قريبا من السياسة

الدور الغائب!

محمد الشماع
محمد الشماع

بعد دور الدولة تأتى مبادرات رجال الأعمال.. وهؤلاء عليهم أن يعوا دورهم الاقتصادى فى خدمة منشآتهم وخدمة الاقتصاد الوطنى، وألا ينتظروا من الدولة دائما أن تأخذ بأيديهم إلى المناطق الجديدة والاسواق الواعدة، بل عليهم أن يتحملوا بأنفسهم أعلى نسبة من المخاطرة والإلحاح على هذه الأسواق وألا ينتظروا منها الفائدة الكاملة فى البدايات.
وأولى هذه الخطوات يجب أن تكون عبر تفعيل المجالس الصناعية النوعية ودورها فى دراسة الأسواق ليس بروح المنافسة الضارة، بحيث يتحرك صناع كل منتج ويتضامنون لتوسيع قدراتهم التنافسية كمنتجين مصريين فى مواجهة المنافسين الآخرين. وعليهم أن يتعلموا من التجربة الصينية بتوسيع مجال الدراسة والفهم للأسواق الأخرى، لإعطاء كل سوق ما تحتاجه، ولنأخذ صناعة النسيج مثالا وكيف استطاعت الصين أن تقدم لكل شعب أزياءه التقليدية وألوانه، فما يمكن أن يباع فى الخليج ليس هو نفسه الذى يمكن تسويقه فى افريقيا السمراء، وهذا يختلف عن بلاد المغرب العربى أو أمريكا اللاتينية أو أوروبا.
وإلى جوار هذا تأتى الجودة والسعر التنافسى الذى يجب أن يصمد فى مواجهة المنافسة الصينية والأسيوية الشرسة، علما بأن مصر قد تكون الثانية بعد الصين فى رخص الأيدى العاملة والمواد الخام، ومع ذلك فإننا لانزال بعيدين عن مجال المنافسة فى السعر، وهذا فى حد ذاته يجب أن يكون محل تساؤل من الحكومة ومن رجال الأعمال حول المعوقات الأساسية التى تحل دون الوصول بالمنتج المصرى إلى السعر التنافسى مع البضائع الصينية.
هل السبب فى البيروقراطية، والفساد والمعوقات التى يضعها الموظفون بما يرفع تكلفة المنتج المصرى، أم هو جشع المستثمر الخاص، الذى ينظر تحت قدميه ويسعى إلى زيادة نسبة الربح وتقليل انتشار المنتج المصرى!
المنافسة فى الأسواق العالمية شرسة وأصبحت بالنسبة لنا مسألة حياة أو موت، ويجب أن يعمل الجميع فى منظومة واحدة، ويجب ايضا أن يكون هناك اتفاق على الأولويات والصناعة التى يمكن أن نتمتع فيها بقوة تنافسية أكبر من غيرها، وذلك بدراسة امكانياتنا والتركيز على الصناعات التى نجحنا فيها أكثر من غيرنا، والتى تتمتع بتاريخ طويل كصناعات النسيج والدواء والكيماويات ومواد البناء، لأن الواقع ومعرفة قدر امكانياتنا هى الخطوة الأولى للنجاح مستفيدين فى ذلك بالعلاقات السياسية الجيدة مع الدول والتجمعات لتصبح علاقاتنا الاقتصادية على نفس مستوى علاقاتنا السياسية بدلا من أن تكون متأخرة عنها بأميال وأميال.