بينى وبينك

قوة الكلمات

زينب عفيفى
زينب عفيفى

حكاية طريفة، قد لا يصدقها أحد، لكنها حدثت بالفعل.
 من حوالى عشرين عاما، كان خوسيه ألبرتو، يعمل سائقا لشاحنة جمع النفايات بمدينة بوغوتا عاصمة كولومبيا، وفى ساعات الفجر الباردة أثناء أداء عمله، عثر على رواية آنا كارينينا لعملاق الادب الروسى ليو تولستوى ملقاة وسط النفايات، منذ تلك الساعة أخذ يبحث عن الكتب والروايات الملقاة فى صناديق القمامة وهكذا بدأ بجمع الكتب من روايات وقصص وشعر وكتب تعليمية، وتخزينها فى منزله، ليتحول بيته إلى مكتبة عامة مجانية أطلق عليها «قوة الكلمات». تغيّرت حياة ألبرتو مع مرور السنوات، وأصبح بيته مليئا بالكتب من الإلياذة و«الأمير الصغير» إلى «عالم صوفى»، بالإضافة لأعمال ماركيز. ثم بدأ جيرانه يزورونه لاستعارة كتب، و«كان الحى يفتقر إلى الكتب» حينذاك.
يقول خوسيه نقلا عن وكالات الانباء الفرنسية: «ربما هى المكتبة الأولى فى العالم التى تقدم الكتب مجانا لمن يأتون لاستعارتها». قبل نجاح المكتبة، كانت زوجة خوسيه تعمل فى الخياطة، ثم تركت عملها وأصبحت تهتم بترميم الكتب ذات الحالة السيئة. 
تناقلت شهرة «مكتبة قوة الكلمات» فى كل أرجاء القارة الأمريكية، وصار خوسيه يتلقى دعوات لمعارض الكتب مثل معرض سانتياغو فى تشيلى، ومعرض مونتيرى فى المكسيك. مما جعله يتلقى مئات التبرعات، فلم يعد المصدر الأساسى للكتب هو النفايات. طافت عائلة خوسيه أرجاء كولومبيا لتوزيع الكتب فى المناطق المهمشة والنائية، وتلبية لدعوات من مدرّسين فى مدارس حكومية. وصلت كتب خوسيه إلى 235 موقعا فى البلاد. يعترف خوسيه بأن شغفه بالكتب يعود إلى والدته التى كانت تقرأ كل مساء لأطفالها. هى من أعطته النور، فهو لم يتمكن من متابعة تعليمه حين كان صغيرا، لكنه منذ أن انطلق فى مشروع المكتبة قرر أن يواصل دراسته ويقول خوسيه: «لقد غيرتنى الكتب» ولم لا فهى رمز للسلام والأمل.