13 كتابًا ومئات المقالات تكتب الحياة لـ«عندليب الصحافة»

طارق الشناوى يتسلم جائزة الصحافة من رئيس الوزراء
طارق الشناوى يتسلم جائزة الصحافة من رئيس الوزراء

لا يمكن أن تفوتنى ذكرى ميلاد أو رحيل القلم الساحر الرشيق السلس الممتع الذى أطلق عليه الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس لقب «عندليب الصحافة» ، عن الكاتب محمود عوض الذى فارقنا فى 28 أغسطس 2009 اتحدث، 12 عاما غابها عنا قلم «عندليب الصحافة»، غاب بالجسد لكنه يحيا بما تركه من مؤلفات فى الفن والفكر والسياسة، ومئات المقالات التى كتبها فى «أخبار اليوم» والصحف الحزبية والمستقلة والصحف العربية ومن أهمها جريدة «الحياة» اللندنية، عندليب الصحافة يعيش بيننا ولأجيال قادمة بـ 13 مؤلفا هى» أفكار ضد الرصاص - متمردون لوجه الله - بالعربى الجريح - اليوم السابع: الحرب المستحيلة.

 

حرب الاستنزاف - وعليكم السلام - من وجع القلب - أم كلثوم التى لا يعرفها أحد - محمد عبد الوهاب الذى لا يعرفه أحد - شخصيات - ممنوع من التداول - سياحة غرامية - سرى جدا - مصرى بمليون دولار- الدنيا التى كانت» ، ومسلسل «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» الذى كتبه لعبد الحليم حافظ ، ولمتانة العلاقة التى ربطت بين عندليب الغناء وعندليب الصحافة عرف محمود عوض بكاتم أسرار عبد الحليم حافظ ، وعرف أيضا بأنه اختار لنفسه ان يحب مصر ويعشق ترابها ويدافع عنها وتصبح مقالاته شوكة فى حلق العدو الصهيونى، محمود عوض لم يكن يسبح إلا مع الوطنية المصرية ودفع ثمن ذلك بمنعه من الكتابة فى عهد الرئيس السادات!

 


أهم شيء باق وسيبقى من محمود عوض ونلمس وجوده فى الواقع كل عام هو الفكرة التى أسس بها مسابقة «جوائز الصحافة المصرية» التى أطلقت المشاعر الجياشة داخل المجتمع الصحفى بأهمية التفوق فى الأداء المهنى الصحفى لمصلحة القارئ أولا، والحقيقة أن لدى الصحفيين ما يستحق المنافسة من أجله، وقد أصر عندليب الصحافة عند تنفيذ المسابقة ان تكون مسابقة حرة تمول من تبرعات كبار الكتاب لكى لا تكون خاضعة فى احكامها لهوى جهة ما أو مؤسسة صحفية ما ، أو حتى مؤسسة حكومية ما ، وهذا ما جعل محمود عوض يعتذر لرئيس الوزراء كمال حسن على الذى أراد ان يمول المسابقة الثانية بنصف مليون جنيه تدفعها الحكومة، ويومها قال له محمود عوض: «يا سعادة رئيس الوزراء .

 

لعلك تتذكر أننى فى كلمتى التى ألقيتها فى الاحتفال قلت تحديدا إن هذه المسابقة «سوف تستمر مهنية تماما، ومستقلة حتى عن نقابة الصحفيين ذاتها وعن أى مؤسسة منفردة لأن هذا يضيف إلى مصداقيتها وقوتها، وأنا حرصت على توضيح ذلك من البداية أمام كل الصحفيين الحاضرين، وفى وجودك مع رئيس مجلس الشعب والوزراء ورؤساء الصحف القومية والحزبية، وفى كل التغطيات الإعلامية وما نقلته وكالات الأنباء عن الاحتفال فى الأيام الماضية كان أهم ما ركز عليه الجميع هو استقلالية المسابقة فى تمويلها وتنظيمها وتحكيمها، وقد تدافعت الأفكار فى عقلى وكلماتى حتى أوضح أننى من البداية ليس لى أى سلطة على المساهمين من كبار الصحفيين تتجاوز مصداقيتى بينهم .

