من التاريخ

الخليفة المتوكل على الله.. قضى على «البجة»

د. عبد المقصود باشا
د. عبد المقصود باشا

هو الخليفة العباسى العاشر أبو الفضل جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بن هارون الرشيد، أمه تركية اسمها «شجاع»، بويع له بالخلافة بعد أخيه الواثق بالله، وقد أمر بإظهار السنة، والقضاء على مظاهر الفتنة التى نشأت عن القول بخلق القرآن، وكتب إلى كل أقاليم الدولة بهذا المعنى، عنه يقول الدكتور عبد المقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر الشريف: أظهر المتوكل إكرام الإمام أحمد بن حنبل الذى ضرب وأوذى وسجن خلال فتنة خلق القرآن، استدعاه المتوكل من بغداد إلى سامراء وأمر له بجائزة، لكنه اعتذر عن عدم قبولها، فخلع عليه خِلْعَةً عظيمة من ملابسه، فاستحيا الإمام أحمد فلبسها إرضاء له، ثم نزعها بعد ذلك.

على حدود مصر وبالقرب من بلاد النوبة، كان المصريون يعكفون على استخراج الذهب والجواهر الكريمة، وإذا بطائفة من الأحباش يعرفون باسم «البجة» يهجمون على تلك المناجم، ويقتلون عددًا كبيرًا من عمالها المسلمين، ويأسرون بعض نسائهم وأطفالهم، وأخذوا يغيرون على أطراف الصعيد وأهله حتى استغاثوا بالمتوكل، فجهز جيشًا بقيادة محمد بن عبد الله القمى من عشرين ألف رجل، والتقى الجيش مع البجة وقضى على جموعهم سنة 856م (241هـ)، هذا ولم يَخْلُ عهده من فتن وثورات قضى عليها.

يضيف باشا: وقع المتوكل فى نفس غلطة جده هارون الرشيد عندما عقد الولاية لثلاثة من أبنائه، فقام بعقد الولاية لثلاثة من أبنائه أيضا، المنتصر ثم المعتز ثم المؤيد، ولم تكن قلوب الأتراك مطمئنة إلى المتوكل فعملوا على استغلال كره المنتصر لأبيه فتآمر معهم، ودخلوا عليه فقتلوه بسيوفهم، وقتلوا معه صديقه الفتح بن خاقان، وأشاعوا أن الفتح هو الذى قتله، وأنهم قتلوه لفعلته، وولوا المنتصر مكانه، وكانت هذه الحادثة إيذاناً ببدء سلسلة طويلة من قتل وعزل الخلفاء تباعا بعد أن ضاعت كرامتهم على يد الأتراك، يوم أن استقدمهم المعتصم ليدخلوا بلاد المسلمين.