خاطر عبادة يكتب: السلام

خاطر عبادة
خاطر عبادة

كم هو جميل إسم السلام.. وكم هو متعب احساس الكراهية ومرعب إسم الشر.. والسلام هو إسم من أسماء الله الحسنى، يحمل معنى الجمال والكمال، القدوس المنزّه عن كل عيب ونقصان، مستودع الرحمة والحب والإحسان.. ليس كمثله شيء، ذو الجلال والعظمة والبهاء والكمال.

وكلمة السلام وردت كثيرا فى القرآن الكريم؛ وهى تحية الله تعالى لعباده الأصفياء والمرسلين ولأهل الجنة.. وتحية المسلمين لكل الناس عامة..

يا سلام.. تعبير جميل يخرج من أعماقنا تلقائيا ونردده بشكل لا شعورى حين نلمس مواطن الجمال ونشعر بالراحة والسلام؛ مثل أن نقول "الله" تعبيرا عن الجمال.

السلام كلمة مرادفها المحبة والحياة والصفاء والأمن والاطمئنان والرخاء والاستقرار وراحة البال من كل منغصات وسلامة الصدور من أى ضغينة وكراهية وأن تمر الحياة مرور الكرام خالية من أى أزمات واضطرابات؛ وهذا لا يوجد بشكل كامل ودائم فى الدنيا لأنها دار امتحان؛ لذا سميت الجنة بدار السلام، فأصحاب الجنة سالمون من كل سوء وغانمون لكل لخير..

لكن حالة السلم والاكتفاء فى الدنيا قد تتحقق بأقل القليل كما أخبرنا الرسول الكريم "من أصبح منكم آمنا فى سربه معافا فى بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".. أى كأنه ملك الدنيا لأنه يمتلك نعمة الأمن بدلا من الخوف، والعافية بدلا من المرض، والغذاء والاكتفاء بدلا من التذلل للناس.. ونعمة راحة البال؛ فالإنسان يجب ألا ينسى شكر الله فى كل صباح على نعمه التى لا تحصى.. ولا ينشغل بما عند الناس.. السلام هو العافية من كل هم وبلاء

والسلام نعمة عظيمة لا يشعر بقيمتها إلا من يفتقد وجودها ويتعلم الدرس؛ وعكسها الكراهية والشر وهو مناخ سام وكآبة لو أحاط بك شخص حاقد فى مكان.. كما أن غياب المحبة ينزع البركة من كل شيء..  والناس دائما ما تربط بين سلامة النية وصفاء الحياة بين الناس، كما يرتبط مناخ السلام بحالة الاستقرار والعدالة والرضا العام ويتأثر فى زمن الفوضى وغياب النظام..

والرسول الكريم يدعونا إلى إفشاء السلام كوسيلة لزيادة المحبة، كما يحثنا على ألا يزيد الخصام فوق 3 أيام، حتى لا تتفشى الكراهية بين الناس ولسد مداخل الشيطان، والإنسان الذى يبادر بالسلام سيألفه الناس ويصرف عن نفسه الظنون السيئة.

الحياة لن تخلو من الخير والشر والأبيض والأسود، لكن سلامة الصدور ترتفع وتزيد فى المجتمعات الراقية المتحضرة وفى حالة الاستقرار والنظام والعدل والرحمة.. ونشر ثقافة السلام يتطلب منّا أيضا إعلاء القيم الدينية والإنسانية وتعزيز ثقافة التعايش القائم على احترام وقبول الأخر.

كلما اقتربت من الله السلام سيملأ حياتك السلام والسعادة الحقيقية والراحة؛ حينما يتصل الإنسان بمعنى الجمال الأزلى ويتناغم وينسجم مع لحن وفطرة الوجود؛ سيشعر حتما بالراحة والاطمئنان.. "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" .. وتهدأ وتستقر الحياة وتسكن ثم تزول المشكلات.. لكن كلما ابتعدنا تزيد المنغصات؛ تتحول الحياة إلى إرهاق وبلاء.

والقلوب العامرة بالإيمان والسلام والحب ينعكس ذلك على نظرة أصحابها للحياة والكون والناس؛ التغيير ينبع من الداخل.. لكن إذا افتقد العالم الحب والإيمان، فلا أمان ولا سلام، عندما تطغى المادة يفتقد الإحساس بالجمال وتتراجع الرحمة وتنزع البركات.. وتسود القسوة والظلم وعدم المساواة، وأى خلاف قد يتحول إلى عنف وشجار.