الزراعة العضوية وإمكانية التوسع فيها

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

فتحت «بوابة أخبار اليوم» ملف متبقيات المبيدات والتي تؤثر سلبًا على تربة الأرض وصحة المصريين، وبحسب الخبراء فإن الحل يكمن في التوسع في الزراعة العضوية.
واستكمالا لملف المحاصيل وصحة المصريين، ترصد «بوابة أخبار اليوم» آراء الخبراء حول الزراعة العضوية وإمكانية التوسع فيها بالأراضي المصرية..

ما هي؟

الزراعة العضوية هي الزراعة التي لا يتم استخدام المبيدات ولا المواد الكيماوية بها نهائيا ويعتمد الفلاح على النبات والطحالب وغيرها من المواد الموجودة بالطبيعة لمكافحة الحشرات والآفات التي تضرب المحاصيل بدلا من استخدام المبيدات الكيماوية 

تاريخ الزراعة العضوية 

ويرجع تاريخ الزراعة العضوية في مصر إلى منتصف سبعينيات القرن الماضي، فحتى الأربعينيات لم يستخدم المزارعون المصريون أي أسمدة أو مبيدات كيماوية في زراعة محاصيلهم  وقبل بناء السد العالي في أسوان كان فيضان النيل السنوي يغمر الأراضي الزراعية و كان يترك طبقة سميكة من التربة الخصبة التي كانت تغذي الأرض الزراعية بشكل طبيعي.

أدى تطوير التقنيات الزراعية في قطاع الزراعة التقليدية إلى نمو هائل في الإنتاج في خلال العقود الماضية، رغم  أن التكاليف المتعلقة بهذا النمو تعتبر كبيرة، وكثيراً ما تكون خفية وللزراعة المكثفة آثار سلبية على البيئة مثل: استنزاف التربة السطحية، وتلوث المياه الجوفية وندرتها، وزيادة تكلفة الإنتاج.

مشكلات الزراعة العضوية

الزراعة العضوية في مصر تعاني في الوقت الحالي من انخفاض الإنتاجية وعدم وجود هياكل تسويقية جيدة وعدم توافر هيئات مانحة لشهادات معتمدة وكذلك اقتصار مساحة الأراضي الزراعية في مصر على وادي النيل والدلتا إلى جانب الواحات وبعض الأراضي الصالحة للزراعة في سيناء، وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة الإجمالية 3.6 مليون فدان من الأراضي بما يمثل حوالي 4 ٪ من إجمالي مساحة مصر.

الزراعة العضوية «ضرورة»

أكد الدكتور صابر هنداوي أستاذ الزراعة العضوية بالمركز القومي للبحوث وممثل  الجمعية المصرية للزراعة الحيوية: إن الزراعة الحيوية أصبحت ضرورة ولابد من استبدال الزراعة العضوية بالتقليدية  لأن متبقيات المبيدات والحشائش السامة تلوث التربة والمحاصيل هذا بالإضافة لتلوث ثمار الخضروات والفاكهة بمادة «الديكسيسين» وأدخنة حرق المنتجات البلاستيكية كما تحتاج مصر حاليا لفتح أسواق جديدة للحاصلات الزراعية المصرية.

وأوضح ممثل  الجمعية المصرية للزراعة الحيوية: أن الحكومة المصرية  تتحرك حاليا لتنفيذ ذلك في مشروعات زراعية كثيرة  في شرق العوينات وتوشكى والفرافرة والمليون ونصف فدان، حيث وضعت الحكومة قانون الزراعة العضوية وكثير من الصعوبات التي كانت تواجه الزراعة العضوية تمت إزالتها.
وأضاف الدكتور هنداوي إن مصر ليس لديها أي خيارات إلا الزراعة العضوية للحفاظ على المياه وفتح أسواق جديد لتصدير المحاصيل ولتحويل المزرعة الطينية  التقليدية لتكون زراعتها عضوية يستغرق ذلك 3 سنوات أما الأرض الصحراوية فتحتاج من 4 لـ 6 شهور ليتم زراعتها زراعة عضوية وهذا الفرق في الوقت بين الأرض الطينية والصحراوية أنه لابد أن يتم التخلص من كل متبقيات المبيدات الموجودة بالتربة الطينية وتكسير كل مركباتها الكيميائية. 

وأوضح الدكتور هنداوي أن ارتفاع أسعار المحاصيل المزروعة بالطريقة العضوية ليس نسبته عالية فالفرق بالأسعار بين المحاصيل المزروعة التقليدية والعضوية هي ان الزراعة العضوية أغلى بنسبة تتراوح من 5 لـ 20% وببعض المحاصيل يتساوى السعر بين التقليدية والعضوية.

نماذج للزراعة العضوية  

مشروع مخصبات الذهب الأخضر هو مشروع مصري قومي للزراعات العضوية النظيفة والمحاصيل التصديرية من مستخلصات الطحالب البحرية «أعشاب البحر» وتستخدم كمخصبات ومبيدات لجميع أشجار الفاكهة والخضروات والصوب الزراعية وهى تزيد المحصول بنسبة 40 %، وتوفر 90% من ثمن المبيدات الحشرية، و70% من تكلفة الكيماوي «الأسمدة الأزوتية والفوسفاتية والبوتاسية».

