كانت عقارب الساعة تقارب تمام العاشرة صباحاً، عندما كنا نزاحم أنا وصديقى داخل إحدى المواقف الرئيسية التى قصدناها لاستقلال سيارة الأجرة المتجهة إلى بنى سويف، فى مواصلة البحث عن مراكز تحفيظ القرآن التى لا نكل فى البحث عنها داخل محافظات الجمهورية، 117 كيلومتراً قطعناها فى حر النهار القائظ حتى وصلنا إلى مدينة بنى سويف شمال الصعيد ومنها إلى جمعية اسنابل الخيرب التى تحتل مكانة متميزة بقلب المدينة، كانت زيارتنا هى الأولى لهذا المكان الذى أقل ما يمكن وصفه به أنه منارة علمية لتعليم كتاب الله.
أكثر ما أدهشنا داخل سنابل الخير، روح الفريق الواحد داخل المكان وحرصهم الشديد على تبليغ رسالتها التى شاهدنا ثمارها فى أصوات ندية، استمعنا إليها لعدد من الأطفال الصغار الذين لم تتجاوز أعمارهم الأحد عشر عاماً، ومع ذلك أتم الكثير منهم حفظ القرآن كاملاً بأحكامه السليمة المتقنة.
وعلى هامش الزيارة، التقينا مع حمدى فتحى النعمانى رئيس مجلس إدارة الجمعية الذى قال إنه تم إشهار سنابل الخير عام 2006 على يده ويد أربعة أشخاص آخرين جمعهم حب عمل الخير من خلال المساعدات الخيرية الموسمية مع دور الأيتام والمسنين، ثم تكونت لديهم فكرة إنشاء جمعية خاصة بهم يحققون من خلالها أفكارهم وطموحاتهم فى إثراء العمل الخيرى داخل بنى سويف، وبمجرد الشروع فى إقامة هذا الكيان ازداد عدد المتطوعين حتى وصل إلى أكثر من مائة متطوع من الشباب والفتيات، لافتاً إلى أن الجمعية كانت تهتم فى بادئ الأمر بافتتاح مراكز تحفيظ القرآن والحضانات، إلى جانب المساعدات الخيرية، ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى محاولة كيفية إحداث تنمية شاملة داخل المجتمع البنى سويفى.
وأشار إلى أن الجمعية مشهرة طبقاً لأحكام القانون من خلال مديرية التضامن الاجتماعى ببنى سويف تحت اسم اجمعية سنابل الخير للتنمية والمحافظة على القرآن الكريم وإحياء التراثب، ويتشكل مجلس إدارتها من سبعة أفراد، أربعة من الذكور، وثلاثة من الإناث، ويعمل بها مائة فرد موزعين على الإدارات التى تشتمل عليها الجمعية لتسيير مهام عملها.
سر نجاح
موضحاً أن الجمعية لديها هيكل تنظيمى غاية فى الدقة وهو سر نجاحها وتقدمها حيث تتكون الجمعية من جمعية عمومية، ومجلس إدارة، ومدير تنفيذى، وإدارة للبرامج، وإدارة مالية، وشئون إدارية.. الكل يعمل بروح الفريق الواحد لا يلوا على شىء سوى تحقيق مصالح الجمعية التى قامت لأجلها فى خدمة المجتمع البنى سويفى وخدمة كتاب الله عز وجل.
خدمات لجميع القرى
وأضافت د. أميرة النعمانى (أمين صندوق الجمعية ورئيس اللجنة العلمية): أنه منذ إنشاء الجمعية وبداية مزاولة نشاطها، نجح القائمون عليها فى توصيل خدماتها إلى جميع مراكز وقرى محافظة بنى سويف، وكان من ثمار ذلك إنشاء عدد 22 مركزاً موزعة داخل الإقليم كالآتى: مركز نديل، أبشنا، شريف باشا، منقريش، الجزيرة، شرق النيل 1، شرق النيل 2، شرق النيل 3، المركز الرئيسى، كورنيش النيل، بلى بخيت، الفقاعى، الشقر الفشن، ومنشأة عاصم، وغيرها.
مساعدات خيرية
مؤكدة أن كل فرع من هذه المراكز يعتبر منارة للقرية التى يوجد بها جميع المجالات التعليمية والصحية والاجتماعية والمساعدات الخيرية، واشتماله على حضانة ومكتب لتحفيظ القرآن، وقاعدة بيانات مسجل بها الحالات التى تستحق المساعدة والدعم.
وأشارت إلى أن الجمعية تحرص كل عام على إقامة حفل سنوى لتكريم خريجى المراكز من حفظة القرآن الكريم تحت رعاية المحافظ وتسليمهم جوائز عينية ومادية وتقديم رحلات عمرة لأولياء أمورهم مكافأة من الجمعية لأولياء أمورهم الذين شجعوا أبناءهم على مواصلة رحلة الحفظ حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه.
دورات تدريبية
وتابعت أن الجمعية تحرص على الاهتمام بمجال التدريب داخل مراكزها، وكان من ثمار ذلك عقد دورات، وتدريب لمعلمات الحضانات على طريقة نور البيان، وتخريج أكثر من مائة معلمة حاصلة على شهادات نور البيان، وعقد الدورات الخاصة بالإرشاد الأسرى والمقبلين على الزواج بالتعاون مع الأوقاف، إلى جانب تنظيم ندوات توعية داخل المدارس الإبتدائية والإعدادية، وتنظيم حفلات لتكريم أوائل الطلبة، والمشاركة فى تدريب رواد المشروعات بالتعاون مع التربية والتعليم، والمشاركة فى إنشاء النادى العلمى لاكتشاف العباقرة بالتعاون مع التربية والتعليم، والتعاون مع المركز الإعلامى فى التدريبات والمحاضرات الصحية، والسيكولوجية القائمة فيه، والتعاون مع المجلس القومى للمرأة فى مجال التوعية.
