الحفاظ على الثروة الزراعية «أمن قومي»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


رائف تمراز: مافيا الفساد بالأحياء والزراعة والتجار وراء تبوير الأراضي


أيمن الزيني: فرض غرامة بضعفي أرباح التبوير تقضي علي الكارثة


أمل رمزي: محاولات الهدم من الداخل أخطر ما يواجه الدولة المصرية 


أصبحت ثروة مصر الزراعية والتي تمثل قضية أمن قومي مهددة، بسبب التعدي بالبناء والتبوير المستمر على الأراضي الزراعية، وإذا كان بناء الفلاحين وأبنائهم لمنازل لهم أحد أسباب زيادة معدلات تبوير الأراضي فإن مافيا الفساد من مسؤولي الأحياء والزراعة ومعهم تجار تقسيم الأراضي الزراعية لهم نصيب الأسد في كارثة تبوير الأراضي، فكيف يتم وقف عمليات التبوير؟ وما الحلول؟ وكيف يتم محاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة؟ هو مانتناوله بهذا التحقيق..

 

في البداية يشير وهبه محمد مزارع  إلي أن التعدى على الأراضي الزراعية بدء يزداد منذ بداية عهد مبارك بداية الثمانينات أي ما يقرب من أربعين عاما ولم  يواجه ذلك بنوع من الحزم، وما زاد الامر سوءا تهاون المسؤولين بحماية الأراضي الزراعية بوزارة الزراعة وأيضا المحليات فى تلك الفترة الطويلة، مقابل دفع رشاوي كبيرة علي حساب تدمير الأرض الزراعية التي تعد ثروة زراعية لمصر لا يمكن تعويضها.


اختفاء قري
ويتفق ناصر خليل موظف وأحد ملاك قطعه أرض زراعية مع الكلام السابق، مؤكدا أن عدم وجود قانون صارم وراء تبوير معظم الأراضي الزراعية بالمحافظات، وفي محافظة الجيزة على سبيل المثال تم اختفاء قري زراعية تماما، وتحولت أجود أراضي بها لكتل سكنيه خلال الثلاثين سنة الماضية، مثل  كفر طهرمس وزنين والكوم الأخضر والطالبية، واوشكت قري أخرى علي انتهاء أراضيها الزراعية مثل منشية البكري وصفط والمعتمدية وناهيا وكرداسة وأوسيم والوراق، ويعد مسؤولي الزراعة والمحليات المسؤول الأول عن تلك المخالفات وعن تدمير الارض الزراعية.


مافيا التبوير
ويشير عماد محفوظ مهندس زراعي  إلى أن هناك  مافيا منظمة تعمل خلال السنوات الماضية من أجل تحقيق ثراء فاحش من وراء تجارة وتقسيم الأراضي الزراعية فيشترونها بأسعار رخيصة، ويقومون بتقسيمها أو تقطيعها لمساحات صغيرة  تبدأ من ١٠٠متر وحتى ٥٠٠ متر لبناء منازل سكنية عليها ويربحون الملايين من وراء ذلك، ويتم التغاضي عن هذه المخالفات مقابل دفع رشاوي كبيرة لمسؤولي الأحياء والزراعة وتعد محافظات القليوبية والجيزة والدقهلية والغربية وسوهاج والمنيا أكثر المحافظات التي يتم فيها التعدي على الأراضي الزراعية.


تبوير مليون فدان
و يشير الدكتور أيمن الزيني استاذ القانون بجامعة طنطا إلي أن التهاون في مواجهة التعدي على الأراضي الزراعية وتبويرها خاصه مع المسؤولين، هو السبب الرئيسي في تبوير مساحات كبيرة من ثروة مصر الزراعية، وتعد الأرباح الكبيرة من بيع الأراضي الزراعية ودخولها حيز البناء وراء تبوير ما يزيد عن مليون فدان خلال السنوات الماضية.


