محمد عبد الرحمن
طوال الأحداث لا نعرف على وجه الدقة أين تقع«القرية» التى ذهب إليها الطبيب على باعتبارها عقاباً من السلطة على نشاطه السياسي، فيما اعتبرها هو«استشفاءً» مما جرى له فى القاهرة
شهور معدودة هى عمر رحلة على بطل رواية «طبيب أرياف» للروائى محمد المنسى قنديل، فى البلدة النائية التى نفى إلى وحدتها الصحية عقابا على نشاطه السياسي، رغم ذلك فإن الأحداث التى قدمها المؤلف يمكن أن نستخرج منها عبر استخدام المنهج الثقافي، أو القراءة الثقافية كما يحبذ البعض، الكثير من صور تعكس حال المصريين خصوصا أهل الريف فى تلك الحقبة، نهاية عصر الرئيس الأسبق محمد أنور السادات الذى تعمد قنديل ألا يذكره لا هو ولا خلفه بشكل مباشر، من بين تلك الصور «النظرة إلى الآخر» كنسق ثقافى تعانى المجتمعات المحافظة من الإبقاء عليها - أى النظرة- وتعمل بجد على تعدد هذا الآخر ومعاداته مادام ثمة اختلاف ما بين فئة وأخرى، دون البحث عن طرق التقارب .
فى السطور التالية محاولة للوقوف على الصور التى ظهر من خلالها «الآخر» فى رواية محمد المنسى قنديل الصادرة فى خريف العام الماضى عن دار الشروق.
الآخر«الريفى» فى مقابل«الأنا» القادم من القاهرة
طوال الأحداث لا نعرف على وجه الدقة أين تقع «القرية» التى ذهب إليها الطبيب على باعتبارها عقاباً من السلطة على نشاطه السياسي، فيما اعتبرها هو «استشفاءً» مما جرى له فى القاهرة وتحديداً فى المعتقل. هذا التجهيل للمكان، والاكتفاء بأنها إحدى قرى الصعيد، جاء ليؤكد أن الريف أو المجتمع الزراعى شبه البدائى بالنسبة للمؤلف كتلة واحدة تعانى من نفس المشاكل والأوجاع، وغياب أبسط وسائل الحياة المتحضرة كوننا فى نهاية السبعينيات حيث إن معظم القرى لم يدخلها الكهرباء، عكس الدعاية السياسية فى المرحلة السابقة لتلك الفترة، والتى ربطت بين بناء السد العالى ووصول الكهرباء لكل مكان فى مصر. وكما أن المناطق الريفية سواء فى الدلتا أو الصعيد منعزلة عن مركزية القاهرة وتنتظر الدعم دوما، متمثلا هنا فى طبيب يأتى لإحياء الوحدة الصحية التى خوت على عروشها بعد هروب سلفه، لكن كل قرية تعتبر نفسها هى الأخرى معزولة حتى عن المدينة الكبيرة التى تتبعها إدارياً.
كل ما سبق جعل القرية محل الأحداث بمثابة «آخر» للطبيب الذى كان يشعر مسبقاً بعدم الانتماء لما هو ذاهب إليه، مقابل شعور الفلاحين بأنهم لا ينتمون إلا لهذا المكان، وهو ما تجلى فى المشهد الافتتاحي، حيث جار الطبيب فى الحافلة «حلاوتهم» يشرح له بالتفصيل الممل أسماء الزراعات والأشجار وكيف يعرف أنه وصل لمحطته الأخيرة، فيما الطبيب «القاهرى» لا يكترث، بل يصف محطة الوصول بـ«البلدة الكابوس»، ثم يصف أهلها لاحقا بأنها «كتلة متصلة من البؤس»، وعندما يدخل فى غرفته بالوحدة الصحية يجد نفسه يقارن بين ظلامها وسواد الليل فى المعتقل الذى عاش فيه لشهور وخرج منه دون أسباب منطقية، لكن بشرط أن يعقل ويستقيم وينسى كل شيء فى منفاه الإجبارى أى فى «البلدة الكابوس».
