قانون المالك والمستأجر الجديد ينهي خلافات وقضايا 20 مليون مواطن

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 أحد الملاك: قمت ببيع منزلي بأقل من ثمنه بسبب الإيجار الهزيل ومشاكل السكان
 

د. الأمير محفوظ: توريث المكان المؤجر غير شرعي ومطالبة المستأجر "خلو" حرام وسحت
 

د.أيمن الزيني: "الدستورية" ألزمت الحكومة بالتعديل وانهيار العقارات يعجل بالصدور  


العلاقة بين الملاك والمستأجرين في مصر كطرفي المقص كلاهما مشدود وموجه نحو الآخر، وكان ذلك نتيجة لتحول مصر من العهد الملكي الظالم لقطاع عريض من الشعب، حيث ولدت ثورة يوليو على أسس المساواة والإنحياز للفقراء من عامة الشعب، وكان أهمها توفير مسكن آمن ومستديم وبأسعار مخفضة بعد مغالاة بعض الملاك فى تقدير القيمة الإيجارية.

بدأ سن القوانين الإستثنائية وتشكيل اللجان لتخفيض الإيجارات ليتحول المالك من مركز قوى إلى أضعف طرف للعلاقة لتمتلىء المحاكم بملايين القضايا الخاصة بالإيجارات القديمة، سواء السكنية أو التجارية،  رغم وجود حلول كثيرة وسهلة، وهذا ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذى أكد على إيجاد حلول لمشاكل مصر المستعصية ومن أهمها قانون الإيجارات القديمة، وهو ما دفع نواب مجلس الشعب لإعادة طرح الحلول واستخراج مشاريع القوانين العديدة على مر العصور من أدراجها...
 

في البداية يشير عادل علي "محاسب" إلى ضرورة وجود تشريع قانوني ينهي حالة الظلم الواقعة علي رؤوس ملاك  عقارات الإيجار القديم، قائلا: "وأنا واحد منهم، حيث  ورثنا  عدة محلات  لا يتجاوز  إيجار المحل ٢٠ جنيها منذ ما يقرب من ٤٠ عاما"، ومن المستأجرين من صار يملك أكثر من محل ومنهم من يغلق المحل ويسدد قيمة الإيجار بالمحكمة، ويضيع الإيجار الهزيل لأن إجراءات استرداده  تزيد عن قيمته من أتعاب المحامي  أو رسوم المحكمة أو المحضرين بالمحكمة، رغم أن المحال المماثلة بالمنطقة يتجاوز إيجارها ألف  جنيه  شهريا.
 
إيجار هزيل

ويتفق رضا علي "مدرس " مع الكلام السابق مضيفا أن  استمرار قانون الإيجار القديم  ظالم  ويسبب مشاكل مستمرة بين  المواطنين  والبحث عن حوادث الملاك والمستأجرين بالصحف والمواقع الإلكترونية تثبت ذلك، والعديد منها يصل  للقتل.

وقال:  "احنا بعنا منزل مساحته ١٣٠ متر، عبارة عن  ٥ أدوار  بمنطقة الهرم بمبلغ  ٣٠ ألف جنيه، منذ عدة سنوات، وكان إيجار الشقة ٢٠ جنيها، رغم أن  قيمته كانت تتخطى  مليون جنيه في حينها، لو كان خاليا من السكان، كنا فضلنا بيع المنزل عن الاستمرار في المشاكل مع السكان". 


توريث المكان المؤجر غير شرعي

ويري  الدكتور الأمير محفوظ عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سابقا أن  العلاقة بين المالك والمستأجر، يجب تعديلها ورفع الظلم عن المالك، ومن المعلوم في الشريعة أن الإيجارة لا تورث، لكن نظراً لمصلحة أهلية المستأجر بعد وفاته، واقتراح امتداد عقد الإيجار حفاظا على أهليته؛ لذلك اشترط امتداد عقد الإيجار".

أما  بالنسبة للأماكن السكنية هناك شروط عامة، وهي قيام أهل الخبرة بالإتفاق على وضع وتحديد (القيمة الإيجارية العادلة والمنصفة) بمعايير منها: نسبة مساحة وحجم العقار 50 متر أو 60 أو 70 متر، ومكان العقار والبيئة والمدينة والإقليم، فضلا عن جودة مرافق العقار، ومنافعه، أو ردائتها، وذلك لأهمية تحديد (القيمة الإجارية العاجلة) في العلاقة بين المالك والمستأجر، ولسهولة اقتراح أساليب جديدة لمعالجة العقود الإجارية المجحفة للمالك، أو القيمة الإجارية الزائدة على المستأجر.

وأيضاً تجديد العقود القديمة التي تقل فيها قيمة الإيجار عن قيمة المثل (الذي يقدره الخبراء) وهو غالبا ما يرجع إلى العرف اليوم قال تعالى: {وأمر بالعرف}، ومن القواعد الكلية أن العادة محكمة، وأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا، حيث تجدد العقود إلى عقود جديدة بقيمة المثل اليوم، إضافة إلى اقتراح بتعديل القيمة الإيجارية في العقود القديمة بوضع ما يسمى بـ(الأجر التصاعدي للمنفعة) بمعنى أن تزيد قيمة الإيجار بنسبة سنوية يتفق عليها الطرفان (المالك والمستأجر) مثلا: 20 %، أو 30 % بشرط ألا تزيد الأجرة عن قيمة المثل.

مع ضرورة تعديل القيمة الإجارية في العقود القديمة حسب دخل المستأجر، وحسب المنطقة السكنية حيث إن هناك عقود إيجارية بالمناطق القديمة العتيقة كالزمالك والمهندسين، أو المناطق الحديثة نسبيا كمصر الجديدة ومدينة نصر، وأخرى بالمناطق الشعبية كالسيدة زينب والمرج وباب الشعرية، وكل من هذه المناطق يقطنها مستأجرون إما أغنياء أو متوسطو الحال أو فقراء مستضعفون، فأرى أن تحدد القيمة الإيجارية لمثل هؤلاء حسب قيمة الدخل الشهري لكل منهم بنسبة لا تزيد على نسبة (20 %) من الدخل الشهري للمستأجر، مع التنبيه على أمرين، 
أولهما، أن الاعتبار الأول للقيمة الإيجارية العادلة هو قيمة المثل وفق تقدير الخبراء، وليس دخل المستأجر، وإنما يعتبر الدخل للمستأجر لعدم ظلمه في التقدير.
ثانيها، اختلاف القيمة الإيجارية حسب البيئة والمدينة والحي والإقليم، لأن العرف يدل على ذلك.


 الخلو  سحت وحرام

ويضيف الدكتور  الأمير  محفوظ قائلا: أما ما يسمى بالخلو  وهو ما يطلبه بعض المستأجرين عند ترك العين المستأجرة، فإن هذا مال من السحت، ولا يحل طلبه أو استحلاله؛ قال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل] [النساء]؛ ولأن المستأجر قد انتفع بالعين مقابل أجرتها، فما وجه طلب مقابل إخلاء العين المستأجرة سوى الاستغلال والظلم، ويجب ضرورة  تفعيل لجنة تقييم الإيجارات  التي قامت في الأحياء التابعة للمحافظات والمحليات ، ويجب أن تقوم على أهل الخبرة  والعلم  والدين لتقديم تقييم عادل للقيمة الإيجارية في كل حي من الأحياء حيث تختلف من حي لآخر، مع الإشارة إلى أن هذه اللجنة باتت في ذاكرة التاريخ فلم يعد لها أثر يذكر فيجب استعادة دورها لرفع الظلم بين المالك والمستأجر، وأن يكون قرارها ملزم للطرفين.


 حوار مجتمعي

ويري الدكتور أيمن رمضان الزيني أستاذ القانون  بكلية الحقوق جامعتي طنطا والسادات أن تحرير العلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر من األامور التي أثارت جدلاً واسعاً بسبب  القيمة الايجارية الزهيدة والأضرار المادية  لمالكي عقارات الإيجار القديم وظل تحريرها حلما طالما راود الحكومات المتعاقبة تحقيقه، إلا أنها لم تجرؤ علي المساس بهذا الملف لإعتبارات عديدة و ظلت قوانين إلايجارات للوحدات السكنية في مصر تحت مسمى ”اإلايجار القديم " - القانون 49 لسنة 1977 والقانون 136 لسنة 1981 - أكثر من خمسة  عقود، حتى ظهر قانون ”اإلايجارالجديد“ القانون 4 لسنة 1996 ،ليحرر الوحدات السكنية الجديدة، و كان من  أبرز نتائجه ارتفاع أسعار الإيجارات في بعض المناطق  القاهرة الكبرى وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت في عام 2002 حكما حاسما رقم 70 لسنة 18قضائية دستورية، بإبقاء الوضع الإيجاري السكاني الخاص بقانون الإيجار القديم كما هو عليه، مع إقرار امتداد العلاقة الإيجارية لمرة واحدة، وقصرته على فئات الدرجة الأولى، لكن استمرت اشكاليات القانون 49 لسنة 1977 والقانون 136 لسنة 1981 ، حيث لم يلغ القانون الجديد العقود القائمة.                                           
 