وأوضح الموقع الرسمي لمشروع مخصبات الذهب الأخضر: أن من فوائد المبيدات الحيوية الحفاظ على خصوبة التربة وقوة الهرمونات والعناصر النباتية للثمار، مثل مذاقها ورائحتها ولونها، ويتم استخدامها برشها على الأوراق والثمار أو بالحقن في مياه الري أو الأسمدة أو في نقع البذور والجذور ما يزيد من سرعة الإنبات.

أورجانيك مصر

بدأ نشاط شركات الزراعة العضوية مثل مشروع أورجانيك مصر في عام 2018 والذي يهدف لتطوير وتعزيز قطاع الزراعة العضوية، ويعمل المشروع على تمكين المزارعين و المنتجين تحت نظام الزراعة العضوية بالتعاون مع جمعيات المزارعين ومراكز التدريب المحلية، لتوسيع سوق المنتجات العضوية، ويتم تمويل المشروع من بعض الجهات الأوروبية.

ويقدم أورجانيك مصر دورات الزراعة العضوية للمدارس والمؤسسات الأخرى التي تعمل مع الأطفال والشباب، وتهدف هذه الدورات إلي زيادة الوعي بالزراعة العضوية وتأثيرها الإيجابي على البيئة وصحة الإنسان والمجتمع بأكمله، كما يقدم المشروع حملات توعية لمؤسسات أخرى من القطاع الخاص كما يدعم المشروع القنوات الإعلامية ومبادرات المجتمع الغذائية المختلفة.
 
وتساعد الشهادات العضوية في نمو الزراعة العضوية فهي تضمن جودة الزراعة وتمنع الممارسات الضارة للأرض الزراعية و لصحة المستهلكين، ومن الجدير بالذكر أن جميع هيئات إصدار الشهادات التي تعمل في مصر حاليا هي هيئات أوروبية ما أدى إلى ارتفاع تكاليف وإصدار الشهادات على المزارعين لاعتماد مزارعهم.

سعر أغلى

الدكتور خالد غانم أستاذ الزراعات العضوية بكلية الزراعة جامعة الأزهر قال إن حجم المساحة المزروعة عضويا بمصر تتراوح من « 280 : 285 » ألف فدان، طبقا لاحصائيات الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية، ورغم صدور قانون الزراعة العضوية ولائحته التنفيذية فى فبراير 2020، إلا أنه لم تزيد مساحة الأراضي المزروعة بالطريقة العضوية، وهذا لا يتناسب مع مكانة مصر الزراعية، لأن مصر عرفت الزراعة منذ عهد الفراعنة، وبدأت الزراعة العضوية من عام 1977، أي منذ 44 عام، وأول من أدخلها لمصر الدكتور إبراهيم أبو العيش صاحب شركة سيكم، وتوقف الاهتمام بها بعد وفاته، حتى أعاد الدكتور يوسف والى وزير الزراعة السابق الاهتمام بها ثانية ولكن توقف مرة ثانية بعد وفاة والي.

وأكد الدكتور غانم أن المحاصيل الناتجة من الزراعة العضوية أغلى فى السعر، وسبب ذلك هو ارتفاع التكلفة، وحتى الموجود بالأسواق حاليا انتاجه ليس عضويا بالكامل، ولابد ان تتعاون الحكومة فى تحويل الزراعة لتكون عضوية، وتساهم فى بيع المنتجات العضوية.

أقرأ أيضا: متبقيات المبيدات| كارثة بيئية تقلل خصوبة التربة

ضرورة لدرء المخاطر

ويرى الدكتور غانم أنه لابد من تعميم استخدام الزراعة العضوية ونشرها، وذلك لإيقاف تأثير متبقيات المبيدات المدمر على الحاصلات الزراعية وعلى صحة المستهلكين، والتي أدت لانتشار أمراض الفشل الكلوي والكبدي، كما يجب إيقاف افراط المزارعين فى المبيدات، وتوفير الإرشاد الزراعي لهم ليتوقف «قتل التربة»، الذي تتسبب فيه استخدام المبيدات ولابد من الاعتماد على الزراعة العضوية لتظل «التربة حية» وذلك بدات تتجه له الحكومة الأم فمشروع المليون ونصف مليون فدان يقوم جزء كبير منه على الزراعة العضوية .

ويقول خميس موريس مزارع بمحافظة أسيوط إنه لابد من تطبيق الزراعة العضوية لأن الزراعة التقليدية المعتمدة على المبيدات الزراعية تحتاج للإرشاد الزراعي والذي اختفى الآن، ويعتمد الفلاح على ثقافته، وبعض الفلاحين لديهم ثقافة بسيطة عن أضرار بعض المبيدات وليس كل أنواعها.