وعندما يبدأ أول حوار مع الممرضة التى أحبها لاحقا تسأله عن القاهرة وكأنها تسأل عن عالم سحرى غير موجود سوى فى الحكايات، وهى مؤمنة بشدة أنها ستعيش وتموت فى نفس المكان ولن تخرج منه أبداً، بل ليس لديها طموح لتحقيق ذلك، فذوات أهالى القرية تجتمع على أنهم«أنا» مقابل«الآخر» الذى قد يتمثل فى «المدينة» القريبة منهم أحيانا، أو فى العاصمة التى لا يعرفون عنها شيئا ويقابلون فقط مبعوثيها مثل الطبيب بطل الرواية. اللافت أنه لاحقا عندما بدأ الطبيب يتفاعل مع الأهالى وأنقذ حياة الكثيرين منهم، وعندما خابت رحلته القصيرة للقاهرة وعاد منها مقررا البقاء فى القرية وعدم التفكير فى استعادة حياته القديمة، رغم كل ذلك دخل فى صدامات وعاش مواقف جعلت الرواية تنتهى بأن أهل القرية وتحديدا الممرضة اعتبروه «غريبا» فى النهاية، أى ظل هو«آخر» بالنسبة لهم، كما اعتبرهم فى البداية، لذا لم يكن هناك مناص من أن يخرج من القرية مجدداً، ربما بحثاً عن «آخر» جديد.
الآخر«القبطى»
«فى هذه البلدة كلنا أقرباء، حتى الأقباط أقرباء لنا بدرجة أو بأخرى»، هذا ما قالته الممرضة «فرح» للطبيب «علي» عندما كانت تتكلم عن طبيعة العلاقات بين أهالى البلدة ولماذا يهتمون جميعاً بأمر بعضهم البعض، لكن إشارتها للأقباط ومدى قرابتهم لباقى أهل القرية تناقض ما حدث لاحقاً للخياط «أبانوب» بسبب حبه للأرملة «جليلة»،غير أن هذا التناقض رغم ذلك ربما يستقيم مع اعتبار ما يمكن وصفه بحدود يجب ألا يتجاوزها «الآخر»، بمعنى أنه لا مانع لدى أهل القرية من اعتبار الأقباط إخوة وأقارب وعشرة عمر حسب وصف الممرضة، حتى يتجاوز أحدهم الخط الأحمر ويرتبط عاطفياً بامرأة مسلمة أو العكس، هنا يدفع به على الفور إلى مساحة «الآخر» ويجوز عليه كل ما يحمله نسق الاختلاف الدينى وعدم التسامح، فأبانوب يدخل الأحداث باعتباره الخياط القبطى الذى يعيش وحيداً فلا أهل له، لدرجة أن العائلات القبطية ترفض أن تناسبه أى أنه حتى الأقباط يعتبرونه «آخر»، لمجرد أنه يختلف عنهم فى غياب الأب والأم بسبب الموت وكونه «مقطوع من شجرة» كما يقول التعبير الشعبي، يكسر أبانوب هذه الوحدة بالوقوع فى حب الأرملة جليلة، التى تعانى من جهة أخرى بسبب تربص أشقاء زوجها بميراثها، والحب بطبيعته فعل متطور لا يقف عندما عتبات المشاعر الأولى، تحمل جليلة دون تعمد وتذهب للطبيب كى تتخلص من الجنين، يرفض بطل الرواية، تخشى جليلة الاستعانة بأى سيدة تتخصص فى هذا الأمر، فقانون «البلدة الكابوس» يقول إن من يساعد سيكشف السر، يتدخل أبانوب ويكشف نفسه للطبيب طالباً منه مساعدتها، حيث تردت صحتها بعدما أجهضت نفسها بنفسها، وسط الأحداث وتأكيدا على أن حب أبانوب لجليلة حقيقي، وأن الزواج مستحيل حتى لو أسلم أبانوب، يوشى به البعض عندما يتسلل لمنزلها للاطمئنان عليها، تصبح الفرصة سانحة لأشقاء الزوج الراحل لفضح السيدة، فيما يجد أهل القرية أنفسهم يرتدون إلى «الأنا» المسلمة ضد«الآخر» المسيحي، يجرسون أبانوب بالطريقة القديمة، يركب الحمار بالعكس، ويحرقون محله، كان الخياط الوحيد فى القرية، حتى ينجح بعض العقلاء فى تخليصه بصعوبة قبل أن يموت من الضرب، ليختفى تماما ولا يعود أبدا، أما مصير«جليلة» فسنعرفه بعد سطور.
