كنوز | إلى تونس الخضراء على بساط فريد الأطرش

فريد الأطرش وسامية جمال فى مشهد من  « آخر كدبة »  الذى قدم فيه أوبريت  « بساط الريح »
فريد الأطرش وسامية جمال فى مشهد من « آخر كدبة » الذى قدم فيه أوبريت « بساط الريح »

فى عام 1949 انطلق أوبريت « بساط الريح « لشاعر الشعب بيرم التونسى من خلال فيلم «آخر كدبة» الذى كتبه أبو السعود الإبيارى وقدمه فريد الأطرش مع سامية جمال وإسماعيل ياسين وعبد السلام النابلسى وكاميليا وكان من إخراج أحمد بدرخان ، وكتب أوبريت «بساط الريح» شاعر الشعب بيرم التونسى الذى صاغ ملحمة غنائية قومية بسيطة وسهلة تقوم بتعريف سكان العالم العربى ببعضهم البعض ، وصاغه غنائيا وموسيقيا فريد الأطرش بإيقاعات تنتمى لكل دولة يصلها على بساط الريح فى جولته السينمائية التى قام بها ، وقد لاقى الأوبريت رواجا وقبولا لا مثيل له عند الشعب العربى من المحيط الى الخليج ، وكان لتونس الخضراء نصيب فى هذا الأوبريت الغنائى الاستعراضى العروبى الراقى ، ومن الجدير بالذكر أن تونس تحررت من الاحتلال والاستعمار بعد 7 سنوات من انطلاق هذا الأوبريت الذى حمس الشباب التونسى وزاد من مقاومتهم للإستعمار ، وبالعودة لكلمات بيرم التى تخص تونس فى الأوبريت نتلمس كيف كانت محفزا لشحن الشعب ضد المستعمر والتى يقول فيها : « تونس أيا خضرة يا حارقة الأكباد .. غزلانك البيضة تصعب على الصياد .. غزلان فى المرسى ولا فى حلق الواد .. على الشطوط تعوم ما تخاف صيد المى » ، ويسبق هذه الشطرة من الأغنية مقدمة تحوى تمهيدا لهذا المقطع يربط فيه بيرم التونسى بين الحياة وجمال تونس وخيراتها  عندما يقول : « بساط الريح يابو الجناحين.. مراكش فين وتونس فين.. أنا لى حبيب هناك اثنين وبعدهم عنى اليوم شهرين.. بلاد الحوت والغلة والزيتون.. فيها الشفايف قوت وللشراب عيون.. ياللى علينا تفوت انزل... وكون حنون ...أشبع طعام وشراب.. ولا تزيد ياخى » ، ويربط بيرم وفريد الأطرش فى ختام الأوبريت بين مصر وكل البلاد العربية التى زارها على بساط الريح عندما يقول : « بساط الريح قوام ياجميل.. أنا مشتاق لوادى النيل.. أنا لفيت كتير ولقيت البعد على يامصر طويل .. اللى يفوت ارضنا يروح ويرجع لنا.. مافيش كده حسننا ولا فيش كده ظرفنا


ياحلو يا طبعنا... ياخفة يادمنا .. بساط الريح» . 


تتجلى بساطة وعبقرية بيرم التونسى فى ذخيرة معلوماته الشعرية التى يقدم بها التحية لكل دولة عربية يمر بها «بساط الريح» فى رحلته الغنائية الاستعراضية التى ابدع فريد الأطرش فى تصويرها باللحن والأداء ، فنراه يبدأ الاوبريت متحدثا عن «بساط الريح»  قائلا :


« بساط الريح جميل ومريح.. وكلو امان ولا البولمان.. بساط الريح .. يا طاير فوق وكلّك ذوق.. أنا مشتاق وبرانى الشوق » .


ثم يعرج « بساط الريح » على بلاد الشام واصفا عشقه لجمال سوريا ولبنان قائلا :


« ودواى فى سوريا وفى لبنان.. نسيم لبنان شفا الأرواح.. عليل القلب عليه يرتاح.. ويا مشتاق لبرِّ الشام.. تروح سكران بلا أقداح بلا أقداح.. سوريا ولبنان قامات وقدود.. عليها بشوف عيون وخدود.. تزوّد نار القلب ببارود.. أنا أعشق سوريا ولبنان.. سوريا ولبنان » .


ومن سوريا ولبنان ينتقل « بساط الريح « إلى العراق التى وصفها ببلاد الخيروالامجاد فيقول :


« نروح يا بساط على بغداد .. بلاد خيرات بلاد أمجاد .. نحن هنا بالسيف نحمى ارضنا.. وفى نهار الحيف نحمى عرضنا.. أما الكرم للضيف مخلوق فرضنا والعز فى الاثنين : السيف والكرم.. آه يا زلم آه يا زلم.. يا دجلة أنا عطشان ما أقدر أرتوى من حسنك الفتّان هذا الكسروي.. فى كل رمشة عين خنجر ملتوي.. لو صاب منى القلب يعدمنى عدم .. آه يا زلم أه يا زلم «


رحلة « بساط الريح « تجسد الحلم القومى الساكن فى نفوس الشعب العربى .


كنوز