حديث وشجون

طول و بركة العمر

إيمان راشد
إيمان راشد

تتلاطمنا الحياة مابين كاذب ومنافق ومخادع يستغلون طيبتك ويظنون أن الطيبة نوع من الخلل العقلى أو السُبة حتى أن البعض يُطلق على من يستغله الناس أو يستدرّون عطفه للوصول إلى غايتهم كلمة (أصله طيب) ونسوا أو تناسوا أن هذا الشخص ربما يكون أذكاهم ولكن الله حباه بصفة من الصفات التى حرمهم من التحلى بها لعدم رضاه عنهم...وعندما أفقد مثل هذا الشخص أشعر بأن الدنيا تعلن عن فراغ جديد وينتهى جزء من عمرى فأنا مقتنعة تماماً بأن الانسان لا يموت مرة واحدة بل تتساقط سنوات عمره مع الآلام والخيبات أقول هذا بعد أن فقدت الأسبوع الماضى اثنين من أطيب وأكرم خلق الله.
ابن من أسرتنا الكبيرة بالأخبار شاب بِكر لم يبلغ الثلاثين عاماً الأدب والأخلاق والطيبة تمشى على ساقين لا تسمع منه إلا أطيب الكلام مغلفاً بابتسامة جميلة محببة إلى النفس صوته أقرب إلى الهمس لا يعرف الاعتراض طريقاً إليه ولا يملك إلا كلمتى حاضر ونعم.. محبوباً من الجميع صحفيين وإداريين وعمال.. ذات صباح استيقظت على خبر هو الأسوأ فى حياتى... لقد سقط الولد بنزيف حاد.. جرى الجميع وحاولوا بكل الطرق إنقاذه ولكن أمر الله قد نفذ ولم تستغرق فترة مرضه حتى وفاته ثلاثة أيام... عاش بسمة وراح نسمة.
الشخصية الأخرى وإن لم أكن أعرفه عن قرب إلا أننى تقريباً أعرف عنه الكثير الحاج محمود العربى رجل الأعمال العصامى المحترم الودود الخيّر.. فى وداع الاثنين يتجلى معنى طول العمر وبركته فولدنا ياسين عباس أقامت له الجريدة عزاء كبيرا وكأنها كانت تزفه إلى الجنة وامتلأت القاعتان من كل أبناء الأخبار ووقف أحمد جلال رئيس مجلس الإدارة ومعه كل رؤساء التحرير وزملائه يتلقون العزاء الذى كان بمثابة عرس غاب عنه عريسه.. كذلك فأنا لم أر جنازة بهذا الكم من البشر الذين اكتظوا لوداع الحاج محمود العربى.. إذن فطول العمر وبركته هى السيرة الطيبة لنا بعد أن نقابل وجها كريما وهى لا تتأتى إلا لمن كان طيباً فى صفاته وتصرفاته ويتذكره الناس كثيراً بعد وفاته ويترحمون عليه جعلنا وإياكم ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه.