حكاية حي المعادي| «أقدم مناطق القاهرة.. ولغز أرقام شوارعه»

صورة مجمعة
صورة مجمعة

لكل اسم حكاية يحمل بين طياته رموز وأشخاص وتاريخ، فالأشخاص راحلون وتبقى الذكرى الخالدة عبر العصور ليتناقلها الأحفاد عاما وراء عام.

ويعد حي المعادي من أكثر الأحياء شهرة في مصر، كما أنه أقدم أحياء مصر، لذا تستعرض "بوابة أخبار اليوم".. لغز الحى الراقي وحل أرقام الشوارع.. أقدم مناطق القاهرة.

«شارع شبرا ».. تاريخ حي مشاهير الفن والأدب والسياسة «مصنع الرجالة»

يعد حي المعادي من الأحياء العريقة الموجودة في جنوب القاهرة، فهو معروف بطريقة تخطيط شوارعه، ومعظم الشوارع أسماؤها مُرقمة مثل: شارع 9 الذي يعتبر أشهر شوارع المعادي.

كما تجد هناك المدارس والمستشفيات والشركات الكبرى، لذلك فهي منطقة جاذبة للشباب والأسر ويتجه كثير منهم للبحث عن شقة للبيع فى المعادي.

لماذا سميت المعادي بهذا الاسم؟

يعتبر أصل كلمة معادى جمع كلمة "معدية" في اللغة العربية، وكانت عبارة عن أراض زراعية يقوم بزراعتها سكان طرة، ووقت الحصاد كانوا يتنقلون بالمعديات للذهاب إلى الجيزة لبيع المحصول.

ويرجع تاريخ نشأة المعادي إلى عام 1903 فقد كانت قرية زراعية تعبر منها المراكب بين شطى النيل ومن هنا جاءت التسمية من المعدية "معادي" إلى أن أنشأ الخديوى إسماعيل حلوان مشتى العائلة الملكية ومشتى الأثرياء وأصحبت محطة رئيسية في الوصول إلى حلوان خاصة مع إنشاء القطار الذى يصل إلى حلوان.


 

العيون الكبريتية

يعد حي المعادي واحدًا من أشهر أحياء القاهرة وأعرقها حيث يرجع تشييد بنائها إلى الخديوي إسماعيل في فترة الحكم الملكي لمصر منذ 1830ـ 1895، الذي قرر في نهاية القرن التاسع عشر استثمار منطقة حلوان التي تبعد 25 كيلومترا جنوب القاهرة بإقامة منتجع سياحي استشفائي في المدينة الصغيرة ذات الطابع الهادىء والحدائق الجميلة وعيون المياه الكبريتية، فضلا عن قربها من مناطق الآثار الفرعونية مثل سقارة والجيزة مما يجعلها هدفا للبرامج السياحية الغربية، ورغم قدم هذا الحي إلا أنه ما زال محتفظًا برونقه حيث يتم تصنيفه في الوقت الحالي من أرقى أحياء القاهرة.


التخطيط 

لم يدر بخلد الضابط الكندي الكابتن ألكسندر آدامز مؤسس المعادي ومهندس التخطيط، أن مدينته الصغيرة الهادئة ستصبح الاستثناء الفريد في العاصمة الأكثر ازدحاما في الشرق، ففي خضم الصخب والضجيج اليومي الملازم لشوارع وأحياء القاهرة، تبدو «المعادي» وشوارعها غارقة في صمت يثير الدهشة والعجب كونها لا تبعد عن وسط العاصمة بأكثر من 10 كيلومترات جنوبا، كانت تضم بين سكانها الباشاوات والنخبة الحاكمة وبعض المثقفين بالإضافة إلى الجالية الإنجليزية.

وأثناء زيارة آدمز "مدير شركة أراض الدلتا" للمعادي للتفتيش على ثمار الكروم المغروسة فى المنطقة، وجد أجود أنواع العنب، فإستقر فى المعادى بعد بناء بيت ريفى صغير بالقرب من محطة السكة الحالية "محطة مترو المعادي الآن"، فكان البيت الريفى النواة الأولى للمبانى الجميلة المقامة في المعادي، وهو ما شجع موظفو الشركة وأصدقاؤهم على بناء مساكن خاصة بالقرب من مسكن آدمز فظهرت منطقة سراي المعادي.


بداية الحى الراقى

يشتهر حى المعادى بالمباني الراقية والمطاعم والفنادق والمراكز التجارية الكبرى وإذا تجولت فى شوارعها تجد القصور في أنحاء متفرقة فيها، وعندما بحثنا عن أصل هذا المكان ومتى تم اكتشافه محاولة منا أن نرى الصورة بعيون الأبيض والأسود وجدنا أنها راقية "من يومها".