وأوضح خميس أن سماد اليوريا 46 مثلا يسبب أمراضا للإنسان وبديله الأقل ضررا هو يوريا 33، وأنواع أخرى من المغذيات الكيماوية التي يرشها الفلاح،  ويؤكد منتجو ومستوردوا هذه المبيدات انها لا تؤثر على صحة الانسان، وغير متوفرة بالأسواق، هذا بالإضافة للمبيدات الحشرية التى يستخدمها الفلاح لمقاومة الحشرات التي تصيب المحصول خاصة في فصل الصيف، فمحصول الطماطم يصاب بالسوسة والعفن الجذري، وسنويا لابد أن تحدث مشكلة بمحصول من المحاصيل بسبب المبيدات ففي موسم الشتاء الماضي حدثت مشكلة ضخمة في محصول القمح بسبب الطقس.

أزمة بالمبيدات الكيماوية 

وأكد موريس أن الفلاحين لازالوا معتمدين على الزراعة الكيماوية والمبيدات الكيماوية، لدرجة أنه يوجد حاليا أزمة ضخمة في الأسمدة والمبيدات، حيث لا يوجد أي سماد كيماوي بالسوق نهائيا، لأن الشركات المنتجة لهذه الأسمدة تصدر كل إنتاجها للخارج لأنه مربح أكثر، ولو توقف الاعتماد على المبيدات والأسمدة الكيماوية لن تحدث هذه الأزمات. 

وأشار موريس أنه قام بتجربة زراعة محصول الطماطم عضويا، وكان المحصول جيد جدا، ولكن لأن أرضه بمحافظة أسيوط، لذا يكون عادة الاعتماد بصورة كاملة على الزراعة بالمبيدات والكيماويات.

وتساءل موريس لماذا لا تهتم الدولة سوى بزراعة الصحراء فقط بالطرق العضوية، رغم أن تكلفة الزراعة بالأرض الطينة بالوادي والدلتا أقل، فالأرض الطينية جاهزة وليست مثل الأرض الصحراوية التي تحتاج مجهود وتحضيرات، متابعا أنه يجب على الحكومة مساعدة الفلاحين على تطبيق الزراعة العضوية، لأن السبب الرئيسي فى عدم انتشار الزراعة العضوية بمصر هى التكلفة، ولكنها تنتج نباتات صحية أكثر عن الزراعة بالمبيدات الكيماوية، بالإضافة إلى أن الكثير من الفلاحين يصابون بالأمراض نتيجة استنشاق المبيدات أثناء رشها.

مبيدات آمنة

 يقول الدكتور محمد سالم صاحب أحد المصانع الخاصة لإنتاج المبيدات والأسمدة العضوية: أنه خلال السنوات العشر الأخيرة زادت نسبة أمراض السرطان بالإضافة للتأثير على نشاط الهرمونات بالجسم لأن بعض متبقيات المبيدات تكون مثل الهرمونات في وظائفها لذا لابد من إيقاف استخدام المبيدات الكيميائية وبسبب كل هذه الأضرار الصحية و لذا  يقوم مصنعه بإنتاج المبيدات والأسمدة العضوية.

أقرأ أيضا: متبقيات المبيدات| الاستخدام العشوائي يهدر المحاصيل ويتسبب في خسارة للفلاحين


الزراعة العضوية ومشروع المليون ونصف فدان

المهندس السيد حجازي أحد المستثمرين بمشروع المليون ونصف مليون فدان: يقول إنه لابد من تكثيف الجهود الحكومية والبرلمانية لإقرار القوانين والاتفاقيات التي  تساهم في  زيادة استخدام الزراعة العضوية ليزيد حجم الصادرات المصرية، كما يجب أن يجري اتصال بين وزارة الزراعة ومصدرين المحاصيل الزراعية فالأراضي الطينية أغلب حاصلاتها يتم رفض تصديرها وترجعها ثانية الدول المستوردة لمصر لذا يتم الاعتماد على الأراضي الصحراوية وباستخدام الزراعة العضوية لتلوث مياه النيل بمتبقيات المبيدات، كما أن الأراضي الطينية بها مشاكل مزمنة لذا تحتاج الطينية لتطبيق الزراعة العضوية بها لمدة من عامين لثلاثة أعوام لأن الحشائش ومتبقيات المبيدات تنتقل في مياه النيل.
 
وأوضح المهندس حجازي : أن الزراعة العضوية تكلفتها أقل للثلث ولكن يجب ان يطبقها كل الفلاحين فلا يجوز أن تتواجد قطعة ارض زراعية تعتمد على الزراعة التقليدية واخرى تعتمد على الزراعة العضوية وهذا التوحيد يحتاج لقرارات سيادية لان تلك منظومة متكاملة ومنها تصنيع المبيدات النباتية والاهتمام باساتذة كلية الزراعة المصريين الذين صنعوا مبيدات حيوية عالية الجودة ورغم ذلك لا يتم تسجيلها ويحارب مستوردى المبيدات الكيمائية هذه المنظومة الخاصة بالزراعة العضوية لان ارباح هؤلاء المستوردين للمبيدات الكيماوية ثلاثة إضعاف سعرها 

أقرأ أيضا: متبقيات المبيدات| سم بطئ على الموائد (ملف)