كنوز | «نـزار» ينتقد «وعى» توفيق الحكيم

نزار قبانى
نزار قبانى

هل يُسامحنى أستاذنا توفيق الحكيم إذا قلتُ إن كتابه الأخير «عودة الوعى» رديء جدا وخفيف ومتأخّر؟.

ثم هل يسامحنى إذا قلتُ له إن كتابه قُدّم للناس على أنه عمل من أعمال التّحدّى وهو فى الأساس لا يتحدّى أحدًا، لأن التّحدّى يفترض وجود خصم، والخصم ينام الآن تحت رُخامةِ قبر فى ضاحية منشية البكرى فى القاهرة.

الكتاب رديء جدا لأنه لا يضيف شيئا إلى ما كان يقال فى الشارع والمقهى على لسان العوام .

الكتاب متأخر لأن أستاذنا توفيق الحكيم، فكّر فى أداء فريضة الحج بعد عودة الناس من الديار المقدسة، لذلك فهو لا يستحق الثواب، والنقطة الفضيحة فى كتابه «عودة الوعى » محاولته إقناعنا انه كان خلال أعوام الثورة واقعا تحت تأثير السحر ومنوّما تنويما مغناطيسيا !

فكيف يمكن لكاتب كبير أن ينزلق الى هذا المنطق الطفولى ويقول بكل بساطة أنه كان مسطولًا ومجذوبًا وواقعَا تحت تأثير السّحر طيلةَ عشرين عاما . 

وإذا كان توفيق الحكيم يقول هذا الكلام الغيبى الخُرافى فماذا يقول الملايين من البسطاء الذين لا يعرفون تفكيك حروف أسمائهم فى الوطن العربى، المُهم أن نملك الشجاعة أن نقول لرمسيس خلال فترة حكمه أنه ملك ظالم وديكتاتور، لكن الأديب الحقيقى لا يُساوم ولا يختبئ تحت الغطاء أثناء البرد، والشجاع لا ينتظر رحيل العاصفة حتى يخرج ليصطاد السمك.

وقد يقول الحكيم أن العمر تقدّم به والشيخوخة لا تسمح بمواجهة السلطان وزبانية السلطان، وهذا قول مردود عليه لأنه ليس من المعقول أن يشيخ الحكيم عشرين سنة ثم يعود شابا بعد هذه الفترة يلعب اليوجا ويصارع الثيران ويطلق الرصاص، واذا كان الحكيم معارضا لسياسة رمسيس وأسلوبه فى الحكم فلماذا بقى فى منصبه الكبير فى جريدة الأهرام، ولماذا لم يرفض وسام عبد الناصر ويعلن سبب رفضه أمام الرأى العام ؟ لكن وسام رمسيس ظلّ على صدر الحكيم يتباهى به أمام الجميع ويفتخر أن رمسيس كرّمه.

وبعد .. أقول: مصر يا أم الصابرين إننى أعتذر إليك باسم كل الكتّاب الذين خرجوا وقرّروا بعد عشرين عامًا من حُجرة التخدير أن يسيروا فى مظاهرة ضد رمسيس الأول.


نزار قبانى  «الحياة» اللندنية 1972