وشجع هذا أبناء الأسرة المالكة والأثرياء والأجانب إلى إنشاء القصور والفيلات الفخمة في ذات المنطقة، وهو ما استدعى ربط حلوان بالقاهرة بخط سكة حديدي لتسهيل الوصول إليها، وكان ذلك في عام 1880.


ملتقى الأديان

ومع تزايد هجرة القاهريين إلى المعادي أنشأت الأقلية اليهودية معبدا في عام 1934 بناه الثري مائير بيتون وأسماه مائير عينايم، وأسس بعدها الحي اليهودي في المعادي وأصبح الحي مركز جذب لليهود المصريين، حيث شيدت فيه الفيلات الفاخرة لأثرياء الطائفة أمثال عائلة شيكوريل ومزراحي إلى جوار منازل اليهود الاشكناز من عائلات التمان وولف وليفشيش وروتشيلد.

وبلغ عددهم في منتصف الأربعينيات ما يقرب من 20 ألف شخص شكلوا ثلث سكان الحي، بعدها أنشأ المسيحيون كنيسة كاثوليكية، كما شيد المسلمون أول مسجد في المعادي عام 1939 افتتحه الملك فاروق الأول ملك مصر في ذلك الوقت وأطلق عليه اسمه «مسجد الفاروق».


نصب تذكارية لسكانها

كانت المعادي على موعد مع الحرب العالمية الثانية إذ وصل إليها في عام 1940 ما يقرب من 76 ألف جندي من نيوزيلندا، استقروا في معسكر ضخم في منطقة يطلق عليها «وادي دجلة» جنوب المعادي، وتعايش الجنود مع أهل المعادي واختلطوا مع سكان الحي بل إن بعضهم قرر الاستقرار في مصر بعد نهاية الحرب، حتى بعد أن غادرت الفرقة إلى نيوزيلندا عام 1946 وقدموا قبل رحيلهم نصبا تذكاريا يشكرون فيه سكان الحي على كرم الضيافة طيلة المدة التي قضتها القوة هناك.

وعلى الرغم من مرور السنوات ورحيل الأجانب عن مصر، إلا أن حي المعادي ما زال مفضلاً من قبل الجاليات الأجنبية، إذ لا تزال أعداد كبيرة منهم تعيش فيه نظرا لطابعه الغربي، الذي يبدو جليا في مؤسسات التعليم الأجنبية المنتشرة فضلا عن النوادي الرياضية والمؤسسات الاجتماعية والدينية والأماكن الترفيهية والمطاعم التي تساهم في دفع مشاعر الغربة عن الأجنبي المقيم في مصر. كما فضلت دول كثيرة تشييد سفاراتها هناك إذ تحوي المعادي اليوم 26 سفارة أجنبية.


مصدر الطاقة الشمسية

وفى عام 1912 بنى فرانك شومان أول محطة للطاقة الحرارية الشمسية في العالم في ضواحي المعادي لضخ ماء نهر النيل إلى حقول القطن المجاورة وقام "آدامز" بالتخطيط لإنشاء المدينة كحي سكني ذي نسق واحد على الطراز البريطاني الاستعماري من خلال الشوارع المستقيمة وبناء الفيلات ذات الطابقين والحديقة الأمامية المليئة بأشجار الزينة النادرة.

لغز شوارعها

ومن محطة قطار المعادي، كانت تتفرع شوارع المنطقة بشكل مستقيم نحو الميادين الرئيسية في نواحي الحي المختلفة، وحمل الشارعان الرئيسيان اسمي ملوك مصر آنذاك، فؤاد الأول والأمير فاروق، بينما سميت الشوارع الأخرى بأسماء مؤسسيها من اليهود والبريطانيين.

وأهم شوارع المعادي: شارع 9 - شارع 10 - شارع 105 - شارع 104 - شارع مصر حلوان الزراعي - شارع 77 - شارع أحمد ذكي - شارع النادي الجديد - شارع النصر - شارع اللاسلكي - شارع 233 - شارع 200 - شارع دمشق - شارع فلسطين - شارع الجزائر، وأصبح شارع النصر أكثر شوارع المدينة الهادئة ازدحاما، حيث يحتوي علي ما يقرب من 150 محلا تجاريا.


وتضم المعادي 3 مناطق رئيسية: المعادي القديمة وزهراء المعادي والمعادي الجديدة، بالإضافة إلى عدد من المناطق الأخرى، وتعتبر "القديمة" هي أكثر المناطق رقيًا، وتتميز بسهولة الوصول إليها من عدة طرق رئيسية مثل: طريق النصر أو صلاح سالم أو الطريق الدائري.

كما يمكنك أيضًا الوصول إلى المعادي عن طريق وسائل المواصلات العامة مثل مترو الأنفاق، أو سيارات الأجرة (الميكروباصات) أو أتوبيسات النقل العام، كما يمر بالمعادي عدة خطوط لأتوبيسات شركات نقل خاصة.