حجر الزاوية

نسرين موافي
نسرين موافي

أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله.

منهاج جميل بين الحاكم و الشعب فقط أعينوني و قوموني 
منهاج بسيط و صعب التنفيذ ، السهل الممتنع . 
خاصة مع كل هذه النفوس و هذه الامراض النفسية ، فنادراً ما تجد من يطبقه بإخلاص نيه لله لرفعه شأن الجميع . 

تابعت مصر كلها قرار رفع سعر الخبز المدعم، تباينت ردود الأفعال كالعادة فليس بجديد علي الشعب حتي التندر علي همومه .
و بغض النظر عن رأيي شخصي الذي لا أعتد به شخصياً ، لأني ببساطة لا أمتلك الصورة الكاملة و لا حتي المعلومات ، و لا أدعي اقترابي حتي من دائرة صنع القرار، إلا أن مشهد المغالاة في التأييد أو المعارضة مشهد غاية في الاستفزاز بل و في بعض الأحيان الإرهاب .

فإما أن تكون معارضاً سليط اللسان لتُحسب مع الراعيين لحقوق الطبقات الأقل حظاً أو تكون ضدهم و تريد القضاء عليهم .
و إما أن تكون مؤيداً يجد في أي قرار الصواب المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أبدا ، أو تكون خائن غير وطني لا تشعر بالانجازات .

مشهد مغلوط ينبأ بأخطاء و كوارث الجمهورية القديمة، و كأننا نستنسخها لا نصحح مسارها بجمهورية جديدة في كل شيء .
مشهد يلجم أصوات كثيرة عاقلة حتي لا تُحسب علي معسكرين لا تنتمي لأي منهما فعليا .
أصوات واعية  تعرف أن خطوات الإصلاح صعبة و مُرهقة اجتماعياً في المقام الأول ، تؤيد تأييداً عاقلا فتناقش الآليات و تطرح البدائل إن وجدت ، لتصل لأقل الخطوات ضغطاً علي المجتمع و لا تقف في وجه اصلاح تعرف أنه ضرورة اساسية للاستمرار و التقدم .

إلا ان موجات الهجوم تُلجم هذه الأصوات من الاتجاهين، فلا هي فعلا ضد القرار ابداً بل علي العكس هي تؤيده تماماً، و لا هي مع تفعيله دون ضوابط و مراعاة اجتماعية .
فالجميع بما فينا متخذ القرار يعلم أن رغيف الخبز هو ( العيش ) في مصر هو حجر الزاوية لفئة عريضة 
و ايضا الإصلاح هو حجر الزاوية للجمهورية الجديدة 
لذا فهو قرار مطلوب و لكنه صعب لذا وجب علي متخذه مراعاة أكثر لهذا الجانب في آليات تنفيذه .

هذه الجمهورية الجديدة التي تشهد انجازات عظيمة متحديه الوقت و الإمكانيات و البشر لازالت تحتفظ ببعض السلبيات التي تقلل من احساس مواطنيها بحجم العمل المنجز .
و أصعب و أخطر هذه السلبيات التي تُشعر المواطن بغياب الرقابه عن السوق و الشارع المصري 
 بالرغم من كم المحاضر و المخالفات المهول الا ان هذا الأحساس مسيطر على فئة كبيرة من المواطنين.

توجد قوانين لكن قطاع كبير من المواطنين يشعرون انها مازالت لا تحميه من جشع تاجر لا يشبع ابدا و يستغل كل قرار لصالحه و لصالح انماء ثروته بغض النظر عن تأثير القرار عليه من عدمه التحدي كبير و كذلك الأسواق.
و شارع يبتلع اي احساس بالسعادة علي ما تم و يتم من تطوير ، تُنفق المليارات من أموال دافعي الضرائب علي تطوير شوارع و تعمير و يبتلع النهج العشوائي للبشر هذا الانجاز لنعود للحسرة علي الجهد و المال و الحل في منتهي السهولة ضبط الشارع..

الثواب والعقاب و الانضباط اساس لأي تقدم و تحضر و لأي حرية فحريتك تقف عند حرية الاخرين، لذا فليس من حق أحد توزيع صكوك الوطنيه أو الخيانة فقط لأن الرأي مخالف .
و مظاهر الفوضي في الشارع و الأسواق لن تلد سوق قوي حُر أو شارع ملتزم فالفوضي ليست حرية .
و كما القرارات مهمة بالرغم من صعوبتها يحتاج المواطن الملتزم الحريص الذي تحمل و يتحمل الكثير من أجل بلاده الي الإحساس انها تلتزم بحمايته و رفع مستوي خدماته لأنه يستحق .