«النساء» هنّ الآخر
الرواية تشهد ظهور خمس سيدات، أربع منهن داخل القرية، وواحدة فى القاهرة، المساحة الأكبر بالطبع للممرضة «فرح» كونها ارتبطت عاطفياً بالطبيب، رغم زواجها من ابن عمها عيسى الذى لقى حتفه قرب نهاية الأحداث، تلتها فى المساحة»الجازية» كبيرة الغجر، ثم جليلة التى أحبت القبطى أبانوب، وزوجة العمدة رابع سيدات القرية داخل الرواية.
اللافت أن كل السيدات عانين بشكل أو بآخر من الرجال، وكأن النسق الثقافى الذى فرض نفسه على المنسى قنديل يأتى من إيمانه بأن النساء فى المجتمع المصرى سواء كان ريفياً أو حضرياً يعانين من تصرفات الرجال وأفكارهم حتى وإن لم تكن مباشرة، كما فى شخصية»فاتن» حبيبة الطبيب التى رفضت أن تعود له بعد خروجه من المعتقل، ورغم تأكيده بإغلاق ملف العمل السياسى للأبد، لكن بالنسبة لفاتن فإن اعتقال حبيبها السابق وحتى قبل الارتباط الرسمى جلب لها المشاكل، فرجال الأمن حاموا حولها لمعرفة المزيد عنه، أى أنه دون أن يقصد سبّب لها ألما داخليا وإحراجا أمام عائلتها، التى اتخذت القرار الكلاسيكى بسرعة تزويجها من رجل آخر، لضمان أن يصدق رجال الأمن أولا أنها ابتعدت عن الطبيب المعتقل، وأيضا لضمان قطع الطريق على الحبيب إذا رأى النور مرة أخرى.
بالعودة إلى القرية التى تشهد معظم الأحداث، سنجد زوجة العمدة الشابة التى تنفر من كبير القرية بسبب عنفه الجسدى معها وتحلم باستمالة الطبيب فى الوقت ذاته، تظهر فى مشهد تحاول إغواء الطبيب داخل منزل العمدة لكنها تعكس كيف تعيش فى بؤس قبل وبعد الزواج، فقد خرجت من بيت أسرتها الفقيرة فقط كى تجد غرفة مستقلة وحماماً آدمياً، لكنها دخلت فى سجن رجل لا يرضيها كامرأة، ويعوض نقصه بالضرب والتعذيب، قبل أن تهرب إلى مكان لا نعلمه فى نهاية الأحداث، حتى أن العمدة يشك أنها لدى الطبيب الذى تدفع دراما الرواية معظم الأحداث والخيوط للتشابك والتقاطع عنده.
معاناة«جليلة» أوردناها فى الفقرة السابقة، لكن نكمل هنا بأنها تعرضت للقتل بعد طرد أبانوب، ونفذ أشقاء زوجها الراحل مهمتهم، فقد استعادوا التركة من سيدة مات عائلها ولم يترك لها ولداً، بالتالى بما أنها سيدة وحيدة ولا تزال فى منتصف العمر فلا يحق لها أى شيء، الزواج يعنى أن رجلا آخر سيعيش فى خير المرحوم، والحب ممنوع خصوصا لو قلبها دق لرجل ليس من دينها، تتعقد الأحداث ويصبح مصيرها محتوما، لم تمت بسبب توابع الإجهاض وماتت مقتولة دون أن يتمكن المأمور أو الطبيب من إثبات التهمة على القاتل، حتى جنازتها سار فيها مجموعة من السيدات، وكأنها اعتراف من «الأنا» الذكورية بأن»الآخر» الأنثى لا يستحق حتى الوداع الزائف.