أقرأ أيضا: الإيجار القديم| المستأجرون: لا ذنب لنا.. ونطالب بالنظر بعين الرحمة 

تحركات حكومية وبرلمانية

وهو ما أدى لظهور عدة تحركات حكومية وبرلمانية خلال السنوات الأخيرة نحو إلغاء هذا القانون كلية ، وعليه قامت لجنة الإسكان بمجلس النواب بطرح عدد من نصوص لمسودات تعديل قانون الإيجارالقديم، إلا أن أعضاء اللجنة لم يتوافقوا عليها، ولا تزال التعديلات قيد المناقشة.

 وتضمنت مقترحات التعديلات في مجملها إلغاء العمل بكافة عقود الإيجار القديم، مع منح الحق للمستأجر في توفيق أوضاعه بترك الوحدة السكنية أو التجارية خلال مدة أقصاها خمس سنوات.

 والحقيقة أن اشكالية إصدار قانون جديد للإيجارت تكمن فى صعوبة تحديد قيم عصرية عادلة، ففي نفس العقار قد يقطن عدد من العائلات والذي يختلف نموهم الطبقي في العشرين سنة الأخيرة، وعليه توجد عائلات لن تتمكن من دفع مبالغ باهظة، وسيكون مصيرهم الطرد.

 والعقارات الكائنة في بعض المناطق من المستحيل تعديل الإيجارات الخاصة بها بنسب منطقية، لأن معظم المستأجرين من كبار السن ويعيشون على معاشات الدولة والتي بالكاد تكفي احتياجاتهم وعلاجهم.


موائمة القانون مع الفترة الحالية

ولذا فإن هناك ضرورة إلي إعادة هيكلة وتعديل قوانين الإيجارات القديمة ومراعاة ما تتطلبه الفترة الحالية من القضاء على الظواهر العشوائية التى خلفتها منظومة من القوانين التى شرعت للفساد والاستغلال، والحقيقة أن قانون الإيجارات القديم قد أوجد مشاكل غاية في الخطورة ، منها وجود مايقرب من 12 مليون وحدة سكنية مغلقة في مصر، كما أن هناك 10 ملايين وحدة سكنية إيجار قديم تضم نحو 20 مليون مواطن حسب أخر احصائية.

وعاد مطلب تعديل قانون الإيجار القديم بقوة فى مجلس النواب الحالى 2021 خلال الشهر الماضي ، فزادت المطالبات بضرورة الإسراع في تعديل أحكام قوانين الايجارات القديمة القانون49 لسنة 1977 والقانون 136 لسنة 1981، بما يحقق التوازن في العلاقات الإيجارية بين المالك والمستأجر.
                                                                                                          
انهيار العقارات القديمة

خاصة في ظل استمرار ظاهرة انهيار العقارات القديمة منها والمحتوية على مساكن تحت الإيجار القديم، كنتيجة لتفاقم الأزمات الشخصية بين المالك والمستأجرين، فيجب على الحكومة المبادرة في إيجاد حل عادل ومنصف لمشكلة الإيجار القديم، والتي تسببت الدولة فيها ولم تتداركها على مر العقود، فلا يمكن حل مشاكل الإيجار القديم، دون وضع سياسة سكن عادلة تكبح جماح الأسعار المنفلتة، وأن تساهم الدولة بمساعدة غير القادرين  وأن يكون لهم الأولوية في شقق الإسكان الاجتماعي                                            

قاعدة بيانات

لعل الأمر يقتضي قبل تعديل القانون إجراء  حوار مجتمعي، ودراسة ومسح اجتماعي شامل من قبل الجهات الحكومية المعنية لتكوين قاعدة بيانات، يفرق بين المناطق التي بها العقارات وحالتها الإنشائية وسنة بنائها والمستوى الاقتصادي للمستأجرين،  وإجراء دراسات تحاكي تحركات المستأجرين المتوقعة في المدينة بعد تحرير الإيجارات، علي حسب موقعهم الجغرافي ومستوى دخلهم، للتوصل إلى منظومة إسكان تكفل الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل وكبار السن أو من يعانون صعوبات بدنية أوذهنية والذين يعانون صعوبة في الحركة )حتى لو لديهم المقدرة المادية على التنقل أى "توفر لهم المسكن الملائم في محيط ٢ كيلومتر من سكنهم الحالي".

اقرأ أيضا: د.صلاح فوزي: «الأحوال الشخصية والإيجار القديم».. قوانين تستحق المناقشة