 

كل واحد من هؤلاء، وبخبرته بالمهنة وبالعاملين فيها لأكثر من ثلاثين وأربعين سنة يستطيع من منزله أن يشم رائحة النزاهة أو عدمها من أبعد مسافة ممكنة، بغير التأكد مسبقا من النزاهة والمصداقية لن يساهم ولن يغادر منزله ليحضر الاحتفال على نحو ما جرى، حتى من طرأ عليه سفر أو ظرف صحى، كمحمود السعدنى وكامل زهيرى ويوسف إدريس مثلا، حرصوا على نقل تهانيهم للفائزين بصورة أو بأخرى، وبكل اهتمام ومحبة ورعاية، ثم إن دخول الحكومة، أو حتى المؤسسات الصحفية، سيكون عامل ضغط على القائمين بالتحكيم والتقييم بما يخصم من استقلالية الجوائز.

 

وأحد المعانى الجميلة التى سجلها المعلقون على الجوائز هو أنهم شهدوا لأول مرة رئيس حكومة يشارك فى تسليم جوائز لمن انتقدوا حكومتهم « ، قال رئيس الوزراء : «على أى حال لو غيرت رأيك اتصل بى، وسأظل عند وعدى طالما بقيت رئيسا للحكومة.. أنت فى هذه المقابلة وفرت لى مادة لحكاية ربما سأضعها فى مذكراتى، حكاية حكومة تعرض نصف مليون جنيه وصحفيين يعتذرون عن عدم قبولها، تفتكرحد ح يصدق؟، قلت له : «أنا سأصدق، زملائى ومن سأحكى لهم سيصدقون، على الأقل هذه أول مرة يتذكر فيها رئيس حكومة الصحفيين بالخير»..

 

ويقول محمود عوض: «بعد الاحتفال الأول للجوائز ، اتصل بى إحسان عبد القدوس مداعبا بقوله: «يا محمود.. لو مش عايز تزورنى وتشرب قهوة.. على الأقل تعال لتستلم شيك «بألف جنيه» للمسابقة الثانية ، وكرر من ساهموا فى المسابقة الأولى مساهمتهم، وبنفس المبالغ فى المسابقة الثانية، وصلاح منتصر قدم مساهمته المالية فى اليوم التالى لتسلمه نصيبه السنوى من الأرباح فى «الأهرام»، خالد محيى الدين رئيس حزب التجمع أراد المساهمة فقلت له إننا لا نقبل المساهمة من غير الصحفيين ، فذكرنى - ومعه الحق - بأنه عضو قديم فى نقابة الصحفيين، وحرص عدد من الفائزين بالجوائز فى المسابقة الأولى بأن يساهموا ماليا فى المسابقة الثانية..

 

كعبدالقادر شهيب وإحسان بكر، كل هذا، وغيره ، مما سمح لنا أن نرفع قيمة الجوائز فى المسابقة الثانية من 18 ألفا إلى 25 ألف جنيه بقيمة الجنيه فى سنة 1986، ويضيف محمود عوض : «وقد اعتذرت لرؤساء تحرير صحف عربية اتصلوا بى من الكويت والإمارات ويعرضون مساهمة صحفهم بمبالغ كبيرة، وكنت أرد بأننا متفقون على تأجيل ذلك للمستقبل بعد أن تكتسب الجوائز ملامحها الدائمة».

 

من هنا يبقى من محمود عوض مسابقة جوائز الصحافة الممتدة سنويا حتى الآن ، ويجب أن تتضمن هذه المسابقة جائزة تحمل اسم عندليب الصحافة محمود عوض تكريما له. 


من مقالات «محمود عوض»