ستبقي حلب السورية وصمة عار علي جبين العالم كله ويزداد هذا العار علي رءوس القادة العرب فقد ظلت هذه المدينة السورية تحترق وتشتعل علي مدار نحو أسبوعين كاملين تبادل فيها جميع الخصوم السياسيين والعسكريين والإرهابيين القتال بتفجير كل أنواع القنابل والمفرقعات وحتي براميل البارود.. كانوا يتبارون في إسقاط هذه الأسلحة الفتاكة علي الأحياء السكنية ويتبادلون الفخر بأنهم قتلوا وأصابوا وشوهوا الآلاف من السيدات قبل الرجال والأطفال قبل الشباب.. ولم يعد يسمع في هذه المدينة المحترقة غير صوت الانفجارات الوحشية ولم تسلم دور العبادة من مساجد وكنائس ولا معاهد التعليم والمدارس حتي الحضانات مرورا بجميع العيادات الطبية.. ولم يخجل المتقاتلون سواء من جانب المعارضة أو جنود النظام أو جماعات الإرهاب من تفجير مستشفي القدس للأطفال وكان هو الملاذ الوحيد لإسعاف وإنقاذ ضحايا هذه الهجمة الوحشية التي لم ترحم الصغار من أطفال سوريا والذين لا ذنب لهم غير أنهم ظلوا تحت الحصار الوحشي لمدينتهم بعد أن غلقت أمام أسرهم كل المنافذ المتاحة للهروب عبر حدود مدينتهم.. ولم يجد هؤلاء الأطفال يدا تمتد لإسعافهم وإنقاذهم من براثن الموت فلقد مات طبيب الأطفال الوحيد الذي بقي في المستشفي تحت أنقاضها.. تحولت شوارع وحواري هذه المدينة الحزينة إلي برك من الدماء وانتشرت جثث القتلي بلا أمل للدفن بعد أن اختفت كل عربات ورجال الإسعاف ليخيم الموت في كل ركن من حلب.. ولم يعد هناك صوت لعاقل يسمع فيها فقد انشغل النظام بقذف المنطقة الشرقية التي يتواجد فيها فصائل المعارضة المسلحة والتي ترد بدورها علي قوات النظام المعسكر في المنطقة الغربية.. ولذا تجد المهزوم في كل مكان ولا يوجد فائز في هذه المجزرة الدموية الوحشية.. والكارثة «أيها السادة» أن العالم كله يتفرج علي ما يحدث من مهازل وحشية في هذه المدينة الحزينة وكأنه يشاهد فيلم رعب تجري أحداثه في إحدي المجرات بعيدا عن كوكب الأرض واكتفي قادة العالم والمنظمات الدولية بالفرجة وكأن الأمر لا يعني أحدا.. رغم أن المجرم معروف لنا سواء كان النظام في سوريا أو المعارضة أو الدول التي تشارك في ضرب المدن السورية بالقنابل تحت دعاوي الوقوف مع النظام من جهة أو محاولة القضاء علي المعارضة غير الشرعية أو ملاحقة جماعات الإرهاب كداعش والنصرة وغيرهما.. ولكن أصبح الجميع أمام معضلة كبري أن من يبقي في سوريا أو حلب مهدد بالموت لا محالة وحتي من يستطيع الهروب عبر الحدود فلن يجد إلا الموت جوعا تحت ظروف جوية بشعة سواء واجه خطر البرد أو الحر أو حتي الموت في العراء وهؤلاء أصبحوا بالملايين بلا مأوي.. ورغم أن الدموع تسيل حزنا علي أهل حلب التي كانت أجمل وأقدم المدن العربية إلا أن الأمل بدأ يقترب بهذه القرارات الصادرة من الجامعة العربية مؤخرا والتي اتفق فيها مندوبو الجامعة علي تقديم كل مجرمي الحرب والمسئولين عن قتلاها وتدميرها واحتراقها إلي العدالة.. ولكن أين التحرك السريع لإعادة بناء وتعمير هذه المدينة المحترقة التي تبكي ليلا ونهارا علي سكانها الذين دفعوا ثمنا غاليا للحرية.