«الجازية» كبيرة الغجر، تحكى سيرة بنى هلال فى واحد من أجمل فصول الرواية وكأنها تحكى سيرة الإنسان العربى فى كل زمن، حيث لا شيء تغير فى الأفكار والسلوكيات، فى الثقافة التى تحكمنا بشكل عام، تتعرض «الجازية» رغم الحكمة البادية عليها للاعتداء الجنسى من رجال الأمن، فقط تأكيداً لاحتقارهم لسيدات الغجر، حتى الطبيب الذى تميل إليه وتعرض أن تمنحه نفسها عن طيب خاطر ينظر لها باستعلاء كرجل، وإن كان رق قلبه لها لاحقاً عندما تعرضت للاعتداء الذى كان يودى بحياتها. تظهر«الجازية» كسيدة تعرف جيداً أنها «آخر» بالنسبة لأهل القرية ورجل الشرطة، حتى أن المأمور عندما يأتى بها إلى الوحدة الصحية من أجل علاجها من آثار الاعتداء يفعل ذلك باعتباره حدثاً هامشياً، مهمته الأساسية كانت الاتفاق مع الطبيب على تحويل الوحدة للجنة انتخابية من أجل استفتاء الرئاسة أكتوبر 1981، فيما يرد على الطبيب عندما يسأله ماذا يفعل مع الجازية عندما تستعيد صحتها، بـ «اعتبرها هدية منى» أى أنه حول الإنسانة إلى مجرد«شىء مادى»، وإذا ماتت يمكن أن يدفنها فى أى مكان، وإذا عاشت يأتى أهلها لأخذها من أنفسهم دون أن يستدعيهم أحد، الجازية هنا ليست «آخر» بسبب كونها سيدة فقط، وإنما سيدة وغجرية.
بقى من نساء الرواية، صاحبة المساحة الأكبر، الممرضة التى أثرت فى حياة الطبيب، روت عطشه، ملأت لياليه، وهزمت وحدته، لكن «فرح» التى لم تبد عليها السعادة كثيرا فى الرواية، بل الاستسلام لمصير محتوم كباقى بنات قريتها، تبادلت الأدوار بين «الأنا» و«الآخر» أكثر من مرة، فعندما مالت للطبيب رغم أنها متزوجة من ابن عمها، كانا معاً»الأنا» ضد الزوج العاطل المريض، الذى لا أمل فى أن يمنح «فرح» طفلاً تكمل به حياتها، وتواجه معه سنوات الملل التى تعيشها كل سيدة فى القرية حتى تصل إلى قبرها، كما قالت للدكتور علي، لكن بمجرد أن تسرب الشك إلى زوجها تعاملت مع الطبيب بمبدأ «أنا وابن عمى على الغريب»، رغم أنها قبل ذلك بأيام سلمته جسدها عن طيب خاطر، فيما الزوج لم يجد مفرًا من المخاطرة والسفر عبر الصحراء إلى ليبيا مستعيرا أجر الدليل من الطبيب ذاته، اعترافًا بأن القرية كلها ليس فيها من يقرضه، إنها مرة أخرى ثنائية»الأنا والآخر»، لكن «الآخر» هنا يضطر للتعامل مع الغريب لأنه الوحيد الذى يملك ما ينقصه، فى الظروف العادية ربما لم يكن ليقترب عيسى من الطبيب بل سيغار منه، لكن ضعفه ويأسه ومرضه جعل الاقتراب ضرورة أودت بحياته لاحقاً، حيث مات المهاجرون بعدما ضلوا الطريق، وذهب الطبيب مع المأمور فى محاولة إنقاذ يائسة، لتأتى المفارقة الأخيرة من فرح، فرغم أن حلم الطبيب والممرضة المستحيل كان الزواج حتى يربيّا الجنين الذى أنبته على فى رحم فرح، ورغم أن وفاة عيسى غير المتوقعة أنهت الحيرة، لكن «فرح» ارتدَّت إلى «الذات الجماعية»، النسوية والريفية فى آن واحد، فمن جهة اعتبرت نفسها نزوة فى حياة الطبيب الذى بالتأكيد سيحب ممرضة أخرى لاحقاً كما تشك كل النساء، وعلى خط مواز اعتبرته مسئولاً عن وفاة «ابن عمها»، لأنه أقرضه الأموال التى دفعت به إلى الرحلة المشؤومة، فقررت الابتعاد عنه ورمته بالطين أمام الجميع!