غرامات بضعف قيمة الأرض
ويضيف الدكتور أيمن أن جميع دول العالم خاصة الصناعية تحافظ على الأراضي الزراعية، لانها ثروة غير متجددة، ولكي نواجه تبوير الأراضي الزراعية في مصر بشكل صارم لابد من مضاعفة غرامات التبوير لتكون ضعف القيمة السوقية للأرض التي تم تبويرها، فإذا اشتري تاجر الأرض الزراعية أو المتعدى عليها الفدان بمليون جنيه وتم بيعه بأربع ملايين تكون الغرامة  ٨ ملايين جنيه، وبذلك ستكون الغرامة المالية الكبيرة خير رادع للمتعدين على الأراضي الزراعية، اضافة  لفرض عقوبات شديدة على الفاسدين بالمحليات والزراعة تصل للحبس والفصل وبذلك نكون وضعنا حلول سريعة وصارمة للحفاظ على الأراضي الزراعية التي  يعد الحفاظ عليها قضية أمن قومي.

 

اقرأ أيضا: قانون المالك والمستأجر الجديد ينهي خلافات وقضايا 20 مليون مواطن 


استئصال الفاسدين
ويؤكد رائف تمراز عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب سابقا أن تبوير الأراضي الزراعية في مصر يعود لأسباب عدة، أهمها عدم تحديد أحوزة عمرانية القري، وعدم وجود مبانى سكنية تستوعب تزايد عدد الفلاحين وأبنائهم، فيبنون على مساحات من الأراضي الزراعية ولكن هذه المساحات تعد نسب صغيرة، أما المساحات الشاسعة التي تم تبويرها والتي تصل إلى ما يزيد عن ٧٠٠  الف فدان خلال الثلاثين سنة الماضية، فالمسؤول عنها مافيا الفساد من المحليات والزراعة ومعهم تجار تقسيم الأراضي الزراعية، الذين حققوا أرباحا مهولة من وراء ذلك فيجب محاسبه هؤلاء لأنهم المسؤولين عن تدمير مساحات كبيرة من ثروة مصر الزراعية، ويجب تطبيق قانون من اين لك هذا مع هؤلاء الفاسدين.


ويضيف تمراز أنه لابد من سرعة إنشاء مدن جديدة بالظهير الصحراوي أمام كل محافظة لتستوعب أعداد المواطنين  المتزايدة، وحتى نتجنب تكرار أي تعدي جديد على الأراضي الزراعية في السنوات القادمة.


تهديد للأمن الغذائي
وتشير أمل رمزي، عضو مجلس الشيوخ إلي أن التعديات على الأراضي الزراعية أمر في غاية الخطورة على مستقبل الدولة المصرية ومعادلة الأمن الغذائي، ويجب الانتباه لذلك واتخاذ ما يلزم لوقف تلك التعديات، لافتة إلى أن أخطر ما يواجه الدولة المصرية هو محاولات الهدم من الداخل دون وعي أو قصد من جانب المواطنين، وخاصة فيما يتعلق بالتعديات على الأراضي الزراعية، لأن الزراعة هي الأساس لأي عملية تنمية اقتصادية وتجارية.


وطالبت بضرورة التوسع في استصلاح الأراضي الجديدة ومنع أي تعديات على الأراضي الحالية في جميع المحافظات من أجل زيادة الرقعة الزراعية، لان  مصر بحاجة إلى زيادة رقعتها الزراعية وليس تناقصها وخاصة في ظل الزيادة الكبيرة في أعداد السكان سنويا الأمر الذي يضيف مزيد من الأعباء ومطالب توفير الغذاء الكافي للمواطنين.


وشددت عضو مجلس الشيوخ، على ضرورة فرض القانون بكل حسم من قبل الأجهزة التنفيذية بالدولة لمنع تلك التجاوزات في إطار الحرص على الأمن الغذائي المصري،  والحفاظ علي ثروة مصر الزراعية وحقوق الأجيال القادمة.