مبادرات
وأضافت أن الجمعية أولت المجال الصحى اهتماماً كبيراً وكان من ثمار ذلك تنظيم القوافل الطبية بالتعاون مع مديرية الصحة، وعمل مبادرات اجيل بلا أنيميا بالتعاون مع مستشفى القوات المسلحة للكشف عن مرض الأنيميا لأطفال المدارس، وعمل مبادرة (فرسان الصحة) بالتعاون مع الأطباء من خلال عياداتهم للكشف المجانى على الحالات، وقد وصل عدد الأطباء المشاركين فى المبادرة إلى أكثر من 50 طبيباً بإجمالى 500 كشف شهرياً، بالإضافة إلى عمل مشروع (صيدلية الخير) بالتعاون مع صيادلة المحافظة لصرف العلاج اللازم للحالات المستحقة، وقد وصل عدد الصيدليات المشاركة أكثر من 40 صيدلية، إلى جانب المشاركة فى تركيب أطراف صناعية للمعاقين، والمشاركة فى توفير أسطوانات أوكسجين للحالات فى العزل المنزلى وعلاج كورونا.
رعاية اجتماعية
وقالت إنه فى مجال الرعاية الاجتماعية تم تنفيذ عدد 30 وصلة مياه، وإقامة 40 مشروعاً صغيراً لزيادة دخل الأسرة، وكفالة 50 أسرة وطفل يتيم، وتنظيم زيارات دورية لمستشفيات المحافظة ودور المسنين، والمشاركة فى احتفالات يوم اليتيم وتكريم أوائل الطلبة.. إلى جانب توزيع خمسه آلاف شنطة مواد غذائية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى (مصر الخير، وبنك الطعام، ونهضة بنى سويف) وتنظيم معارض ملابس سنوياً، ومساعدة 20 أسرة بأثاث منزلى، وتقديم مساعدات علاجية لعدد 50 حالة،. إضافة إلى الإطعام الشهرى من لحوم ووجبات جافة، وسداد الديون للغارمات بواقع مائة ألف جنيه، كما قامت الجمعية بمشروع القروض الدوارة شملت جميع أنواع القروض متناهية الصغر بدءاً من ثلاثة آلاف جنيه وصولاً لمبلغ ألف جنيه، وقد وصل عدد المستفيدين من القروض 173 فرداً خلال عامين فقط.
أكاديمية سنابل الخير
وأشارت د. رحاب رجاء على مدير الجمعية إلى أن سنابل الخير كانت تهدف منذ بداية تأسيسها إلى تفعيل الجانب العلمى الشرعى خاصة علم القرآن الكريم فى حياة المسلمين والعمل به، وذلك بعد أن وجدت الجمعية أن بعض المسلمين يتلون كتاب الله دون فهم لمعانيه أو التخلق بأخلاقه لذلك تم تأسيس أكاديمية تدبر القرآن الكريم كمركز علمى لدراسة العلوم الشرعية، وتدبر القرآن الكريم والعلم به بحيث تكون الأكاديمية الأولى من نوعها فى مصر، مؤكدة أن الجمعية تهدف إلى أن تكون الأكاديمية كياناً رائداً لتعميق تدبر القرآن عملياً وعلمياً فى نفوس الناس عن طريق الدراسة الصحيحة لمبادئ العلوم الشرعية.
وأضافت أن رسالة الأكاديمية تتلخص فى السعى إلى تأجيل عبادة التدبر بمنهج تعليمى يتيح للدارسين القدرة على التطبيق العلمى وذلك بأن يتخذ المسلمون من القرآن منهجاً لترشيد وترقية السلوك فى جميع مجالات الحياة والعيش مع كتاب الله تأملاً وتفكراً واستجابة، كما تسعى الأكاديمية إلى إعداد جيل من الدعاة والعلماء المتخصصين المتميزين فى مجالات الدراسات الشرعية والقرآنية علمياً وفكرياً وسلوكياً، وتهدف إلى ترسيخ مبادئ العلوم الشرعية بمنهج علمى معتمد، وتفعيل تدبر القرآن الكريم مع تعليم علوم التجويد والقراءة الصحيحة، ودراسة علوم الغاية وعلوم الآلة وعلوم القرآن.
وأشارت إلى أن الجمعية قامت ببعض الأعمال الدعوية من خلال الأكاديمية منها حملتان سنويتان اليَدّبر آياته وكان من إنجازاتها مناقشة العديد من الأبحاث السنوية للطلاب الدارسين والمشاركة فى المؤتمر الأول للهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم فى الرياض بمشاركة 36 دولة، وانفردت الأكاديمية بالتوقيع الوحيد لعقد شراكة مع الهيئة الموقرة، إلى جانب المشاركة فى المؤتمر الأول للشيخ ناصر القطامى ومحاضراته فى تدبر القرآن الكريم تحت عنوان االتاءات العشر.
المصدر : اللواء الإسلامي
