،استنجدت بى ولم أساعدها ،توسلت إلىّ أن أكون لها سند،وتركتها وحيدة بلا سند ولا دخل ،أخبرتنى عن حبها لى،وعندما قررت أن أضحى بأحد ،كانت هى الضحية .

أعيش الآن فى حزن كبير،أبكى ليل نهار ،أشعر بالذنب تجاه هذه الزوجة ذات الـ 23 عاما والتى لم أستوعب تهديدها بأنها ستموت إذا فارقتها ،الآن أدركت ذلك ، ضعف قلبها ، تملكها الحزن ،لم تتحمل خبر خطوبتى،وقررت أن تذهب بعيداً ،اختارات أهلها فى عالم آخر،بعد أن تركتها رغم أننى كنت السند الوحيد لها فى هذه الدنيا .

أريد أن أكفر عن ذنبى ، كلما نظرت فى عين ابنتى أتذكرها ثم أبكى ،واعتزل فى حجرتى ، تركت خطيبتى وقررت أن أكون لزوجتى حتى أغادر هذه الدنيا ،وهذا أقل شيء أقدمه لها...ولعله يكفى لتسامحنى .

 

العلاقات الصحية

 

رسالتك تم عرضها على د. رانيا ممدوح أستاذ الطب النفسى وكان لها هذا الرد سيدى..

 

اعلم أولا.. أنك لست سبباً فى موت طليقتك، لكن شعورك بالذنب أمر عظيم. وقصتك دفعتنى للحديث عن العلاقات الصحية بين الأزواج، وحتى تستمر العلاقة العاطفية وتتطور إلى علاقة زوجية وتنمو وتستمر أبداً، يجب أن تكون علاقة صحية، تشمل مجموعة من المعايير، هى: «الاحترام - الثقة - التكافؤ». 

 

 


وأعتقد أن رغبتك فى ارضاء طليقتك  تتطلب أن تحسن تربية ابنتك جيدا، وعليك أن تأخذ وقتك وتتعافى من الآلام الماضية وتحولها إلى دروس مستفادة. 

 

 

 

 


 كما يجب أن تقبل الاختلاف مع شريكتك المستقبلية وتعطيها المساحة ولا تتسرع فى الدخول فى علاقة كما تتسرع فى الخروج منها.