ممثل السلطة فى مواجهة «الآخر»
ظهر ممثل السلطة ثلاث مرات فى أحداث الرواية، بداية بمسئول الأمن السياسى الذى منح الطبيب ختم العودة لعمله من جديد، بشرط أن يلتزم بالهدوء ويبتعد عن المشاغبة، والذى أخبره بأن النقل إلى وحدة صحية فى قرية نائية بمثابة عقاب أفضل كثيرا من الاعتقال، وأنه سيظل تحت المراقبة للاطمئنان على عدم عودته للسياسة مرة أخرى، وفى المرة الثانية كان رجل الأمن الذى التقى الطبيب فى زيارته للمعتقل الذى تحوّل إلى متحف، ليدور بينهما حوار يؤكد أن الفكر لم يتغير حتى لو تغير السجن من الخارج وأصبح متحفًا، نظرة رجل الشرطة للمشاغب السياسى تظل ممتدة، ولا يدفعه للمراجعة كون المعتقل قد خرج وربما تغيرت أفكاره، بل إن زيارة من كانوا بالمعتقل للسجن (المتحف)، تثير حنق رجل الشرطة أكثر، وهو أمر متوقع كون»الأنا» السلطوية هنا تجد نفسها فى مشكلة، فـ «الآخر» الذى كان تحت إمرتها يتجول بحرية فى مكان ظل لعقود مكانا للتأديب والتهذيب.
يتعامل ممثل السلطة إذن فى كل ظهور له برواية المنسى قنديل باعتباره صاحب اليد العليا على «الآخر»، مادام هذا الآخر مخالفاً للقانون، أو أنه مفتقد لحق المشاركة، وهو ما حدث مع ظهور ممثل السلطة الثالث، مأمور المركز الذى تتبعه القرية، ففى كل مرة يدخل فيها إلى الأحداث يؤكد نفس الفكرة، يتعامل مع الطبيب باعتباره موظفاً حكومياً يجب أن ينفذ الأوامر لأنها الأوامر وحسب، ويورطه فى تزوير الانتخابات دون أن يتوقف ويسأل نفسه: لماذا لم يذهب الناس للتصويت؟ لم يهتم بمعرفة كيف يفكر«الآخ» تجاه الحدث السياسى الكبير، فالأسهل تزوير إرادتهم، بل إن حتى طريقة التزوير التى اتبعها الطبيب ورغم كونها تتحلى بالمنطق، وجدت منه تعنتاً شديداً وتحدياً سافراً ليس للطبيب فقط وإنما حتى للقاضى مسئول اللجنة، صوَّت الطبيب بـ «لا» على بعض الأوراق، نسبة ضئيلة للغاية، ورفضت «الأنا السلطوية» ذلك، وقررت أن كل الأصوات ستكون «نعم» أيا كانت الملابسات.
خلال ذلك تابعنا كيف تُعامِل الشرطة«الغجر» وكأنهم ليسوا بشراً، وعندما احتاج للمساعدة بحثاً عن المهاجرين غير الشرعيين لم يخجل فى طلبها ممن يحتقرهم لأن الغجر أدرى بدروب الصحراء، ثم كيف يتعامل بيأس أمام مقتل جليلة لعدم قدرته على كشف الجاني، وكأن «الأنا السلطوية» لا تظهر إلا وخطوط اللعبة كلها بين يديه، عدا ذلك يتم التعامل مع جريمة قتل بتدليس مشترك بين الشرطة والقاتل، لا دليل، لا اعتراف، ومطلوب دفن «الجثة»، إذن الكل يتواطأ من أجل أن يتحمل الجريمة لص مجهول، سرق المنزل وقتل صاحبته، التى تمثل «الآخر» المغلوب على أمره فى هذه الرواية التى أبدع فيها بحق محمد المنسى قنديل.